راودتني تساؤلات عديدة عندما ذهبت لتشييع جنازة بعد صلاتي في المسجد، وهو واجب وموقف إنساني حتى ولو لم تكن تعرف أهل المتوفى لأنه في النهاية إنسان مسلم، ولكن الغريب في الأمر الفرق بين حضور هذه الجنازة وجنازة أخرى ربما لم يشارك فيها إلا الأقربون.
صادف أن وصل إلى سمعي أحد المشاركين في التشييع من كبار السن، وكان يقول لرفيق دربه : هنا سوف يكون مصيرنا في النهاية ولم يبق من عمرنا إلا القليل، فرد عليه» أن رحمة الله على الجميع، ولكن شتان ما بين هذا وذاك «، فكلا المتوفيين كانا في جاه وعزة بين أهلهما وجماعتهما، يحسب لهما كل حساب، لكن تعاملهما وحياتهما ومماتهما أتوقع فيها من الاختلاف الشيء الكبير.
فتخيلت في ذهني هل الكراسي والمناصب هي التي تسبب عدوى التكبر على البشر، أم إن ذلك من النفس البشرية التي تتطلع للوصول إلى مستوى أكثر مما يستحقون أصلاً، وينظرون إلى باقي البشر على أنهم أناس لا يفقهون شيئاً وأنهم ليسوا من مستواهم و«بروتوكولاتهم».
لكن هذا ليس بمقياس ونظرية خاطئة فالكثير من أصحاب المال والأعمال يتسمون بالتواضع الجم، يقابلونك بروح طيبة ويعاملونك بحسن خلق، لا تفارق الابتسامة محياهم، يسألونك عن حالك وما تحتاجه، حتى وإن كان من باب المجاملة، لكن لها وقعاً قوياً في قلوب الناس. وكيف تستطيع أن تتقبل شخصاً يكلمك من طرف أنفه ويتعالى على البشر، هنا لابد أن توجه له السؤال: «من أنت... ولماذا ترى في نفسك؟!!». دائماً ما ترى هذا الصنف من البشر حين يكون قريباً من صاحب المال، وتزداد الحالة سوءاً وعنجهية إذا كان المتكبر ابن ذلك الوجيه، وتجده في صراعات داخلية مع نفسه ويفتعل المشاكل مع كل من يلاقيه في الشارع، مثل ما يقال في اللهجة البحرينية الدارجة «وراه ظهر» لا تكلمونه «شوي ويوصل القمر»، لذلك يتجنب العقلاء والناس الاحتكاك بهذه الشخصية قدر الإمكان، حتى لا يقعوا في مصيبة لا تحمد عقباها.
عبدالله الشاووش