قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إنَّ: «وسطية نهج الأزهر الشريف يماثلُ في مقصده وغايته ما انتهجناه في مملكة البحرين من اهتمامٍ كبير بتحقيق التعايش السمح بين الأديان والمذاهب والثقافات رغم تنوعها وتعددها، إرساءً لدعائم وحدتنا الوطنية والمصالح الإنسانية المشتركة، وتعزيزاً لمسيرة التآلف والمحبة المتجذرة في مجتمعنا البحريني».
وأضاف جلالة الملك، خلال استقبال جلالته يوم أمس بحضور في قصر الروضة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن مملكة البحرين تعطرت أرجاؤها بعبير رسالة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى حاكمها يومئذٍ، ليدخل أهلها الإسلام مختارين، مؤدين خراجهم بحب ووفاء للإسلام وأهله في كل مكان.
من جهته أكد فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر أن «الأزهر الشريف سيظل مع جلالة الملك، وإلى جوار شعب البحرين الشقيق حفظه الله من كل شر، وحفظ شعب البحرين من كل سوء ومكروه».
وأعرب إمام الأزهر، عن تشرفه بلقاء جلالة الملك، وسعادته بالتواجد بين شعب البحرين الكريم، وقال: «بعد أن سمعنا الخطاب السامي لقائد من قادة الأمة العربية، نقرر أن الأزهر الشريف، يشارك في تأكيده كل المعاني الكريمة التي وردت في خطاب جلالتكم وعبرتم فيها عن ضمير الأمة ومشاعر أبنائها».
وأضاف أن «البحرين في عقولنا وقلوبنا مكانة خاصة فهو الوطن العريق الذي تلاقت فيه الحضارات والثقافات الإنسانية واستطاع أن يستوعبها ويصوغ منها في ضوء ثقافته الإسلامية الغراء مزاجاً متحضراً رائداً في المنطقة متميزاً بالاعتدال والتوازن ومتسماً بالتفتح».
وفي ما يلي نص الكلمة السامية التي ألقاها جلالة الملك المفدى، خلال استقباله شيخ الأزهر:
«بسم الله الرحمن الرحيم،، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
يسعدنا الترحيب بكم على أرض مملكة البحرين التي أحب أهلها العلم والعلماء منذ بزوغ فجر الإسلام، حيث تعطرت أرجاؤها بعبير رسالة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى حاكمها يومئذٍ، ليدخل أهلها الإسلام مختارين، مؤدين خراجهم بحب ووفاء للإسلام وأهله في كل مكان.
صاحب الفضيلة،، إنَّ وسطية نهج الأزهر الشريف ظلت عبر العصور منارة يؤمها كل راغب في العلم والفكر المستنير من شتى أرجاء عالمنا الإسلامي، وكان لأهل البحرين حظ وافر من ذلك، حيث يكنُّ أهلها للأزهر الشريف وعلمائه ومفكريه كل حب واحترام. وإنه لمن التوافق المحمود اهتمام الأزهر الشريف في ظل رئاستكم، بكل ما يجمع الناس ويؤلف بينهم من خلال «بيت العائلة المصرية» بنهجها الإصلاحي وحسها الوطني، التي تماثلُ في مقصدها وغايتها ما انتهجناه في مملكة البحرين من اهتمامٍ كبير بتحقيق التعايش السمح بين الأديان والمذاهب والثقافات رغم تنوعها وتعددها، إرساءً لدعائم وحدتنا الوطنية والمصالح الإنسانية المشتركة، وتعزيزاً لمسيرة التآلف والمحبة المتجذرة في مجتمعنا البحريني. فحياكم الله بين أهلكم، نزلتم على الرحب والسعة في أرض السلام والإسلام.
ثم ألقى فضيلة الشيخ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف كلمة قال فيها:
«بسم الله الرحمن الرحيم،، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الاطهار وصحبه الأبرار
جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإني أشعر أنني مدين في البداية بتوجيه خالص الشكر وعظيم التقدير وعاطر الثناء إلى جلالتكم وإلى مملكة البحرين الشقيقة شعباً وقيادة لتفضلكم بتوجيه الدعوة الكريمة التي شرفت باستقبالها، وحرصت كل الحرص أن ألبيها بكل إعزاز وامتنان وفاء بحقكم، وتقديراً لمكانتكم العزيزة الغالية، وها أنا ذا مع زملائي من هيئة كبار العلماء نشرف بلقاء جلالتكم ونسعد بالتواجد بين شعب البحرين الكريم. والآن وبعد أن سمعنا الخطاب السامي لقائد من قادة الأمة العربية نقرر أن الأزهر الشريف، يشارك في تأكيده كل المعاني الكريمة التي وردت في خطاب جلالتكم وعبرتم فيها عن ضمير الأمة ومشاعر أبنائها. وتعلمون جلالتكم أن للوطن البحريني في عقولنا وقلوبنا مكانة خاصة فهو الوطن العريق الذي تلاقت فيه الحضارات والثقافات الإنسانية واستطاع أن يستوعبها ويصوغ منها في ضوء ثقافته الإسلامية الغراء مزاجاً متحضراً رائداً في المنطقة متميزاً بالاعتدال والتوازن ومتسماً بالتفتح والتسامح وسعة الأفق والتعاون على العيش المشترك. وأحسب أننا في مصر قد عشنا تجربة متشابهة وخبرة مماثلة في إعزاز الولاء للوطن والحفاظ على حقوق المواطنين والمساواة بينهم على أساس من المواطنة وحدها دون أي اعتبار آخر وتعلمنا أن الحوار في ظل التوافق الوطني هو السبيل الوحيد لاجتماع الكلمة واستقرار الوطن والحفاظ على المصالح وحماية المقدرات الوطنية.
وقد طالعتنا صحف اليوم أن هناك حراكاً وطنياً ينطلق من تصور شامل لإدارة الحوار وفق أصول مشروعة تدور حول التمسك بالدولة المدنية التي هي دولة المؤسسات والقانون وكذلك الإصلاح السياسي في إطار ما يقرره الدستور والقانون واحترام كل مكونات المجتمع البحريني وعدم تجاهل أي منها مع نشر ثقافة التسامح والتوافق والتكامل ونبذ العنف والكراهية والطائفية. ويسعدني أن أقول إنها المبادئ ذاتها التي قامت عليها وثيقة الأزهر الأولى التي اتفقت عليها كلمة المجتمع المصري بكل أطيافه ومؤسساته السياسية والفكرية وانعكست بوضوح في مواد الدستور الجديد لمصر.
ونحن إذ نسعد بزيارة مملكة البحرين في ظل هذا التوجه المبارك نثق أنه سيبلغ جهدكم المشكور غايته المنشودة لتحقيق آمال شعب البحرين في حياة آمنة كريمة مستقرة.
وأثق أن جلالتكم تتفقون معنا في أن المقصد الأعلى للمسلمين هو توحيد كلمتهم وتحقيق تضامنهم وحماية استقلال شعوبهم والعيش في ظل الحرية والكرامة والمساواة وأن الوحدة الوطنية لكل شعب من الشعوب الإسلامية هي الأساس لكل قوة حقيقية تجمع ولا تفرق تدوم ولا تنقطع وصدق الله العظيم: «ولا تنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين».
ولنتذكر دوماً حكمة شاعرنا العربي القديم
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا
حضرة صاحب الجلالة إن الأزهر الشريف إذ يشعر بالامتنان العميق والتقدير البالغ لجلالتكم يكرر شكره الجزيل واعتزازه بهذه الأريحية الكريمة وما لقيناه في رحابكم من حفاوة ومودة وأخوة وحسن استقبال. ويطيب لي أن أقول في ختام كلمتي إن الأزهر الشريف سيظل إن شاء الله معكم وإلى جواركم وجوار شعب البحرين الشقيق. حفظكم الله من كل شر وحفظ شعب البحرين من كل سوء ومكروه، اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا وتجمع بها شملنا وترد بها عنا الفتن يا رب العالمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين».
وأقام حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، مأدبة عشاء تكريماً لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حضرها صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وأصحاب السمو وكبار أفراد العائلة المالكة الكريمة، ورئيسا مجلسي النواب والشورى، وأعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والوزراء، ونواب رئيسي مجلسي النواب والشورى، ومحافظ المحافظة الجنوبية، والقائم بأعمال السفارة المصرية لدى المملكة.
رافق فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر، أعضاء هيئة كبار العلماء بجمهورية مصر العربية الشقيقة، للسلام على جلالة الملك المفدى، بمناسبة زيارته للمملكة تلبية لدعوة رسمية.