كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
محمد إسماعيل بحريني يتميز بميزة غريبة تدخله موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، حفظ عن ظهر قلب أرقام هواتف البحرين كلها وحتى أرقام سياراتهم وعناوين محالهم التجارية، كان باختصار كمبيوتر أرقام.
محمد إسماعيل فتح دفاتر ذكرياته، تحدث عن بدايات عمله في «بتلكو» عاملاً في البدالة وتدرج فيها بعدة مناصب إثر عودته من دورة دراسية في لندن، ثم رئاسته لتحرير مجلة «ليالينا» حيث استضافنا لثلاث ساعات، عاد بنا إلى مقاعد الدراسة وهواياته في الملاعب الرياضية وعشقه للأرقام وتواصله مع أصدقاء مازال يدين لهم، ولا يستطيع نسيانهم.
ذكريات الدراسة
أصدقاء محمد في المدرسة مازالوا موجودين ويتواصل معهم باستمرار ورغم كل السنين ظلت علاقته بهم على حالها «لم تستطع السنون أن تؤثر أو تمحي أياماً عشناها على مقاعد الدراسة.. أصدقاء الدراسة في الإعدادي مازلت أتواصل معهم، ولو أني لا ألتقي بهم باستمرار، لكن زملاء التوجيهي لا أستطيع نسيانهم ولهم فضل كبير على مسيرة حياتي، منهم سيد نصيف، شوقي الزين، أحمد كاظم، أحمد الجابر مازال صديقاً عزيزاً لا يمكن أن أنساه، وإسماعيل السعد، ومجموعة كبيرة أخشى أن أنسى ذكر أحدهم فهم أصدقاء لهم عندي معزة كبيرة وقريبين من قلبي، وهم من الأصدقاء لا يمكن لي أن أنساهم، نحن نلتقي باستمرار ونتعاون متى اقتضت الحاجة، هي علاقة لا نستطيع أن ننساها لخطة من اللحظات، هم يعيشون بداخلي وأنا أعيش بداخلهم».
العلاقة مع الصحافة
في صحيفة الأيام بدأت علاقته بالصحافة عام 1998 «العلاقة مع الأيام بدأت من خلال ناصر محمد، هو ليس بصديق بل أخ لم تنجبه أمي، علاقتي بناصر محمد أبو بدر أدخلتني دهاليز الصحافة ومتاعبها، كنا دائماً مع بعض وفي لحظة يريد مني أن أرافقه إلى الجريدة ليكمل كتابة موضوع أو عموده الأسبوعي».
طلب ناصر أن يمضيا لفترة لا تزيد عن نصف ساعة لينهي أعماله «رافقته إلى الجريدة لينجز عمله، وكان في السابق لا يوجد اتصالات ميسرة حالها اليوم، فالفاكسات التي تأتي عليها الأخبار العربية والأجنبية ورقية.. عليك تقطيعها وتجميعها واختيار ما يناسبك وتعديل ما تود أن تعدل عليه ثم تضع له العنوان وترسله للصف، إن لم تحتج لإعادة صياغته من جديد أو أن تنتظر متابعة الخبر، كان عليك إن أردت الكتابة عن مباراة أن تتصل بأحد المشاركين وأن تأخذ منه تفصيلاً كاملاً عن أحداثها، فلا آيباد ولا صور ترسل على هاتفك كما هو حاصل الآن».
ناصر كان بدأ يستدرجه لدخول عالم الصحافة «في كل زيارة إلى الجريدة أرافقه، كان يطلب مني أن أشاركه تعديل هذا الخبر أو متابعة آخر كي نستعجل الأمور ونواصل جولتنا خارج نطاق العمل، وأنا بدأت أعشق العمل الصحافي دون أن أشعر أنه بدأ كالدم في عروقي لابد لي من التزود منه والدخول لعالمه».
الصحافة بالصدفة
ليس ناصر وحده من جره للعمل الصحافي «لكن وجود الصديق محمد لوري على رأس القسم الرياضي كان له أيضاً بصمة في حياتي، أتذكر أن لوري أعطاني كتاب «مدخل للصحافة» وطلب مني قراءته، هو فعلاً مدخل يأخذك من بداية دخولك إلى الصحافة وكل الأبواب والزوايا التي يمر عليها الصحافي من قسم الأخبار إلى المقالة إلى العمود، وفعلاً استفدت منه كثيراً، ومازلت احتفظ به حتى أني الآن في «ليالينا» دائماً عندما يأتي صحافي مستجد يعمل بالمجلة أقدم له الكتاب كي يتعلم المهنة بالطريقة الصحيحة».
عشق محمد الصحافة «كنا في الأندية نحرر مجلات الحائط، وفيها العديد من الأبواب المنوعة وكانت هي مدخلنا، إن لم تكن الخطوة الأولى نحو عالم الصحافة».
مع علاقته بناصر ولوري وتوجيهات نبيل الحمر، بدأت خطواته تتسع مع الصحافة «كنا أصدقاء مع كل العاملين في المجال الصحافي الرياضي، هناك من الأصدقاء والزملاء عباس العالي، ماجد سلطان، سلمان الحايكي، ماجد العرادي نتساعد مع بعضنا البعض، هذه ميزة جميلة في الصحافة البحرينية، كل الصحافيين حتى لو كانوا من جرائد مختلفة هم أصدقاء، متى احتجتهم تجدهم يدك اليمنى في العمل».
الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة أبو عبدالله «كان يومها رئيساً للمؤسسة العامة للشباب والرياضة وكان لا يناديني إلا بالصحافي الناشئ.. وكلما التقيته أو زرته كان يرحب بي هلا بالصحافي الناشئ.. بعد فترة حصلت على ترقية من الشيخ عيسى وبدأ يناديني بالصحافي المحترف، وبأسلوبه المرح كان يقول لي (بسك عاد الحين ما يصير كل هالسنين وأنت صحافي ناشئ الحين أنت محترف)».
في تغطياته للمباريات كانت له طريقته في كشف الخبر وما وراءه «عندما كلفت بتغطية مباريات دوري كرة السلة، وأنا بالأساس لاعب كرة قدم، لابد لي من أن أتعرف على دوري السلة، كنت اجتمع بالمدربين في الدوري السلاوي منهم سعيد العرادي أو أبدأ بالسؤال عن طريقة اللعب وتغييرها، كنت أنقل تحليل المباراة بوجهة نظر فنية متخصصة، كي تكون صادقاً في عملك وناجحاً أيضاً، حتى كرة الطائرة كان يومها محمد حمادة رئيساً للاتحاد، وكنت أتصور أنها عملية بسيطة، كنت أقول له الطائرة ليست باللعبة الصعبة، واحد يرسل وواحد يكبس والثالث يستقبل فأقنعني أنها لعبة فيها الكثير من الفنون والدراسات، وسافرت معه في عدة دورات والتقيت بالفنيين بالاتحاد والمدربين منهم رضا علي، عيسى القطان وهم من علموني الفرق بين مركز ثلاثة وأربعة ولماذا التغييرات في هذه المراكز إلى أن تعلمت أصول اللعبة، وبالنسبة للبولنج والقدم لم تواجهني مشاكل لأني بالأساس أمارس هاتين اللعبتين».
في عالم الرياضة
هذه العلاقات من خلال العمل في المجال الرياضي عرفت محمد على الكثير من الأصدقاء وقربته منهم «شاركت في العديد من البطولات والدورات، وسافرت كثيراً لتغطية البطولات الخارجية، ومن هذه المشاركات في تونس حضرت كيف تستثمر كأس العالم عندما تأهلت تونس والسعودية لنهائيات كأس العالم، وأتذكر في تلك الفترة كان صادف عيد الأضحى واشترينا خروفاً وذبحناه والتقينا والزملاء الخليجيين والعرب على غدوة العيد».
وصل محمد اليوم إلى مركز عضو الإعلام الخليجي الرياضي، ورئيس لجنة الإعلام الرياضي في البحرين المنبثقة عن جمعية الصحافيين «مع العديد من الآراء والاختلافات مازلنا نواصل لقاءاتنا أن نستثمر هذه اللجنة في العمل الذي يعول عليه الصحافيين في الملاحق والصفحات الرياضية في صحافتنا البحرينية، ولابد لنا مع الأيام أن نتوصل إلى صيغه موحدة ترضي الجميع وتدفع بالعمل الرياضي إلى مناطق أكثر أمناً».
عاشق لندن
محمد إسماعيل أبو يوسف من عشاق السفر، وأكثر سفراته الشخصية موزعة بين القاهرة ولندن «أحب لندن كثيراً لأني درست فيها الدبلوما وكانت لي ذكريات جميلة عندما بعثت من شركة بتلكو، لكن ذلك لا يمنع أني سافرت مع المنتخبات إلى دول شرق آسيا، فأنا تقريباً زرت نصف دول العالم مع بتلكو والنصف الآخر عندما عملت في المجال الصحافي الرياضي». السفر بالنسبة له متعة وكل فرصة يحصل عليها لا يفوتها «من الأصدقاء الذين استمتع بالسفر معهم ناصر محمد وجعفر حبيب، المرحوم أحمد جاسم أبو مروان أمين عام اتحاد الكرة السابق أيضاً السفر معه متعة، وماجد سلطان سافرت معه شهراً كاملاً مع المنتخب إلى تشيكوسلوفاكيا وكانت من أحلى السفرات التي لا تنسى».
يوسف وأبو يوسف
يقول محمد «بالنسبة لأولادي أعتقد أن ابني الأكبر يوسف أجد فيه الكثير من شخصيتي عندما كنت شاباً في سنه، هو دائماً طموح ويذكرني بالحياة التي كنت أكافح فيها من أجل النجاح، كنت دوماً أبحث عن الأفضل ولا أتوقف عند حد معين، هو الآن أجد فيه هذا الطموح ويسلك نفس الدرب الذي كنت أسلكه، حتى في علاقاته واتصالاته وتكوين الأصدقاء وحبه للناس دائماً أجده مرآة لشخصيتي، وهذا لاشك يسعدني كثيراً عندما استطعت أن أنقل واحدة من صفاتي التي اعتز بها إلى أحد أبنائي».
يعتبر محمد نفسه صديقاً لأبنائه «أنا والد ديمقراطي لا أفرض عليهم مواقف أو صور من الحياة لكني أناقشهم في أمور حياتهم والحياة متسعة ولابد لنا أن نلتقي لعدة مرات وأيام في استكمال القضايا التي نناقشها، أنا أشاركهم إجازاتهم نخرج مع بعض إلى المقاهي والسينما حتى أني بعض الأحيان أعرف يوسف للأصدقاء على أنه شقيقي الأصغر وليس ابني، أنا استمتع وأشعر أن أولادي هم أيضاً راضين كل الرضا عن هذه العلاقة التي تربطني بهم، وأسلوبها والتعامل مع بعضنا البعض، ونحن كعائلة نلتقي كل خميس على الغداء ونتبادل الآراء ونسأل بعضنا البعض عن ظروف الحياة العملية ونتناقش في كل الأمور التي تهمنا جميعاً، وما في شك أن أمور الوطن وسلامته في مقدمة كل القضايا التي نتناقش فيها ونتداولها بين أفراد العائلة، ودائماً الدعوات بسلامة الوطن لأنه سلامة الجميع».
من الاتصالات إلى الصحافة
عندما ترك العمل في مجال الاتصالات في «بتلكو»، ودخل المجال الإعلامي لم يشعر أبو يوسف أن هناك فرقاً كبيراً بين المجالين، لأن الاثنين يلتقيان في الكثير من الأمور «في مجال الصحافة بدأت بعمود «يقولون»، وهذا العمود خلق الكثير من المشاكل لأني دائماً أبدأ «يقولون إن هناك مشكلة» فكانت ردة الفعل كبيرة والشكاوى كثيرة على العمود، لأنه يعري الكثير من الأخطاء الموجودة في الاتحادات الرياضية والأندية أيضاً».
وكان رئيس التحرير في ذلك الوقت نبيل الحمر «يسألني فأجيبه أن الأخبار دائماً استقيها من مصادري الخاصة، ولا يمكن لي أن أفصح لهم عنها، لكنهم «الاتحادات» إن كانت لهم وجهة نظر لماذا لا يردون أو ينفون ما جاء في العمود».
ذلك ما يدل على أن الرأي الذي طرحه كان حقيقة واقعة «بعدها اقترح علي لوري مادام أنت تكتب كل خميس، اقترح عليك أن تغير اسمه من «يقولون» إلى «خميسيات»، وحتى ترتاح من الطحنة والمشاكل والشكاوي».
وكما تعلم وأنت كاتب عمود وصحافي أن كتابة العمود ليس بالسهل «كان لوري يصلح لي الكثير من بناء الجمل وكنت دائماً استعين به، وأنا شعرت أن الكتابة في الصحافة تعود لمزاجك الشخصي فأنا الآن في «ليالينا» عندما أكتب الافتتاحية يطلب مني ثلاثمائة كلمة وأتفاجأ أني أكتب ثمانمائة وأكثر ودائماً أنا في مشاكل مع الزملاء في المجلة الذين يعيدون لي العمود لاختصره في كل عدد تقريباً، وأحياناً عندما يكون مزاجك غير رائق تشحذ الفكرة وبالعافية تكتب مائتي كلمة». الصحافي بحاجة إلى جو يساعده على كتابة المقالة والعمود «عمله كله مرتبط أن يكون في مزاج رائق كي يستطيع أن يعطي وبغزارة في عمله».
ماذا بعد ليالينا
عام 2004 بدأ إصدار مجلة ليالينا «كنا نطبع خمسة آلاف نسخة فقط، وفي عام 2005 بدأ الإقبال يتزايد على المجلة ووصلنا إلى عشرة آلاف نسخة، وفي المجلة 2300 مشترك مضمون في السوق، ونحن ما يفيدنا تواجدنا في كل الفعاليات في البحرين ومن ضمنها الأفراح وأعياد الميلاد والحفلات الخاصة وكل فعاليات الشركات والمؤسسات والخدمات المجتمعية التي تقام في البحرين».
في السابق عندما كان في الأيام في قسم الرياضة مع أربعة محررين كان وجودهم في كل المشاركات «كان له دور مهم يعكس النجاح، الآن الأمور اختلفت الكثير من الاتحادات والأندية لديها علاقاتها العامة التي تحرر أخبارها وتبعث بها للصحف، وأنت لذلك كقارئ لا تشعر بطعم الجهد المبذول، ناهيك في أن الكثير من الصحافيين الشباب اليوم اعتادوا مواصلتهم بالمصادر والأخبار من خلال الاتصال دون الحضور ما يعطي للخبر دلالة الضعف والتكرار مع الصحف الأخرى».
الأمور القادمة كما يقال تنذر بنهاية الصحافة الورقية المقروءة بقدوم الواتساب والتوتير والإنستغرام «هذه الخطوات الجديدة هي ما تسحب البساط من تحت أقدام الصحافة الورقية وما يعزز هذه الخطوات وجود الصحافيين الاتكاليين صحافي المكاتب والتلفونات ولا يوجد صحافي كالسابق ينزل إلى الموقع للحدث ويغطيه من موقعه، لكن الموجودين لديهم عناوين وهواتف المسؤولين ومن يتواصلون معهم وهم شخصيات أصبحت مكررة ومملة، كثيراً ما تجدها في القضايا التي تكون من اختصاصها أو حتى التي لم تكن من نفس الاختصاص وهناك للأسف ناس تحب تشوف صورها في الجرايد وبس، وبحسب تصوري أن الصحافي لو أضاع أرقام الهواتف لتورط وأصبح بلا قلم، فموادهم اليوم تولد ميتة ولا لون فيها ولا طعم».
ويضيف «أنت لا تشعر بالمادة المكتوبة اليوم إنها طازجة، وأن الصحافي الذي كتبها بذل فيها مجهوداً إلا من خلال هاتف في المكتب وهو يشرب الكوفي، وهذا ما يجعل الكثير من الصحافيين معلوماتهم ضحلة ولا يقرؤون ولا يطلعون وهذه أكبر مشكلة».
أخاف من الكلاب
عندما كان محمد طالباً في المدرسة لم تكن أمور المواصلات موجودة «كنت أذهب للمدرسة سيراً على الأقدام، وكنت في المدرسة الغربية، أصلها بعد اجتيازي للمقبرة وبعدها الوسطى، وعندما توظفت في بتلكو كنت أملك «سيكل» وهي المواصلات التي كنت استخدمها بالذهاب للعمل، وأنا أخاف من الكلاب وفريج الفاضل مشهور بكثرة الكلاب الضالة، وعندما أركب السيكل دائماً أحاول أن أبحث لي عن طريق لا اصطدم فيه بهذه الكلاب، فكنت أسلك الطريق الأطول على شارع الحكومة وكنتاكي».
وكان قبل ذلك هناك مطعم «كنت أسلك هذا الدرب وأنا أتلفت يمنة ويسرة خوفاً أن تظهر لي مجموعة من الكلاب وتهاجمني، ومن الأشياء التي لا أنساها والتي هي سبب خوفي من الكلاب، أنه عندما كنت عائداً من العمل في أحد الأيام على «سيكلي» اعترضني ستة كلاب بأحجام مختلفة، وفوجئت بظهورها أمامي بعد أن شعرت أني في طريق خال من الكلاب وإذا بها تظهر من أحد «دواعيس» الفاضل وتهاجمني هذا ما جعلني ارتبك ولا أدري كيف الخلاص من هذه الكلاب، وكلما أسرعت في السير بالسيكل زادت سرعتها أكثر وأنا أصرخ وأستنجد عسى أن ينقذني أحد أو أنها تخاف، وفعلاً تراجعت جميعاً بعد أن شعرت أني جبان وخواف إلا واحد منها أصر على ملاحقتي والاصطدام بسيكلي وهو ما جعلني أسقط على الأرض، وأغمي علي من شدة الخوف ولم أستعد ذاكرتي إلا وأنا في حضن والدتي وهي تنقع خواتمها الذهب ومضاعدها في ماء وتسقيني إياه، وعندما سألتها السبب قالت لكي يذهب عنك الخوف ويزول الشيطان ولما استعدت عافيتي سألت الأهل كيف وصلت إلى البيت قالوا إن الشرطة هم من أحضروك بعد أن وجدوك ملقياً على الأرض وسيكلك بجانبك وكنت فاقداً للوعي».
كلاب بريطانيا
في بريطانيا عندما ذهب مبتعثاً من بتلكو «كان شرطي ألا أمانع بالسكن مع أية عائلة لكن شرطي ألا يوجد عندهم كلب، مع أن بريطانيا لا توجد عائلة بدون كلب».
كان شرطاً وثقه مع الشركة ضمن عقد السكن في بريطانيا «وأنا قادم من المطار بالتاكسي إلى العنوان الذي سأسكن فيه كان أفراد العائلة ينتظروني عند مدخل البيت لكن الغريب أنه كان من ضمن أفراد العائلة كلب». أشار لسائق التاكسي بمواصلة الطريق وعدم التوقف أمام هذا المنزل «قال السائق لكنه نفس العنوان الذي طلبته، قلت له أنا أعلم ذلك لكن خذني إلى أقرب فندق ولن أدخل هذا البيت، بعدها زارتني العائلة بكامل عددها في الفندق لإقناعي بتغيير رأيي واعتذروا لي وقالت لي الأم إننا آسفون وهذه كلبة طيبة وعمرها 15 سنة، وكان في اعتقادنا أنها ستموت قبل أن تصل أنت إلى لندن، لكني أطمئنك أنها طيبة ثم طلبت العجوز من الكلبة أن تقدم لي التحية وفعلاً مدت الكلبة يدها تعبيراً عن الترحيب لي، وبادلتها التحية وأنا كلي خوف».
بعدها رافقهم إلى البيت وتعرف على أفراد العائلة «أعجبني البيت وغرفتي كانت جميلة، وفي الليل احتفلت العائلة بحضوري بينهم وسهرنا في أحد المطاعم وفي العودة عندما فتحت باب غرفتي إذا بالكلبة تنتظرني وبطريقة أخافتني، فأغلقت الباب ودخلت من النافذة وغرفتي في الطابق العلوي ونمت، وفي الصباح شكيت حالي للأم العجوز فقالت لي أوه نسيت محمد أقولك إن غرفتك هذه كانت غرفة الكلبة، ولذلك هي زعلت أنك أخذت غرفتها وتعتقد أنك تعديت على حقها». ومن النوادر مع هذه الكلبة أنها أصبحت بعد ذلك صديقة له «في الصباح أنا من أصحو للفطور دون أفراد العائلة، وذلك قبل توجهي للجامعة، وكانت هي من تلازمني الفطور كل صباح بعدها اقترحت على العجوز أن آخذها معي للحديقة فقد كنت كل يوم أتمشى في «كوينز بارك رينجرز» القريب من السكن، فاقترحت أن آخذها معي لتوطيد العلاقة في ما بيننا، وأنا أخاف الكلاب كيف لي أن آخذها معي، فإذا بها الكلبة تترجاني وتتبسم لي وبعدها قبلت وأخذتها معي للحديقة لكن المشكلة أنها أصبحت مصدراً لمطاردتها من قبل الكلاب في الحديقة، وإذا بمجموعة كبيرة من الكلاب تمشي خلفي وكنت طوال الوقت أطرد الكلاب التي تتبعني وأسرع في خطواتي محاولاً الوصول للمنزل، وفكرت أكثر من مرة بتركها في الحديقة خوفاً من الكلاب التي تتبعنا، وبعد ذلك حرمت أخذها معي إلى الحديقة فقد كانت المرة الأولى والأخيرة، هذا من المواقف التي تعزز خوفي من الكلاب سواء في البحرين أو حتى في لندن».
الناس طيبين
ويقول أبو يوسف «الناس الأول كانوا طيبين وبسيطين وكانوا قريبين من بعضهم البعض، تصور كنه نمشي من فريجنه في المنامة إلى ملعب السلمانية كل يوم وكنت معجباً بعبدالحليم حافظ وأغني له أغنية «موعود» والربع يرددون معاي إلى أن نصل الملعب وبعدما نلعب التمرين نرجع إلى بيوتنا مشياً أيضاً، كان الإنسان بسيطاً، وأما اليوم فالإنسان يفكر في السيارة قبل أي شيء في حياته حتى أن الحياة بتفرض على الناس مستقبلاً أن يكون هدية الزواج سيارة لتطمئن العروسة أنها لن تحتاج لسيارة زوجها فكل بيت اليوم لا يخلو من خمس سيارات واللي ما عنده أول ما يتوظف يأخذ قرضاً ويشتري سيارة، وأنا أتصور أنه سيأتي لنا يوم لن نجد مكاناً لسيارات الناس في الفريج وستمتلئ الشوارع بها وسنقرر العودة للمشي على الأقدام لأنها الطريقة الأسرع».
ويذكر أنه في بيته السابق بمدينة عيسى كان عنده سيارة واحدة يوصل أولاده بها إلى المدرسة «بعدها أذهب للدوام ودائماً ما أتعرض لمساءلات في التأخير والخصم لأني دائماً أصل إلى المكتب متأخراً».
بعدها اتكل على جاره لتوصيله للعمل «زوجتي تكفلت بتوصيل الأولاد للمدرسة حتى لا يتم الخصم على مرتبي شهرياً، وفي عام 1986 اشتريت سيارة من خليفة الذوادي كانت داتسون «120B» وسعرها 600 دينار وكانت سيارة مستعملة، هي أول سيارة اشتريتها في حياتي.. كان المبلغ بالنسبة لي كبيراً في ذلك الوقت.. أما أول سيارة جديدة كانت كرسيدا عام 1991 بتاريخ 3-3-73 أعلنت خطوبتي بعد عودتي من الدراسة في بريطانيا وبعدها في 5-7-75 تزوجت وكنت اخترت هذه السنوات والأرقام قاصداً أن تكون حفلاتي في تواريخ متشابهة».
الأسبوع القادم
محمد «كمبيوتر حفظ أرقام كل البحرين
عن ظهر قلب»