بعد بضعة أشهر من الهدوء النسبي تجددت أعمال العنف بشكل مكثف في ليبيا حيث لايزال مسلحون يحاصرون مقر وزارة الخارجية، ما يكشف مرة جديدة عجز الدولة على إعادة النظام في البلاد بعد أكثر من 18 شهراً من سقوط نظام معمر القذافي.
واقتحم ضباط غاضبون من الشرطة أمس أيضاً مبنى مقر وزارة الداخلية للمطالبة بزيادات الأجور والعلاوات بحسب شهود عيان، مثلما فعلوا أمس الأول.
ودخل عشرات الضباط إلى المبنى الواقع على طريق المطار على بعد عشرة كيلومترات من وسط طرابلس وهم يطلقون النار في الهواء. وقال مصدر من أجهزة الأمن «إن الوضع هدأ نسبياً. وكان الضباط يريدون فقط إسماع صوتهم لوضع حد للظلم». وتطوق وزارة الخارجية القريبة من وسط المدينة منذ أمس الأول من قبل مسلحين يطالبون بإقصاء المتعاونين مع النظام السابق. ولاحظ صحافيون 30 سيارة بيك آب بعضها مجهز بمضادات جوية وكذلك عشرات الرجال المسلحين مازالوا يطوقون المبنى. وقد الصقت على بوابة المبنى لافتات تحمل عبارات تطالب بتبني قانون يقضي بإقصاء متعاونين مع النظام السابق عن الحياة السياسية.
وأكد أيمن محمد أبودينا العضو في تجمع المحتجين أن الوزارة «لا تزال محاصرة ومقفلة»، مضيفاً «إن محادثات ستبدأ في الساعات المقبلة مع مسؤولين في الوزارة».
وقال «إن الحصار لن يرفع إلا بعد تلبية مطالب المحتجين وخصوصاً مع تصويت المؤتمر الوطني العام على مشروع قانون حول الإقصاء السياسي للمتعاونين السابقين مع معمر القذافي».
ويدرس المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة سياسية في ليبيا، قانوناً للعزل السياسي للمسؤولين الذين عملوا مع النظام السابق ما قد يؤدي إلى استبعاد كثيرين من كبار المسؤولين. ويثير القانون جدلاً وقلقاً بين الطبقة السياسية وتمت في الآونة الأخيرة محاصرة أعضاء في المؤتمر الوطني العام لعدة ساعات من متظاهرين يطالبون بالإسراع في تبني قانون العزل السياسي. وبعد رفع الحصار تعرض موكب رئيس المؤتمر محمد المقريف إلى إطلاق نار دون حدوث إصابات. وأعرب رئيس الوزراء الليبي علي زيدان عن أسفه أمام الصحافيين لمحاصرة مبنى وزارة الخارجية وندد أيضاً بأعمال تخريب استهدفت وزارة الداخلية والتلفزيون الوطني في طرابلس.
وهذه الأحداث تدل على تصعيد للعنف منذ أيام عدة في طرابلس حيث استهدف هجوم بسيارة مفخخة في 23 أبريل الجاري سفارة فرنسا مما أسفر عن سقوط جريحين في صفوف عناصر الدرك الفرنسيين فضلاً عن أضرار مادية كبيرة. كما استهدفت هجمات مجدداً الأجهزة الأمنية شرق البلاد حيث وقع اعتداء السبت الماضي على مركز للشرطة بعد هدوء نسبي منذ بداية السنة. وتعرض أحد ألوية وزارة الدفاع أيضاً لهجوم مسلحين خلال عطلة نهاية الأسبوع ما أدى إلى مقتل جندي. وفي 2012 عاشت مدينة بنغازي على وتيرة الاغتيالات لضباط من الشرطة أو الجيش وهجمات على المصالح الغربية بينها القنصلية الأمريكية حيث قتل السفير كريس ستيفنز مع 3 أمريكيين آخرين. وهذه الهجمات نسبت غالباً إلى إسلاميين متطرفين منتشرين بقوة في برقة شرق البلاد، لكن السلطات الليبية لا تستبعد أن يكون وراء هذه الاعتداءات أنصار للنظام السابق بهدف زعزعة استقرار البلاد. وتكشف أيضاً عجز السلطات على فرض النظام في البلاد حيث تبسط ميليشيات مدججة بالسلاح وذات دوافع وأيديولوجيات مختلفة سيطرتها. ودعا رئيس الوزراء الليبي الليبيين إلى دعم الحكومة في مواجهة المجموعات المسلحة التي «تريد زعزعة البلد»، موضحاً أن حكومته لا تريد «الدخول في مواجهة مع أحد، لكنها قد تضطر إلى مواجهة العنف والشغب بالقوة». ويعتبر بعض المراقبين أن تصعيد العنف يتزامن مع حملة أطلقتها الحكومة لمحاربة «ميليشيات خارجة على القانون» ترى نفوذها ومصالحها مهددة من قبل الحكومة الجديدة برئاسة علي زيدان الذي تسلم مهامه في نوفمبر الماضي.
«فرانس برس - سي إن إن العربية»