قال العلماء في تفسير قوله تعالى «ولمن خاف مقام ربه جنتان»، إن «من اتقى الله من عباده، فخاف مقامه بين يديه، فأطاعه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه فله عند ربه جنتان أي بستانين». وأوضح العلماء أن «الآية الكريمة لها تفسيران معروفان، أحدهما: أن المراد بقوله: مقام ربه: أي قيامه بين يدي ربه، فالمقام اسم مصدر بمعنى القيام، وفاعله على هذا الوجه هو العبد الخائف، وإنما أضيف إلى الرب لوقوعه بين يديه، وهذا الوجه يشهد له قوله تعالى: «وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى»، فإن قوله: ونهى النفس عن الهوى: قرينة دالة على أنه خاف عاقبة الذنب حين يقوم بين يدي ربه، فنهى نفسه عن هواها».
أما الوجه الثاني عند العلماء فهو أن «فاعل المصدر الميمي الذي هو المقام -هو الله تعالى- أي: خاف هذا العبد قيام الله عليه ومراقبته لأعماله وإحصاءها عليه، ويدل لهذا الوجه الآيات الدالة على قيام الله على جميع خلقه وإحصائه عليهم أعمالهم كقوله تعالى: «الله لا إله إلا هو الحي القيوم»، وقوله تعالى: «أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت»، وقوله تعالى: «ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه»».