اعتذار «مرآة البحرين» عما اعتبرته «وقوع في التضليل» حول مسرحية اغتصاب بحرينية من رجلي أمن، يضع المتابع أمام سؤال «كيف عرفت «المرآة» أن القصة مفبركة والمغتصبة اختلقتها؟ وهي تبنتها وأصدرت بياناً «أوضحت» فيه «معطياتها» وما غمض من تفاصيلها، وشهدت عليه جهات سياسية وحقوقية لم تسمها.
ما أوقع «مرآة البحرين» في «حيص بيص»، اهتمام وزارة الداخلية بالمسرحية ـ الجديرة باستثارة مشاعر كل بحريني غيور لو صحت ـ وطلبها على لسان رئيس الأمن العام، معلومات أوفى عن الحادثة و«الضحية»، وتواصلها مع أشخاص أثاروا القصة عبر مواقع التواصل، إذ بدأت «المسرحية» بخبر عاجل عند الساعة 12 ليلاً تقريباً بعنوان «اغتصاب امرأة على يد الأمن في توبلي» دون ذكر تفاصيل أو مصدر قبل أن تخرجها «مرآة البحرين» على صورة فيلم خادش للحياء، وهنا كان لزاماً عليها التملص من تهمة الفبركة ولصقها بالضحية مجهولة الهوية. فهل تملك مرآة البحرين جرأة كشف القناع عن امرأة ضللتها إذا كان هذا صحيحاً؟
اعتذار من تعتبر نفسها «صحيفة إلكترونية» أعقب بيان «الوفاق» الذي نسف الحكاية من أساسها وحاول ترميم مصداقية الجمعية، فوجدت «مرآة البحرين» نفسها أمام خيارين، إما أن تسوق بالقصة مدعومة بـ120 ألف قارئ تفاعلوا مع القصة وتتجاهل بيان «الوفاق»، أو تعتذر قبل أن تختبر ردة فعل الـ«120 ألف» إلى أي صف يميلون؟. خصوصاً أن الوفاق كجهة موجودة على الأرض لا يمكنها أمام إلحاح «الداخلية» أن تتبنى قصة مطلوب فيها معلومات لا تستطيع تقديمها.
القارئ المتأني لقصة «المرأة المغتصبة» تساوره الشكوك بمصداقيتها، إن لم يعرف زيفها وتلفيقها من أول قراءة، فادعاء مرآة البحرين أن «المرأة المتخيلة» لم تكن تريد الحديث يناقضه وصول الخبر إلى مواقع التواصل رغم أن 3 فقط كانوا يعرفون بالقصة حسب «المرآة»: المرأة وزوجها والجاني. كما إن حالة الضحية ومشاعرها والوصف التراجيدي لمأساتها، تتطابق تماماً مع ما ذهب إليه علماء النفس حول حال المغتصبة، أي مغتصبة، فبكبسة زر على «غوغل» يمكن أن تحصل على شذرات قالتها مغتصبات، ووزعها كاتب القصة هنا وهناك.
بيان «المرآة» الاعتذاري يفهم منه أمران، الأول أنها تخلصت من عبء بيان حقيقة الواقعة ولصق الفبركة بـ«الضحية» نفسها، والثاني محاولة ترميم المصداقية، وهنا يحق للقارئ أن يسأل «هل ستعتذر الوفاق ومرآة البحرين عن أخبار قصف الدوار بالأباتشي والجثث التي تملأ المكان، والحصار البري والجوي والبحري للعكر؟ أم تلك مسألة أخرى».
«مرآة البحرين» نشرت القصة باللغتين العربية والإنجليزية، قاصدة منها أن تصل «المأساة» لأصقاع الدنيا، ولكن بيان الاعتذار جاء فقط بالعربية حتى ساعة كتابة التقرير!