قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى أن الصحافيين والإعلاميين أصحاب رسالة مؤثرة في حماية أمن البلاد واستقرارها، وأن مفهومنا الأعم والأشمل لأمان الصحافيين يمتد ليشمل الأمان الاجتماعي، وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية، وزيادة فرص التدريب والتأهيل، مؤكداً الحرص على توسيع آفاق الحريات في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المطبوعة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، إيماناً بكونها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ودلالة أكيدة على عمق تجربتنا الديمقراطية.
ودعا عاهل البلاد المفدى، في رسالة وجهها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى تضافر كافة الجهود وطنياً وعربياً ودولياً في تقنين استخدامات وسائل الإعلام والحيلولة دون إساءة استغلالها في بث دعوات الفرقة والكراهية الدينية أو الطائفية أو العنصرية، أو انتهاك الآداب العامة، وفرض إجراءات عقابية ضد الوسائل المنتهكة للمواثيق الإعلامية والعهود الحقوقية العربية والدولية.
وأضاف «يشهد سجلنا الإعلامي والحقوقي إنه لم ولن يتعرض أي صحافي للسجن أو مؤسسة صحافية للإغلاق بسبب ممارسة الحق الدستوري والقانوني في التعبير عن الرأي، ولن نسمح بالمساس بحرية الصحافة، وسيتم التعامل مع أي مساس بها بحزم بواسطة السلطة القضائية النزيهة والمستقلة في إطار دولة القانون والمؤسسات».
وفيما يلي نص رسالة عاهل البلاد المفدى:
يسعدنا أن نتوجه بالتحية والتقدير والاعتزاز إلى جميع الصحافيين والإعلاميين، وإلى رواد الفكر والإبداع وضمير هذا الوطن، وجنود الكلمة الصادقة وأصحاب الرسالة المؤثرة في حماية أمن البلاد واستقرارها وتقدمها وازدهارها في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وإنها لمناسبة غالية على قلوبنا جميعاً نجدد فيها عهدنا الدائم في احترام حرية الصحافة والإعلام، واستكمال بناء مشروعنا الإصلاحي والديمقراطي على أعمدة من التعددية السياسية والإعلامية والحرية المسؤولة في التزام الضوابط المهنية والأخلاقية ومراعاة المصلحة الوطنية.
وفي اليوم العالمي للصحافة نؤكد حرصنا على توسيع آفاق الحريات في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المطبوعة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، إيماناً بكونها حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ودلالة أكيدة على عمق تجربتنا الديمقراطية.
ولقد كان حرصنا جلياً منذ بزوغ فجر الإصلاح والتحديث قبل اثني عشر عاماً على تكريس الحريات الصحافية والإعلامية على قواعد راسخة وفقاً للدستور وميثاق العمل الوطني، وقانون الصحافة والطباعة والنشر الصادر بالمرسوم رقم (47) لسنة 2002م.
وإننا وإذ نشارك العالم احتفاله بالذكرى العشرين لليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار «التحدث بأمان: ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام»، يحق لبلادنا أن تفخر بتوفيرها للمناخ الآمن تشريعاً وممارسة أمام الصحافيين والإعلاميين للتعبير عن آرائهم بحرية واستقلالية ودون أي تقييد أو ترهيب.
وقد جاء قانون الصحافة سباقاً في تأكيده على حرية إصدار الصحف والمطبوعات وحق الحصول على المعلومات، وعدم جواز مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها إلا بحكم قضائي.
وجاء القانون حامياً وداعماً للحريات الإعلامية وحماية الصحافي من التعرض للإهانة أو الاعتداء عليه بسبب عمله، ومعاقبة المعتدي بالعقوبات المقررة للتعدي على الموظف العام، وألا يكون رأيه سبباً للمساس بأمنه أو إجباره على إفشاء مصادر معلوماته، وحظر فصله تعسفياً بسبب رأيه.
ويشهد سجلنا الإعلامي والحقوقي إنه لم ولن يتعرض أي صحافي للسجن أو مؤسسة صحافية للإغلاق بسبب ممارسة الحق الدستوري والقانوني في التعبير عن الرأي، ولن نسمح بالمساس بحرية الصحافة، وسيتم التعامل مع أي مساس بها بحزم بواسطة السلطة القضائية النزيهة والمستقلة في إطار دولة القانون والمؤسسات.
ونؤكد أن مفهومنا الأعم والأشمل لأمان الصحافيين يمتد ليشمل الأمان الاجتماعي، وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية، وزيادة فرص التدريب والتأهيل.
ومن هنا جاءت توجيهاتنا بتخصيص مشروعات إسكانية للصحافيين والإعلاميين، ومتابعة مجلس الوزراء الموقر لهذا الأمر في إطار من التنسيق بين الجهات الإعلامية ووزارة الإسكان، وقد وجهنا الجهات المعنية إلى إعادة دراسة إعداد كادر خاص للإعلاميين يليق بهم تقديراً وتحفيزاً لهم ويتناسب وطبيعة عملهم، وإدراكاً لدورهم الحيوي في ظل التحديات الإعلامية الراهنة.
وما يميز احتفالاتنا هذا العام باليوم العالمي للصحافة أنها ذات خصوصية مميزة للإعلام البحريني في ظل إنجازات رائدة تشكل تتويجاً لتاريخ عريق، وتطورات متلاحقة، ومستقبل مشرق في الإعلام الجديد وعصر السماوات المفتوحة.
أولى هذه التطورات تتجسد في إعداد مشروع قانون شامل وعصري للإعلام والاتصال في مراحله النهائية قبل إقرار السلطة التشريعية، وثانيها اعتماد الهيكل الجديد لهيئة شؤون الإعلام، بما يواكب أحدث المستجدات في مجالات الإعلام والاتصال.
وتوجت البحرين إنجازاتها الإعلامية باختيار المنامة عاصمة للإعلام العربي لعام 2013-2014 من قبل هيئة الملتقى الإعلامي العربي بدولة الكويت الشقيقة بعد اختيارها عاصمة للصحافة العربية لعام 2012 من قبل ملتقى الإعلاميين الشباب العرب.
ونرى أن احتفاء المجلس الأعلى للمرأة بيوم المرأة البحرينية لهذا العام حول المرأة والإعلام، يتسق مع تقديرنا لإسهامات المرأة البحرينية في المجال الإعلامي وشتى مناحي الحياة منذ بدايات القرن المنصرم ولاتزال تواصل مسيرة إبداعها الفكري والأدبي والإنساني.
إن هذه التطورات الإيجابية والإنجازات غير المسبوقة في فترة قياسية محل تقدير واعتزاز لنا، وتشكل دافعاً نحو المزيد من التقدم في مجال الصحافة والإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني، والارتقاء بالرسالة الإعلامية.
ولا يفوتنا في ذلك أن نشيد بالجهود المخلصة لوزارة الدولة لشؤون الإعلام وهيئة شؤون الإعلام على جهودهما الطيبة في الارتقاء بالأداء الإعلامي على أسس من المسؤولية والانفتاح والتعاون ورفع جودة البرامج الإذاعية والتليفزيونية، وتداول الأخبار والمعلومات، وتطوير المناخ التشريعي.
ونثمّن اهتمامات جمعية الصحافيين البحرينية ونادي مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية واتحاد الصحافة الخليجية والمؤسسات الإعلامية العربية والدولية القائمة في تعزيز الحراك الإعلامي والحوار الحضاري داخل المملكة.
ويبقى التزامنا الدائم بتشجيع الشراكة بين المؤسسات الصحافية والإعلامية، والانفتاح على وسائل الإعلام والمنظمات العربية والدولية نحو استدامة النهوض الإعلامي وتعزيز التنافسية، انطلاقاً من أهمية التداول الحر للأخبار والمعلومات وتبادل المعارف والخبرات، بما يرتقي بالدور التنموي والتثقيفي للرسالة الإعلامية.
وينبغي التأكيد أن حقوق الصحافيين وامتيازاتهم ليست بمعزل عن ضرورة تقيدهم بالأطر الدستورية والقانونية واحترام مواثيق الشرف الصحافية والإعلامية البحرينية والعربية والدولية، من أجل أداء رسالتهم بمسؤولية وأمانة، وحفظ أمن المجتمعات واستقرارها، والحفاظ على حقوق الآخرين وخصوصياتهم دون إساءة أو تجاوز.
وندعو في هذه المناسبة إلى تضافر كافة الجهود وطنياً وعربياً ودولياً في تقنين استخدامات وسائل الإعلام والحيلولة دون إساءة استغلالها في بث دعوات الفرقة والكراهية الدينية أو الطائفية أو العنصرية، أو انتهاك الآداب العامة، وفرض إجراءات عقابية ضد الوسائل المنتهكة للمواثيق الإعلامية والعهود الحقوقية العربية والدولية.
إن عجلة الإصلاح السياسي والديمقراطي في مملكة البحرين تدور بلا توقف، وفي القلب منها حرية الصحافة والإعلام، واضعين في مقدمة أولوياتنا هذا العام تطوير التشريعات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير بما يتوافق مع المعايير الحقوقية العالمية، وزيادة الانفتاح والتواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية بما يعكس حقائق التطورات الإصلاحية والحقوقية في مملكتنا الغالية.
وفقنا الله جميعاً وسدد خطانا لما فيه خيرِ وصالح بلادنا وشعبنا، وتعزيز مكانة البحرين على الخارطة الإعلامية العربية والدولية.
حمد بن عيسى آل خليفة
ملك مملكة البحرين