أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، أن أهل البحرين لهم مواقف مشرفة مع أمتهم العربية والإسلامية ومشهود لها بالتفاعل في الجوانب الطيبة والصحيحة ولا ترضى بالظلم.
واستقبل جلالة الملك المفدى، أمس في قصر الصخير سمو الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي قدم إلى جلالته وزراء الشؤون الإسلامية والأوقاف المشاركين في المؤتمر العالمي الثاني لتعليم القرآن الكريم الذي يقام تحت شعار (المنهج النبوي في تعليم القرآن الكريم) والذي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالتعاون مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي.
وقال جلالته في كلمة تفضل بها خلال اللقاء «نحن اليوم لا نطلب إلا شيء واحد أن المنابر غير المتكاملة هي التي يجب أن نبعدها عن السياسة، أما المنابر التي تدعو إلى الخير والعمل المشترك والتطور، هذه بلا شك نؤيدها فليس هناك فصل»، وأشار جلالته إلى أن «الذي يصل إلى المنبر يتكلم مع المئات، يتكلم دون تحريض أو فتن أو أمور تسيء إلى وحدة الناس»، وأن هناك أناساً تأتي من بقاع بعيدة ولا تهتم ومروا مرور الكرام أو مرور الشياطين، وهم الخطرون الذي يجب على الشخص أن يحذر منهم على ما يبثونه».
من جانبه، قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي «نحن على استعداد للتعاون مع البحرين لإبعادها عن أي نزاع أو خلاف أو تدخلات أجنبية أو طائفية نحن في بلدنا سنة وشيعة وعدة طوائف»، وأضاف «أي دعوة أو تصرف تريد أن تحدث فرقة داخل المجتمع ينبغي أن نواجهها مواجهة حادة حتى نبين رسالة الإسلام المبنية على الوسط والاعتدال ضد الإرهاب والتطرف».
وتفضل جلالة الملك المفدى بإلقاء كلمةً قال فيها «نشكركم على حضوركم، وأن قوتنا وأساس وحدتنا وأساس تجمعنا على الخير وجودكم الذي هو تشجيع للكلمة الطيبة والموعظة الحسنة ونحن متأكدون بأن هذه هي المدرسة الصحيحة في دين الإسلام الكريم، مع بداية الرسالة وإلى يومنا هذا وبلدكم البحرين كونها جزراً كانت عبر التاريخ معبراً لجميع الحضارات لكن أهلها مسلمون وعلى ما عبروا، عبروا بجميع ما لديهم من تجارة وعلوم ومبادئ وعادات، لكن أهل البحرين استقبلوهم وتعايشوا معهم ولكنهم ظلوا على دينهم ومحافظين عليه.
والبحرين كما تعلمون لما وصلت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم دخلت في دين الإسلام من دون قتال أو جدال عن اقتناع وقناعة بأن هذه الرسالة الكريمة التي تؤدي إلى الخير وهكذا استمرينا وحمينا مجتمعنا وجاءت فئات كثيرة تدعو إلى غير ذلك ولكن الجواب كان واحداً، نحن نسمع ما يقولون ولكن نحن على ما عليه.
وقال جلالته أهلاً وسهلاً بكم في بلدكم وبين أخوة لكم يضمرون لكم كل خير وكل تعاون وأنا أعتقد بأن هذا الأسلوب ودعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الحوار وإلى إنشاء المركز المهم للأديان ونحن كذلك في البحرين انطلقنا ودعونا إلى هذا التجمع وحضر الكثير من مختلف الثقافات والأديان واجتمعت كلها وكان هدفها خدمة الإنسان وأن يعيش حياة كريمة آمنة مستقرة يهنأ بعيشه ويعيش أبناؤه من بعده. هذه الرسالة هي بلا شك مسؤوليتنا الأولى كمسؤولين ونحن كمسؤولين منكم ولسنا من الخارج ولسنا بالقوة القادمة من وراء البحار، نحن مسؤولون من نفس مجتمعنا وكل ما تعلمناه من مجالسنا أو عند أهلنا، نحن لا نبحث في الأمور السيئة، كنا نركز في بحوثنا على الأمور الطيبة، فالأبناء الصغار والشباب ما سمعوا من أهلهم وهذا يمكن هو سر الكلام الشديد، الكلام الضد، الكلام المعادي.
وقال جلالته «إن البحرين لا تعادي أحداً ولا تتحدى ولا تتدخل في شأن الناس أرادوا حياة ما، ولكنها تسعى مع الأشقاء والأصدقاء إلى الخير، هذا ما أكرره لأنه أصعب من الانزلاق في طريق التطرف لا سمح الله والعنف والمشادات والعداوات التي طبعاً تستمر جيلاً بعد جيل.
فنحن نرحب بكم ترحيباً كبيراً ونشكركم على جهودكم وأن أساس حياتنا القرآن الكريم والرسالة المحمدية ونحن على الفطرة ولسنا على غير ذلك، سمعنا هذا وأطعنا ومشينا وحفظنا هذا الأمر».
وأضاف جلالته «ولله الحمد المجتمع البحريني مجتمع طيب، مجتمع خير ولاشك في ذلك، لابد من بعض النواقص ولا بد من بعض المشاكل ولكن هذه كلها في طريقها إلى الحل، يبقى هذا على أهل البحرين إذا اجتمعوا وقرروا أن يسيروا في هذا الطريق، فالأمور ستسلك بلاشك مسلكاً طيباً، ونحن نشجعه ولا نقف في وجهه.
وقال جلالته، نحن نسمع كلام أهلنا أهل البحرين، ونسمع كل كلمة يقولونها. البحرين صغيرة في الواقع ونحن على صلة، وإننا نسمع أي شخص يبدي رأياً أو نصيحة تكون للخير، وقيل إن هناك من يتحدث بغير ذلك، حاولنا أن نسمعه الكلمة الطيبة كنصيحة لا أكثر ولا أقل، فهذا التوجه الذي مشينا عليه أباً عن جد، واستقرت البحرين وكانت مركزاً مهماً للتعليم والتطوير وأثنى على البحرين القاصي والداني بأن إمكاناتها هي في شعبها في العلوم وفي الاطلاع، واليوم نستفيد منكم ومن الكثير من علومكم، وأن التقدم الهائل الذي حدث في الجزيرة العربية والعالم العربي أوجد المراكز والبحوث والأساتذة، هذا كله نعتبره قوة لنا في البحرين، والناس بطبيعتهم وعلمهم يميزون بين الصح والخطأ.
نحن في الحقيقة حفظنا القرآن والإسلام وكان هذا أساس ماتعلمناه وتربينا عليه، وكل المناسبات الدينية منذ أن خلقنا الله إلى اليوم، نشارك فيها ونشعر بها، ولدينا إجازات لها، والأمور تسير بشكل طيب، ولم نقم فجأة بتغيير نمط الحياة، وهذا الذي نفتخر به في بلدكم البحرين وتفتخر به كل الدول العربية والإسلامية.
وقال جلالة الملك المفدى: اليوم في موضوع العلمانية ليس هناك دولة علمانية في أوروبا، فملكة بريطانيا هي رئيسة الكنيسة، وفرنسا دولة مبنية على الدين الكاثوليكي وكذلك إسبانيا وإيطاليا والفاتيكان، أنا لا أعرف من أين جاء مصطلح الدولة العلمانية، ففي المفهوم الخاطئ دولة مبنية على العلم، والإسلام يؤيد العلم ويتفق معه ولكن ما إن تقول هذه دولة علمانية كأنك تقصد أستغفر الله لا دين لها وهذا لا يجوز، فإن فصل الدين عن السياسة مفهوم خاطئ، فليس هناك إنسان يفصل دينه عن سياسته، هم في الغرب لم يفصلوا الدين عن السياسة، قالوا الحد من سيطرة الكنيسة على حياة الناس المدنية، لم يقولوا لرؤسائهم لا تصلّوا في الكنائس أو أي مسؤول يؤمن أو لا يجب أن لا يؤمن.
وقال جلالته نحن اليوم لا نطلب إلا شيئاً واحداً وأن المنابر غير المتكاملة هي التي يجب أن نبعدها عن السياسة، أما المنابر التي تدعو إلى الخير والعمل المشترك والتطور، هذه بلا شك نؤيدها فليس هناك فصل، كيف نمنع إنساناً مؤمناً برب العالمين عن العمل في السياسة، بالعكس، فالرجل المؤمن في السياسة يكون أوسع أفقاً، أوسع صدراً، أطيب خلقاً، قراراته تكون صائبة ودائمة ومنصفة، أما الإنسان الذي ليس لديه ذمة كيف يؤتمن على المال والحلال والبشر. وأضاف» الحمدلله على كل حال نحن ندعو لكم بالخير والتوفيق ونعتبركم في الحقيقة أساتذة لتكملوا لنا الذي نعرفه وتعطونا مجالاً أكبر وكلنا ولله الحمد دعاة لهذا الدين وليس لدينا اختصاص فيه وكل مسلم مسؤول، ولدينا درجات من العلم، بحيث إن الذي يصل إلى المنبر يتكلم مع المئات، يتكلم دون تحريض أو فتن أو أمور تسيء إلى وحدة الناس، اليوم يجب أن نتجه إلى الاعتدال ونحن في البحرين عمل الناس هو الذي أوصانا به رب العالمين، تكامل، تعاون، تواصل، مشاركة، وتوسط في الخير و»فزعة»، ونحن لنا قيم ولله الحمد لم تتأثر مهما زادت وسائل التواصل والاتصال المريبة وغالبيتنا تتجه إلى التواصل الطيب، وتركنا الناس يحكمون بأنفسهم على الصحيح والخاطئ.
الحمدلله أهلنا في البحرين كانت لهم مواقف مشرفة مع أمتهم العربية والإسلامية ومشهود لها بالتفاعل في الجوانب الطيبة والصحيحة ولا ترضى بالظلم لأنه مجتمع متماسك ويخاف على نفسه، والكل يعرف الآخر والجار ويحرص على ألا يخطئ ولا جاره يخطئ عليه.
وأضاف جلالته أن هناك أناساً تأتي من بقاع بعيدة ولا تهتم ومروا مرور الكرام أو مرور الشياطين، وهم الخطرون الذي يجب على الشخص أن يحذر منهم على ما يبثونه ونحن ولله الحمد مجتمعنا في الخليج والعالم العربي أساساً مجتمع طيب وقنوع ويرفع يده إلى رب العالمين وقت المحن، ويطلب الفرج ولا يلجأ إلى الآخرين ويضايقهم بمشاكله ويعتمد على الله سبحانه وتعالى.
وألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم كلمة رحب فيها بجلالة الملك وقال «إن مؤتمر القرآن الكريم حضر فيه عدد من الوزراء ورؤساء الجمعيات والمراكز الإسلامية، وكلها تعتز باحتضانكم هذا المؤتمر وتفضل سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة ووزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بتيسير عقد هذا المؤتمر وجمع هؤلاء المتخصصين، ونحن نعرف جميعاً أن كتاب الله هو أساس حياة المسلمين لذلك أود أن أعبر عن مشاعرهم وشكرهم واعتزازهم وهذا ليس بغريب على أسرة آل خليفة والحمد لله، تاريخها تاريخ عريق في مجالات عديدة، طبعاً نحن نهتم بهذا الشأن شأن القرآن الكريم والجمعيات الإسلامية في العالم الإسلامي والمراكز الإسلامية عموماً، ويهمنا كثيراً التواصل».
وأضاف «نحن في رابطة العالم الإسلامي والمنظمة العالمية وكذلك المنظمات والوزارات المسؤولة نحرص على التواصل مع قيادات الأمة الإسلامية، القيادات الرسمية والقيادات الشعبية من أجل تعزيز مصالح المسلمين ومن أجل وحدة الهدف والكلمة».
وقال كما تعلمون ونعلم جميعاً أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله دعا في أكثر من مناسبة في المؤتمرات ومؤتمر التضامن الإسلامي ومؤتمر القمة على إجماع الكلمة ووحدة الكلمة والابتعاد عن النزاع والفرقة والطائفية التي تحدث آثاراً سيئة في بلاد المسلمين.
وأشار الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي إلى أن «من هنا هؤلاء الذين يتشرفون بالسلام على جلالتكم يشكرونكم ويقدرون هذه الجهود ونحن -معهم في الرابطة- حريصون كل الحرص على التعاون مع البحرين ومع جلالتكم ومع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لأننا نعرف حرصكم على وحدة كلمة المسلمين والتعاون فيما بينهم والبحرين لها تاريخ إسلامي عريق من الناحية الإسلامية والعربية والتعاون الكبير بين الدول الخليجية والعربية. لاشك أن الجمعيات الإسلامية والمراكز وإن كانت جهودها جهوداً شعبية لكن لابد أن يتكامل الجهد الشعبي مع الجهد الرسمي لهدف واحد وكما هي توجيهات خادم الحرمين الشريفين لنا في المناسبات العديدة تقول هذه المؤسسات أو العلماء أو الجهود الشعبية لها تأثير كبير في حياة الناس وهو جهد ينبغي تحمل مسؤوليته».
وكرر د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي الشكر لجلالة الملك المفدى بعقد المؤتمر، كما شكر سمو الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة، وقال «نحن على استعداد للتعاون مع البحرين لإبعادها عن أي نزاع أو خلاف أو تدخلات أجنبية أو طائفية نحن في بلدنا سنة وشيعة وعدة طوائف، عاشت تاريخاً طويلاً متعاونين متكاملين من مئات السنين وفق أنظمة الدول والقوانين ورعاية المصلحة العامة، نعرف أن أصول الدين أصول واحدة حتى وإن اختلف بعض الناس في بعض الجزئيات فأساس الدين الإسلامي واحد والأمة الإسلامية واحدة، لذلك أي دعوة أو تصرف تريد أن تحدث فرقة داخل المجتمع ينبغي أن نواجهها مواجهة حادة حتى نبين رسالة الإسلام المبنية على الوسط والاعتدال ضد الإرهاب والتطرف، وتحرص كل الحرص على الحوار سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين وأن مبادرة خادم الحرمين للحوار تهدف لإظهار حقيقة الإسلام وأن الدين متفتح على العالم.
بعد ذلك ألقى سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية كلمةً قال فيها إن مشاركتنا في هذا المحفل الكبير بفضل دعم جلالتكم واستضافة البحرين لهذا المؤتمر الذي نرجو من الله أن يوفق الجميع وأن يجمع كلمتهم على الخير والبركة لما فيه خير المسلمين وتقدمهم.