كتب - إبراهيم الزياني:
أقر مجلس الشورى أمس، مشروع قانون حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد أن أزالت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، العبارة التي رأى أعضاء شبهة بعدم دستوريتها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى، والناصة على أنه «متى كانت معاقباً عليها في أي من القانونين البحريني والأجنبي»، ليصبح البند (ن) بعد التعديل «أية جرائم أخرى واردة في قانون العقوبات البحريني أو أي من القوانين الأخرى والجرائم الواردة في الاتفاقات الدولية والبروتوكولات الملحقة بها التي تكون مملكة البحرين طرفاً فيها متى كانت معاقباً عليها في القانون البحريني».
ويهدف المشروع إلى تحديد الجرائم التي تعتبر مصدر المال غير مشروع، دون الاكتفاء بإيراد عمليات تعتبر جريمة غسل الأموال اتساقاً مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات فيما حرص المشرع الدستوري على ترديدها في المادة «20/أ» من الدستور، ووضع قواعد منضبطة تبين أركان الجريمة وعقوبتها دون لبس أو غموض.
وجاء المشروع تفادياً لإدراج اسم البحرين ضمن قائمة الدول المشكلة خطراً على المجتمع الدولي، إضافة للحكم الصادر عن المحكمة الدستورية في القضية د/4/7 لسنة 5 ق، القاضي بعدم دستورية عبارة «أو لزوجه أو لأبنائه القصر» الواردة في البند «3-3» من المادة 3 من القانون.
واشتكى عضو من عدم إدراج اللجنة آراء الأعضاء في الجلسة التي ناقش المجلس فيها المشروع، في تقريرها التكميلي، وعقب رئيس اللجنة الشيخ د.خالد آل خليفة «آراء الأعضاء محله المضبطة ولا يمكن الخلط بينهما، إذ لا يمكن أن يشمل تقرير اللجنة المداخلات، إلا أننا في اللجنة نقرأها جميعاً وندرسها ولا نضمنها في تقريرنا النهائي».
من جهته، اختلف مستشار وزارة العدل مع تعديل اللجنة، وقال إن «الجريمة قد ترتكب في داخل أو خارج المملكة، وعندما يرى المجرم أن قانون البحرين لا يعاقب على ذلك، فيستغل الوضع ويغسل الأموال داخلها، ما يجعل الدولة مرتع للجريمة».
وذكرت رباب العريض في ردها أن «البحرين لن تكون مرتعاً للجريمة، لكونها مرتبطة باتفاقات، بمعنى إذا ما ارتكب جريمة معاقباً عليها في دولة، وغسل أموالها في المملكة، يمكن المطالبة بتلك الأموال والتحقيق بها حتى في الدولة التي لم تجرم ذلك»، وتابعت «نحن طلبنا حذف الفقرة، حتى لا نتدخل في سيادة دول أخرى، ومعاقبة أشخاص على قضايا غير مجرمة عليها في الدولة».
وبعد نقاش حول المادة، سأل رئيس المجلس علي الصالح، محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج عن رأيهم بالمادة، فقال «كل هذه الآراء طرحت في اللجان وليست بالجديدة، ونتوافق مع ما توصلت إليه اللجنة».
وطغى الجدل القانوني على الجلسة، إذ دخل الأعضاء ومستشارو المجلس والحكومة في نقاش حول قانونية بعض النقاط والقضايا، وفي تفسير المفاهيم والإجراءات الداخلية المعمول بها في المجلس، واشتكى الصالح من عدم وضوح تقرير اللجنة، ودعاهم لصياغة التقارير بوضوح وبساطة، حتى يستطيع المجلس أن يتخذ قراره على بينة.
واقترح مستشار العدل تعديل الفقرة الأولى من المادة الثالثة، والتي نصت على أنه «مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية يحكم على كل من ارتكب جريمة من جرائم غسل الأموال بالإضافة للعقوبة المقررة بمصادرة الأموال موضوع الجريمة أو أية أموال مملوكة له مساوية في القيمة للأموال موضوع الجريمة»، وذكر أن «الجاني في الجريمة، من الفطنة والذكاء سيكون في جميع الأحوال بحسن نية، ما يفرغ النص الحالي من مضمونه، والتشريع المصري واللبناني عالج القضية بفرض غرامة إضافية تكون بحجم المبلغ».
واعترضت رباب العريض على الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها، والناصة على أنه «وعلى القاضي أن يحكم بمصادرة الأموال حال انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم والتي قام الدليل على تحصلها من الجريمة»، ورأت أن «الفقرة صحيحة، لكن بعد إضافة نص عليها، بإعطاء الحق للورثة أو أي شخص له مصلحة أن يدخل الأدلة التي تثبت مشروعية الأموال، خشية أن يكون بها شبهة عدم دستورية، إذ بهذه الطريقة تناقض أصل براءة المتهم وحق الدفاع»، مشيرة إلى أن «المشرع البحريني على سبيل القياس، أعطى حق رد الاعتبار في جرائم الإفلاس».
وطلبت لجنة الخارجية على إثر مقترح العريض إعادة المادة لمزيد من الدراسة، وقبل أن يشرع المجلس في التصويت على الطلب، تدخل وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، وقال «لنفترض أن شخصاً جاء بأموال للبحرين، وثبت للمحكمة أو النيابة العامة أنها غير نظيفة، وقبل النطق بالحكم توفي المتهم، فإذا لم يكن النص موجوداً تنتهي القضية وتذهب الأموال لورثته -رغم أنها قد تكون غير نظيفة-، والنص هنا جاء محكماً»، ودفع تعقيب الفاضل رئيس لجنة الخارجية إلى سحب طلب إرجاع المادة، وصوت المجلس على رفض مقترح العريض ومرر المادة أقرتها اللجنة.
من جهة أخرى، وافق المجلس، الحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2010، وتقرير أداء تنفيذ الميزانية العامة للدولة للسنة المالية ذاتها، المعد من وزارة المالية، كما مرر تقرير وفد الشعبة البرلمانية المشاركة في اجتماع الدورة الحادية عشرة للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي، المنعقد في المملكة المغربية.
وصوت المجلس بالموافقة على طلب لجنة الخارجية بإرجاء مناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، في شأن جرائم القتل والإخلال بالحياء والاعتداء على أماكن السكن والتهديد بالسلاح والقذف والسب وإفشاء الأسرار والسرقة والاحتيال وخيانة الأمانة والمراباة وإهانة المجلس الوطني، لمزيد من الدراسة.