كتبت ـ شيخة العسم:
التسول ليس ظاهرة جديدة على المجتمعات بل قديمة جداً، ولأنها كذلك تفنن البعض في أساليب سؤال الناس تماماً كالسرقة!، والفرق أن اللصوصية تمارس في ظلام الليل، بينما يسلب المتسول نقودك في وضح النهار و»عينك عينك»!.
ولأن الظاهرة انتشرت وشاعت، بت لا تميز المحتاج الحقيقي من مدعيها، وهنا ينقسم الناس لنصفين، فريق يرى المتسول أفاقاً كذاباً لا يستحق المساعدة، وفريق ثانٍ يدفع ما تيسر ويطلب الحسنات من الباري عز وجل.
فن وموهبة!
كانت فاطمة سعد في طريقها للتسوق بأحد المجمعات التجارية عندما توقفت عند محطة بترول، وإذا بشاب في مقتبل العمر يضج حيوية ونشاطاً يتحدث لصاحب السيارة المتوقفة أمام سيارتها مباشرة «ظننت لوهلة أنه يعرف صاحب السيارة، إلا أنه توجه إلي وطلب مني فتح نافذة السيارة».
استغربت فاطمة وظنت أن الشاب يبحث عمن يدله إلى مكان ما «لكنه أشار إلى بطنه وقال إنه جائع ويحتاج نقوداً حتى يأكل»، ما أثار حفيظة فاطمة أن لباس السائل كان مرتباً جداً وعلى الموضه «نفحته ديناراً وانصرف لحال سبيله».
فور عودة فاطمة إلى المنزل أخبرت أخاها بالحادثة فقال لها «هؤلاء يتعاطون المخدرات ويتسولون لتوفير أثمان الجرعات.. ديري بالك».
ويقص محمود عباس حادثة مشابهة «كنت ذاهباً مع زوجتي إلى أحد المطاعم، فإذا بمراهق لا يتجاوز الخامسة عشرة يمد يده بالسؤال حتى يشتري طعاماً يقيم أوده».
منح محمود السائل مبلغاً من المال، فأنكرت عليه زوجته وقالت «هذا عيار ما هو بمحتاج» وأضافت «البحرين بلد خير من يوم يومها.. محد يموت من الجوع».
بدا المتسول لمحمود من شكله ولباسه أنه ينتمي لعائلة متوسطة وليست فقيرة، فيما قالت زوجته «هاذيلين إللي راح يشوهون صورة شبابنا وبلدنا».
بين الحقيقي والمزور
يلاحظ علي الخاجة أن كل المتسولين شباب ناضج في مقتبل العمر «يمد يده وكأنه عاجز عن العمل، أليس الأولى أن يذهب للبحث عن عمل شريف يغنيه عن هذا الموقف».
يفخر علي عندما يجد الشباب البحريني يعمل في المطاعم أو بسياقة الحافلات «البعض يسرق أو يتسول ولا يبحث عن مهنة شريفة.. وآخرون يكدون الليل والنهار بحثاً عن لقمة عيش مغمسة بالعرق».
وتبدي سوسن حمد أسفها وقلقها من انتشار ظاهرة التسول في البحرين «التسول سمعة تشوه صورة البلد، البحرين خيرها كثير، وهناك جمعيات خيرية تساعد المحتاجين، ووزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى للمرأة لا تغفلان عن محتاج أو مطلقة أو أرملة، فلماذا التسول؟!». أم عدنان تقول «طرارة المساجد صارت قديمة « وتضيف «المتسول اليوم يأتيك إلى مكان عملك، أو يسدون طريقك أمام المطاعم والأسواق التجارية والبنوك، لينزعوا عذرك بعد توفر المال بجيوبك».
في إحدى المرات ذهبت أم عدنان مع ابنتها بغرض التسوق «وإذا بشخص أجنبي يتسول بورقة ويتحدث بلغة الإشارة فقط، لم أعره أي اهتمام، ولما ذهب صادفناه في طريق العودة، نظر إلينا بحقد وهو يشير إلى فوق، وكأنه يقول الله ينتقم منكم لأنكم ما عطيتوني بيزات، ولكني لم آبه لحاله فهو شاب يستطيع مزاولة أي عمل شريف».
نورة فيصل كانت في طريقها إلى مطعم «كوكوز» برفقة إحدى الصديقات «عندما صادفنا أجنبياً وبيده حقيبة، وأخرج منها ورقة مكتوب عليها آيات قرآنية، ويبيع كل ورقة بدينار، وهذا نوع جديد للتسول، استوقفنا لبيعها إلا أننا لم نقبل شراءها».
ظل االمتسول يلاحق الصديقتان ويلحف بالسؤال «حتى اضطررنا لشراء ورقتين وتركنا في حال سبيلنا» وتتساءل نورة «أين شرطة المجتمع عن هؤلاء؟ هم يزعجون الناس ويشوهون صورة البلد بذرائع واهية».