كشف رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب النائب علي الدرازي أن “سكرتيرة أحد المسؤولين بشركة طيران الخليج تتقاضى أجراً يتجاوز 7 آلاف دينار، في إشارة صريحة إلى أن الشركة تتلاعب بأموال الدولة دون حسيب أو رقيب”. وانتقد الدرازي “مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لشركة طيران الخليج، واعتبرهما السبب الرئيس في الفساد المنتشر بالشركة والخسائر الكبيرة التي تتكبدها يومياً”، مؤكداً أن “أي نوع من أنواع المساعدة للشركة في وضعها الحالي، ووفق حيثيات الطلب المقدمة يعتبر إهداراً صريحاً للمال العام وتغذية مباشرة لبؤر الفساد بالشركة”. وأوضح أن “مبلغ 400 مليون دينار التي صرفت للشركة في وقت سابق قريب ذابت في منظومة هيكلية الشركة التي تحفز على استغلال المال العام والتنفع والتكسب منه عبر صيغ فساد صريحة، دون أن يكون لذلك الدعم أي نتيجة إيجابية تذكر على أداء الشركة أو ربحيتها”، لافتاً إلى أن “طلب الحكومة بضخ ما يزيد عن 660 مليون دينار أخرى لميزانية الشركة تم تقديمه دون أدنى عناية بتدعيمه بخطط واضحة الملامح لكيفية الاستفادة من المبلغ بما يفضي لإنعاش الشركة وإعادتها لسياق الربح، مما نتج عنه عدم اقتناع كافة أعضاء اللجنة المالية بالاستجابة للطلب، وهو ما يعني أن اللجنة في طريقها لرفض طلب الحكومة جملة وتفصيلاً، خاصة وأن الدولة لا يمكنها أن تتحمل نفقات بهذا الحجم الكبير دون أن تكون هناك وعود بتطوير الشركة أو تعهد باعتماد الشركة على ذاتها في تمويل عملها، بل وإن الجانب الحكومي أكد أن المبالغ المطلوبة ضخها في الشركة حتى عام 2014 ستبلغ أكثر من مليار ومائتي مليون دينار، وهو ما يقترب من دخل البحرين من النفط، وفي حال موافقتنا عليه نعتبر شركاء في سوء التعامل مع المال العام وهذا لن يحدث”. وقال الدرازي “اكتشفنا ونحن بصدد دراسة ملف الشركة وخسائرها أن هناك أسباباً موضوعية أدت لتكبد الشركة لخسائر فادحة أفضت لتدهور أوضاعها، فإضافة لمسلسل الأجور المرتفعة التي يتقاضاها الأجانب بالشركة وبعض المسؤولين البحرينيين، حرمت الشركة من كل الإجراءات التي تساعدها على تقليص مصروفاتها مثل أن تكون مطابخ التمويل الغذائي على متن الطائرات، وتقديم الخدمات الأرضية، والسوق الحرة، ناهيك عن تدريب كوادر تابعة للشركة لتستفيد من ربحيتها، فأصبحت الشركة تشتري كل تلك الخدمات بمبالغ خيالية ضاعفت من حجم مصاريفها، ما جعلها عاجزة حتى عن معادلة المدخول مع المصروف لتتمكن من البقاء والمقاومة”. وذكر الدرازي “كما تأكد بما لا مجال فيه للشك أن مجلس إدارة الشركة يعاني من ضعف شديد في إمكاناته التخصصية التي تؤهله لإدارة شركة بهذا الحجم، مما جعله بإجراءاته غير المحترفة يورط الشركة بعقود مكلفة لم تكن الشركة في حاجة إليها، لتستغل الإدارة التنفيذية المنتفعة من تلك العقود الضعف الفني لدى مجلس الإدارة، ناهيك عن الضعف الإداري والخبرة المالية، وهو ما جعل الشركة بين المطرقة والسندان، وفوت عليها كل فرص النجاة والعودة للسطح ليشدها تيار الفساد داخل الإدارة التنفيذية لحتفها غرقاً في مصاريف والتزامات لا حصر لها، وإذا ما وافقنا على ضخ مبالغ جديدة، فإننا لن نقدم الدعم للشركة، بل سنقدم الدعم لبقاء تلك الزمرة المتمصلحة التي لن تعوزها الوسائل لتطال يدها أموال الدولة التي سترمى في شركة ذات مستقبل غامض”. وطالب الدرازي الدولة “بتحويل كل المتورطين في أسباب تدهور وتكريس الفساد بالشركة للنيابة العامة، ومحاسبة كل المتسببين في إهدار المال العام الذي خصص لدعمها سابقاً، وهو الطريق الوحيد النزيه للتعامل مع شبهات الفساد، وإلا سيبقى يساورنا تساؤل مفاده لماذا السكوت عن هذا الفساد؟، رغم أن ما كشفته السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية عن الشركة ليس سوى قمة الجبل الجليدي والخافي أعظم”. على صعيد متصل، أعرب رئيس اللجنة المالية عن استغرابه من “ممثلي الحكومة الذين يدافعون عن طلب الدعم الذي لم يكترثوا بصياغة أهداف واضحة له، فضلاً عن إهمال حقيقي لمستقبل الشركة أو أهمية نجاتها ونجاحها في العودة للتعافي، في الوقت الذي لم يترددوا في تهديد اللجنة النيابية بتسريح العمالة البحرينية في حال لم يتم الموافقة على الطلب وتكبد الدولة مبالغ قد تصل إلى 400 مليون دينار، ناهيك عن تضرر الاقتصاد بفقده للناقلة الوطنية، ولقد أحصوا كل ذلك لكنهم لم يسعوا لإحصاء نتائج الدعم أو أن يقدموا أي ضمان على تطور للشركة نتيجة للدعم الكبير”. وأشار الدرازي إلى أن “ملف طيران الخليج يعد من الملفات التي تضع السلطة التشريعية والرقابية في محك تاريخي، فإما أن تضخ أموال الدولة في شركة مظلمة المستقبل بشهادة عرابيها من السلطة التنفيذية، وإما أن نحافظ على المال العام ونضخه في قطاعات سيشعر المواطن بأن وطنه يعتني به مثل ملف الإسكان والتوظيف والتعليم والملفات الاقتصادية الأخرى والبنية التحتية، وبذلك نكون وظفنا المال العام في التنمية الشاملة التي تسعى لرفاهية الناس، وليس لرفاهية المنتفعين الذين امتلأت جيوبهم من دفعات الدعم المقدمة لشركة طيران الخليج عبر سنوات عديدة كان آخرها قبل أشهر قليلة”.