رسالة من قلب محب.. إلى الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
حينما تعرض صفحات الواقع أمام ناظري، بأحداث غير مفهومة، وبتصرفات قد تبدو لنا مبهمة وغير مهضومة، تعلو الصرخات بداخلي ولكن بصمت، ومن الحرقة تتحرك الشفاه ولكن بهمس، وتتحطم إرادة القلم وإعاقته تمنعه عن التعبير والرسم، حينها فقط أجد نفسي مضطراً للهروب بعيدًا لأجد حالي أسير خلف ضلوعي، وفي ظلمة الليل أسمر بكلماتك وأقرؤها بدموعي.
أخي الشيخ.. إننا اليوم نعيش في زمن كثرت فيه التناقضات، فما عاد للمنطق نطق وما عاد القوي يقوى على الصدمات، أخي الشيخ حينما أرى تزمت العقول بآرائها القديمة، وتشبث كل طرف بموقفه نصرة لطائفته أو خدمة لحزبه وجمعيته أذكر دعوتك القديمة والتي انطلقت قبل 15 سنة والتي كانت تدعو لضرورة التخلص من الفكر القديم وإلا ضربت الأمة من الداخل وكانت للخارج عبيداً. لقد وضع الشيخ لأزمتنا الحالية حلولاً منذ وقت طويل من خلال دعوته الملحة لاستبدال المنهج المتعصب في الفكر الأحادي والاتجاه نحو توحيد الصف من خلال مبدأي الحوار، وقبول فكر الآخر.
أقول قد يتصور البعض أن الشيخ يدعو إلى إيجاد مذهب جديد، والأمر ليس كذلك، وإنما هو تفعيلٌ للعقول وتحريك للمشاعر عبر سماحة الدين لاحتضان الآخر لحمايته من الفكر المتجمد الذي لا يسمع سوى لصوته. من أجل ذلك كان يرى الشيخ في يومها وقبل سنوات خلت أن أمر الحوار الذي بدأنا نفكر فيه اليوم وباستحياء بات أمراً ملحاً. وأخيراً وليس آخراً، أقول لطالما أكد الشيخ وكرر وأعاد على مسامعنا نحن معشر الدعاة سواء أكنا في مجلسه الخاص أو عبر اجتماعنا معه في مكتبه أو عبر الهاتف أنه مهما وجدت من خلافات بين أبناء الوطن الواحد إلا أننا سنبقى ننتمي الى عائلة واحدة، تجمعنا أرض واحدة ونحلق تحت راية وطن كبير نردد فيه وبصوت موحد «البحرين أولاً».
لقد سن الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة في عهده سنة حسنة وهي الاجتماع السنوي في جامع الفاتح والذي يجمعه بأبنائه الدعاة والأئمة والخطباء في جوٍ يسوده الإخاء، ويذيب الجليد، ويبدد الغبار، ويزيل التصدعات، بغرض التباحث في مستقبل الدعوة في وطننا الحبيب، وما زلت أذكر كلمات الشيخ في مقدمته حين قال بصوته الجهوري الممزوج بالحزم والحنية « أنا اليوم أجتمع معكم في هذا الجامع المبارك لأستمع إليكم فمن كانت له مظلمة أو شكوى فليبدها دون وجل أو خجل ولا تخشى يا بني في الله لومة لائم، فمن كان في بيته سبحانه فهو آمن، واعلموا أنكم اليوم مرآتي التي أرى بها عيوبي، فبكم ومعكم نبني الوطن ونرتقي به نحو القمم. أذكر أن الشيخ يومها أسر القلوب بمقدمته غير المستغربة على رجل استطاع أن يتربع على قلوب الجميع بتواضعه وبساطته، ولقد سطر التاريخ مناقب هذا المواطن بحبر من نور أفكاره.
ما أجمل ذلك الزمن مع ذاك الرجل الذي ما زالت بصماته تراها جليّة في كل زاوية من أرجاء الشؤون الإسلامية والأوقاف وبرحيل هذا الذهب الخالص رحلت سنة الاجتماع بجامع الفاتح بهدف تواصل الرئيس بموظفيه والتخطيط واستعراض الهم المشترك، فما عدنا اليوم نرى سوى الأطلال ونعيش على ذكرى مسؤول عظيم الجميع وصف فترة إدارته بالعصر الذهبي .. أقول ربما رحلت عنا يا شيخ خليفة ولكن حبك في قلوبنا كان وما زال وسيبقى ينمو يوماً بعد يوم وطلابك وأبناؤك اليوم لن يخذلوك، وسنبقى معك دوماً على العهد الجميل .. حفظك الله يا والدي الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة أينما كنت ووفقك المولى لما يحبه ويرضى.
أديب البشير