لا يحل لمسلم رفع أدوات التدمير في وجه إخوته في الوطن والديندعا شيخ الأزهر، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب البحرينيين إلى التشبث والاعتصام بثقافة النسيج الوطني الواحد، والوفاء للآباء والأجداد بحفظ تراثهم، والتمسك بمنهجهم في الوحدة والتفاهم، والحوار والتناغم»، لافتاً إلى أنه السبيل الأوحد للاستقرار والسلامة، والأمن والكرامة.وقال في جلسة لتبادل الخبرات والآراء مع الجانب البحريني خلال زيارته للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أمس يرافقه أعضاء هيئة كبار العلماء بمصر، إن على أهل البحرين المضي في مسيرتهم الوطنية الواحدة، وبناء وطنهم الذي كان دوماً نموذجاً للتعايش والتماسك والاستقرار.ونبه الإمام الأكبر إلى أن الوحدة تقوم على أسس ثلاثة راسخة: الأخوة في الإيمان، والولاء الوطني المستمد من الإسلام، والعدل والمساواة بين جميع المواطنين على أساس المواطنة ذاتها دون تفرقة أو تمييز. وعقد الجانبان جلسة تضمنت تبادل الخبرات والآراء ترأس الجانب البحريني فيها رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بحضور نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة، ووزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، ومستشار جلالة الملك لشؤون السلطة التشريعية نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، وأعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعدد من العلماء والقضاة. ورحب سمو الشيخ عبدالله بفضيلة شيخ الأزهر والوفد المرافق له، منوهاً بالدور الحيوي والمهم الذي يضطلع به الأزهر الشريف في العناية بالثقافة الإسلامية الأصيلة وإعلاء قيم التسامح والفضيلة والخير. واستعرض سموه العلاقة التي تربط البحرين والأزهر الشريف، لافتاً إلى عمق الصلات الدينية والثقافية التي تربط المؤسسات البحرينية بالأزهر الشريف الذي تخرج واستفاد منه ومن إنتاجه الثقافي الكبير علماء البحرين وقضاتها. وأشاد سموه بمواقف شيخ الأزهر الداعمة والمساندة للمملكة، مؤكداً أن تلك المواقف ليست غريبة على الأزهر الذي عرف بالوسطية والاعتدال والحكمة والانتصار للحق. من جهته أكد شيخ الأزهر أن البحرين وجه الشرق العربي السمح، وهمزة الوصل الرابطة بينه وبين بقية العالم الإسلامي في وسط آسيا وشرقها، لافتاً إلى أنها الوطن الأصيل الذي كان من قديم ملتقى الثقافات والحضارات على مر التاريخ، والذي عاشت فيه المذاهب والعقائد والأفكار المختلفة دون صدام أو صراع، وتعلم فيه الإنسان ثقافة التعاون والتسامح والعيش المشترك، برغم تفاوت الأفكار واختلاف المذاهب والآراء، وتعود أن يصول ويجول في مجاهل الدنيا وبحارها، ويغوص في أعماق الماء، ويتعامل مع أجناس البشر، ويستمد من ذلك كله ثقافة الإخاء الإنساني، والوحدة الوطنية، والآمال والآلام المشتركة.وأضاف أن البحرين الوطن الذي استقبل منذ الصدر الأول رسالة الإسلام الحنيف، الذي يجمعنا جميعاً في رحابه، ويضمنا في جنابه. واعتبر الدكتور الطيب أن تجربة البحرين تشبه -مع الفوارق التي لا تخفى- تجربة الشعب المصري في الارتباط بالوطن ارتباطاً حميماً، والضرب في مناكب الأرض، ومجاهل البحر، وتطوير ثقافة النسيج الوطني الواحد، مع سماحة الفكر وسعة الصدر عند الاختلاف أو تنوع الفكر، أو تعدد مذاهب النظر والترجيح.ودعا فضيلته إلى التشبث والاعتصام بـ»ثقافة النسيج الوطني الواحد، والوفاء للآباء والأجداد بحفظ تراثهم، والتمسك بمنهجهم في الوحدة والتفاهم، والحوار والتناغم»، لافتاً إلى أنه السبيل الأوحد إلى الاستقرار والسلامة، والأمن والكرامة.ونبه الإمام الأكبر إلى أن الوحدة تقوم على أسس ثلاثة راسخة: الأخوة في الإيمان، والولاء الوطني المستمد من الإسلام، والعدل والمساواة بين جميع المواطنين على أساس المواطنة ذاتها دون تفرقة أو تمييز. معتبراً هذه الأسس «الضمان الذي يقينا زوابع الفرقة والاختلاف، ويجمعنا في رحاب الوطن إخوة متساوين متحابين».وحذر من «التفريط في أخوتنا الدينية ووحدة نسيجنا الوطني لأي سبب من الأسباب؛ لأنهما قاعدة الحياة المشتركة، وعصمة الحقوق، وأساس الوجود الوطني نفسه في وقت معاً».وأشار الإمام إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً»، لافتاً إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) «قال ذلك حين روع أحد الصحابة أخاه بحبل»، متسائلاً: «فكيف بمن يرفع أدوات التدمير في وجه جموع إخوته في الوطن والدين».وأضاف: «ديننا دين التسامح والسلامة والسلام، لا ضرر فيه ولا ضرار، يكرم النفس الإنسانية، ويعصم الدماء البريئة، ويجعل العدوان على نفس واحدة عدواناً على الإنسانية كلها»، مشدداً على أنه «من الظلم لهذا الدين العظيم أن ينسب إليه إهدار الدم البريء، أو تعريضه لذلك بأي وسيلة كانت»، مؤكداً أن «الحياة الإنسانية أقدس عندالله من كل ما قد نتخيله من أغراض أو أهواء».ونبه إلى أن «العنف والعدوان أمران غير واردين على الإطلاق في علاقة المسلم بأخيه المسلم، المبنية على الأخوة والتناصح والتعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان».ودعا الإمام أهل البحرين إلى المضي في مسيرتهم الوطنية الواحدة، وبناء وطنهم الذي كان دوماً نموذجاً للتعايش والتماسك والاستقرار، مع التفتح على الآخرين والتعاون معهم دون مساس بالكرامة الوطنية والاستقلال التام، داعياً الله أن يجمع الشمل ويرد الفتن عن الجميع ويحفظ البحرين وأهلها. إلى ذلك نوه الشيخ الأحمدي أبوالنور، بقيم التعايش والأخوة بين أهل البحرين، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية رص الصف ونبذ التفرقة، ومذكراً بالقيم الإيجابية التي ينبغي أن يتحلى بها أبناء الدين الواحد والوطن الواحد، داعياً إلى جعل كلمة الحق هي الغاية في السلوك والحوار.واستعرض عضو هيئة كبار العلماء بجمهورية مصر العربية الشيخ حسن الشافعي، التجارب التي مرت على الأزهر الشريف خصوصاً وعلى جمهورية مصر عموماً، مؤكداً أن البحرين قريبة إلى قلبه، وتحتل مكانة كبيرة في نفوس المصريين، منوهاً في الوقت نفسه بقوة العلاقة وصلابة الجوامع المشتركة بين شعبي مصر والبحرين، متمنياً الاطلاع والاستفادة من تجارب المملكة في التعايش والعيش المشترك. ومن جهته، أكد مستشار جلالة الملك لشؤون السلطة التشريعية نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري أن أهل البحرين عرفوا بتعايشهم وتآخيهم منذ القدم، لافتاً سعادته إلى أن اختلاف المناهج والمذاهب لم يكن أبداً عامل إضرار أو تصدع في النسيج الوطني، مشيراً إلى ثقته في قدرة البحرينيين على العبور من الأزمة التي مرت بالبلاد من دون أن تتأثر سمة الأخوة والتعايش التي ميزت هذا الشعب طوال قرون من الزمن، معرباً عن ارتياحه من أن الأزمة لم تكتنفها روافد مذهبية. واعتبر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية نموذجاً فريداً ومميزاً يعكس روح الأخوة والتعاضد في البناء ولا يوجد له مثيل في المنطقة؛ إذ يجتمع علماء البحرين من جميع المذاهب والمدارس ليتباحثوا بعقل واحد وبرؤية جامعة حول ما يصلح شؤونهم. إلى ذلك، ثمن وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة ما قاله الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، مؤيداً ما ذهب إليه من أن الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية والعدل هي قواعد التقدم والرخاء، مؤملاً في الوقت نفسه في تعاون الجميع على نبذ العنف، ومحاربة الطائفية، ومحاربة بث الكراهية لدفع الخوف وتعزيز الشعور بالأمن الاجتماعي. واعتبر الوزير زيارة شيخ الأزهر مصدر سعادة واعتزاز للجميع، منوهاً بالأزهر الشريف ومخرجاته وإسهاماته الحضارية والثقافية. وفي مداخلة لعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود، أشار إلى تجربة البحرين في التعايش، واستعرض محطات تاريخية من علاقة حكام البحرين مع علمائها، مروراً بالتأسيس الإداري الحديث، لافتاً إلى أنَّ المملكة أنشأت المراكز والمؤسسات والجهات والإدارات التي تستوعب جميع الطوائف والمذاهب والأديان لترسيخ قواعد التعايش، وتكريس قيمه. معرباً عن ثقته في قدرة أهل البحرين على تجاوز الأزمة، التي اعتبرها سحابة صيف عابرة.
970x90
970x90