يواجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مجدداً متاعب صحية اضطرت نقله للعلاج في فرنسا بعد أيام على مرور 14 سنة على توليه الرئاسة خصص معظمها لمشروع المصالحة الوطنية الذي كان أحد أهم مهندسيه لوضع حد لحرب أهلية أسفرت عن 200 ألف قتيل.
ونقل بوتفليقة «76 سنة» مساء أمس الأول إلى مستشفى فال دو غراس العسكري في باريس لاستكمال فحوصاته الطبية بعد «النوبة الدماغية العابرة» التي أصيب بها ظهراً وعلاجه في مستشفى محلي.
وسبق لبوتفليقة أن خضع نهاية 2005 لعملية جراحية لعلاج «قرحة أدت إلى نزيف في المعدة» في نفس مستشفى فال دوغراس العسكري وهو مستشفى غالباً ما يستقبل شخصيات فرنسية وأجنبية رفيعة المستوى.
وبعد سنة من ذلك أكد بوتفليقة أنه كان فعلاً «مريضاً» لكنه تعافى تماماً.
وبحسب مدير المركز الوطني للطب الرياضي البروفيسور رشيد بوغربال فإن «رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة تعرض أمس الأول لنوبة دماغية عابرة لم تترك آثاراً».
وقال مصدر طبي لوكالة الأنباء الجزائرية إنه وعلى الرغم من أن الحال الصحية العامة للرئيس «لا تبعث على القلق»، فإن أطباءه طلبوا منه إجراء فحوصات مكملة والخلود إلى الراحة لأيام.
ووصل بوتفليقة إلى الحكم بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في 1999 بنسبة 90.24% من الأصوات، ثم أعيد انتخابه في 2004 و2009 بفضل تعديل دستوري يلغي تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين، ومرت 14 سنة من حكمه في 9 أبريل 2013.
ولم يعلن بوتفليقة إن كان سيترشح لولاية رابعة أم لا في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل 2014.
وبادر بوتفليقة منذ ولايته الأولى إلى إعادة السلم في بلاده التي أنهكتها حرب أهلية في سنوات التسعينات أسفرت عن نحو 200 ألف قتيل، حسب مصادر رسمية.
وفي 1999 قدم الرئيس الجزائري قانون الوئام المدني للاستفتاء الشعبي ثم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في 2005 وهو ما سمح بإطلاق سراح آلاف الإسلاميين من السجون وإلقاء السلاح بالنسبة لآلاف آخرين والعودة إلى الحياة الطبيعية مقابل عدم متابعتهم أمام القضاء.
وواجه الرئيس الجزائري احتجاجات ضد غلاء المعيشة في يناير 2011 أسفرت عن 5 قتلى و800 جريح، بإعلانه في 3 فبراير من نفس السنة رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 19 سنة، استجابة لمطلب المعارضة.
كما أعلن في 15 أبريل عن إصلاحات سياسية تفادياً لتداعيات الربيع العربي، أدت إلى تنظيم انتخابات تشريعية في 10 مايو الماضي بقوانين جديدة.
وبدا بوتفليقة المولود في 2 مارس 1937 في وجدة بالمغرب حياته السياسية كوزير للخارجية جلب أنظار المجتمع الدولي، قبل أن يتعرض للتهميش بعد وفاة الرئيس هواري بومدين في ديسمبر 1978، وهو الذي كان من أقرب مقربيه. فقرر الابتعاد عن الحياة السياسية في 1981 والإقامة في دبي وسويسرا.
والتحق الرئيس الجزائري بجيش التحرير الوطني في 1956 لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال في 1962 تقلد حقيبة وزارة الشباب والرياضة لفترة وجيزة خلال حكم الرئيس أحمد بن بلة ثم وزيراً للخارجية من 1963 إلى 1978.
في 1999 عاد إلى الجزائر كمرشح للانتخابات الرئاسية مدعوماً من الجيش وحزب جبهة التحرير الوطني، ففاز بها بسهولة بعد انسحاب منافسيه الستة.
ومنذ دخوله المستشفى العسكري في باريس أول مرة في 2005، أصبح اختفاؤه يثير التساؤلات وتنشر شائعات حول وفاته.
ويعرف بوتفليقة بفصاحته باللغتين العربية والفرنسية، كما لا يتخلى أبداً عن بدلاته الأنيقة حتى في الحرارة الشديدة.
نطرته ثاقبة تنم عن قوة شخصية أما ابتسامته الجميلة فجعلته يكسب حب الجزائريين خاصة خلال جولاته العديدة في كل أرجاء الجزائر، الشيء الذي تخلى عنه في الأعوام الماضية بسبب مشاكله الصحية.

«فرانس برس»