على طول الطرق السريعة شمال لبنان تتلاشى صور مقاتلي «حزب الله» الذين قتلوا في اشتباكات مع إسرائيل وتحل بدلها صور لمن قتلوا في حرب «حزب الله» الجديدة.
هؤلاء الرجال قتلوا في سوريا وهم يقاتلون بجوار جيش الرئيس السوري بشار الأسد حليف «حزب الله» الوثيق ضد وحدات المقاتلين في صراع حصد أرواح 70 ألف شخص ويهدد بإشعال الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً.
وتعد الجماعة الشيعية التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية أكثر الجماعات العسكرية فاعلية في لبنان وأثار تورطها المتزايد في المستنقع السوري غضب السنة اللبنانيين المتعاطفين مع مقاتلي المعارضة السورية.
وتبدو بعلبك المدينة التي تشتهر بأطلالها الرومانية وهي معقل لحزب الله كثكنة عسكرية. وينتشر أعضاء حزب الله وهم يرتدون زياً عسكرياً في كل مكان.
ومساء الأربعاء الماضي ترددت أصداء البنادق الآلية في أنحاء شوارع بعلبك الضيقة تعلن عن وصول قتيل جديد من أفراد حزب الله من سوريا. وبسرعة اصطف نحو 30 من زملائه في الشارع وضبطوا قبعاتهم الخضراء وأعدوا أنفسهم لحمل الجثمان على أكتافهم. وقال صاحب متجر إلكترونيات شاب طلب عدم نشر اسمه «نرى يومياً جنازة أو اثنتين من هذه الجنازات في بعلبك».
وأوضح رجل شرطة من حزب الله أن «هناك 6 قتلى لحزب الله يومياً من شمال لبنان».
وتحمل لبنان الوجود العسكري لجارته التي هيمنت عليه تاريخياً لمدة 29 عاماً حتى 2005 وحاول أن ينأى بنفسه عن الانتفاضة التي بدأت سلمية ضد 4 عقود من حكم عائلة الأسد قبل أن تتحول إلى العنف بعدما قتل رجال الأسد واعتقلوا الآلاف.
لكن ثبت أن عزل سكان لبنان وعددهم 4 ملايين عن سوريا ضرب من الخيال فقد بدأ اللاجئون يتدفقون وبدأ سكان القرى السنة على طول الحدود في توفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية للمقاتلين السوريين وأرسل مؤيدو المقاتلين السوريين في لبنان الأسلحة والرجال عبر الحدود لقتال قوات الأسد. وفي غياب هيكل للقيادة يصعب تحديد العدد لكن 12 مسلحاً لبنانياً قتلوا على يد الجيش السوري قرب حمص في نوفمبر الماضي، ويقول سكان في مدينة طرابلس الساحلية اللبنانية حيث وقعت اشتباكات متفرقة بين السنة والعلويين إن بعض السكان المحليين من السنة يقاتلون في سوريا أيضاً.
وأبلغ الأسد لبنان حيث يتقاسم السنة والشيعة والمسيحيون الموارنة السلطة أنه يجب عليه مساعدته في قتال ما يصفهم بأنهم «جماعات إرهابية مدعومة من الخارج». ويطلق رجال الأسد قذائف المورتر بصورة متكررة على لبنان ويتوغلون داخل الحدود من وقت لآخر لمطاردة مقاتلين سوريين. وتم طلب العون من حزب الله. وتقول الجماعة إنها تحتفظ بأسلحتها ومخزوناتها الضخمة من الصواريخ للدفاع عن البلاد لكن القتال في حرب خارجية يوسع التفويض الممنوح للجماعة ويغضب اللبنانيين الذين يريدون لبلادهم أن تنأى بنفسها عن سوريا. وعلى المستوى الرسمي ينفي «حزب الله» أنه يقاتل في سوريا. لكن هذا السر مفضوح. وقال مايكل يانج كاتب مقال الرأي في صحيفة ديلي ستار التي تصدر في بيروت إن الضغوط تأتي على الأرجح من إيران الشيعية الممول الرئيس لحزب الله والداعم الرئيس للأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية الشيعية. وكتب يانج «أصبح حزب الله وقوداً لمدافع النظام السوري بناء على طلب إيران وهذا شيء يجب ألا يستسيغه الحزب، هناك ثمن سيدفعه «حزب الله» نتيجة لدفعه للتوازنات الطائفية في لبنان إلى أقصى مدى لها. هذا الثمن قد يكون التدمير التدريجي للحزب وربما ما هو أسوأ، حرب أهلية لبنانية طائفية».
ووجه رئيس الائتلاف السوري المعارض المستقيل حديثاً معاذ الخطيب طلباً مباشراً إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بسحب مقاتليه من سوريا لتجنب حرب طائفية تمزق الشرق الأوسط.
في المقابل، هناك دعوات أخرى من جانب رجال دين سنة بارزين في لبنان إلى حمل السلاح ضد حزب الله الشيعي تهدد بعودة لبنان إلى إراقة الدماء.
وبثت جبهة النصرة السورية المرتبطة بالقاعدة بياناً على تلفزيون أورينت التابع للمعارضة هددت فيه «بنقل المعركة إلى لبنان» إذا ما استمر الهجوم الذي يدعمه «حزب الله» في حمص.
وخلال الأسبوعين الماضيين سقطت 8 صواريخ غراد على بلدة الهرمل الزراعية الشيعية التي يسكنها نحو 100 ألف شخص وتقع قرب نهر العاصي على حدود لبنان مع سوريا. من جانبه، أكد الأمين العام السابق لـ«حزب الله» صبحي الطفيلي، أن أعداد قتلى عناصر حزب الله في سوريا تعدت الـ138، داعياً رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان، إلى عدم السماح بإرسال أسلحة أو مقاتلين إلى سوريا، وعدم السماح بإقامة قواعد تدريب داخل لبنان. وشدد على أن «حزب الله» لا يقاتل دفاعاً عن السيدة زينب أو الشيعة في سوريا، وإنما يدافع عن النظام السوري وفي كل أنحاء سوريا.
وأكد الطفيلي سقوط عشرات القتلى والجرحى للحزب في الداخل السوري.
وشدد على أن هناك قراراً إيرانياً بالمشاركة في تلك الحرب وهذه فتنة بين المسلمين.
«رويترز - العربية نت»