أخي وحبيبي ووحيدي ها قد مــرت ثلاث سنوات على فراقك الأبدي، والجـــراح تستشــــري ومازالــــت تدمــي مــع مــرور الوقــت، كنــت أظن بأن الأيام جديرة بإدمال الجراح وتخفيف الألم، ولكــن كـل العمليات والمحاولات عجزت عن مداواة ما تركته بعدك، كم من لحظات اعتزلت فيها الحياة وما فيها لأسترجع ذكراك، أريد أن أصرخ بصوت عالٍ لعلك تسمعني وتجيب، لتمحي في خاطري كل ما يجول من أفكار ويعتريني من ألم، فأنا أحس بأنني محتاجة إلى رؤية وجهك، لسماع صوتك، لشمة عطرك، محتاجة لضمك وبحرقة لصدري لأستشعر نبضات قلبك.
أين أنت لتبرد نار الشوق الملتهبة في كياني، محتاجة لأخذ مشورتك ووقوفك معي في الحلوة والمرة، أمنحني بعضاً من عزيمتك القوية في مواجهة الصعاب، فأنت من واجهت مرض موتك بإرادة وعزيمة وإيمان منقطع النظير، واحتسبت أمرك لله وكنت مثالاً يحتذى به في الصبر، لجأ إليك كل من أصابه نفس المرض ليجد عندك الملاذ، يأتونك بائسين مرهقين خائفين من النهاية ويخرجون من عندك على أكف الراحة والأمل، علمتهم التكيف مع المرض وأن لكل قدره المكتوب، وأن الله لا يضيع أجر الصابرين فاستمدوا القوة من الله ثم منك.
اتكلت على الله وأنت تعلم بأنه تفصلك عن الدنيا سويعات قليلة كما أخبرك الطبيب، وكلما دخل عليك زائر غني وفقير، صغير وكبير، تجلس له معتدلاً مرحباً به وأنت تتلوى بداخلك من الألم، وأصررت على عدم منع الزيارة لأنك أحببت الجميع دون تفرقة، أحببتهم وأحبوك وأخلصوا لك لتواضعك الجم، والكل يدعو لك بالفردوس الأعلى من الجنة، أتمنى أن أتحلى بهذه الصفة والتحمل كما كنت، فقد علمت الصبر كيف يصبر.
مازلت أتذكر حديثك لي يا بوجاسم حين تردد أن الحياة يا أم خالد جارية لا تتوقف، صحيح أنها لا تتوقف عند مشكلة أو مصيبة ولكن حياتي بدونك لا نبض بها ولا روح، شاحبة باهتة الألوان مهزوزة الأركان، لأنك كنت عموداً أساسياً من الأعمدة التي ارتكزت عليها في الحياة، ولله الحمد ولولا الرجوع إليه والتمسك به والاستغفار له وعدم الاعتراض على أمره لفقدت عقلي، وعزائي الوحيد هو زوجتك وأبناؤك وهم سائرون بإذن الله على النهج الذي رسمته مع والدتهم، وأعانها الله على تحملها المسؤولية.
وهنا لا أنسى لأصحاب الفضل فضلهم بعد الله سبحانه وتعالى على كل ما قدموه من أجلك، وفي مقدمتهم وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، والتي وقفت معك في كل الظروف في حياتك وأصرت على علاجك بالخارج، وكانت لك كالأخت التي لم تلدها أمنا وتأثرت لمرضك ورحيلك كما تأثرنا، بل حتى الجموع الغفيرة التي حضرت لتشييع جنازتك لما يكنونه لك من الحب، وأشكرها كذلك على وفائها حتى بعد رحيلك، فمازالت تذكرك في كل محفل ارتبط اسمه بالثقافة والعطاء، وخصصت لك جائزة سنوية حملت اسم «جائزة البنكي لشخصية العام الثقافية» تخليداً لذكراك، فرحمك الله يا أخي بوجاسم وإلى جنان الخلد.
أختك/ محفوظة أحمد البنكي