كتب– عادل محسن:
«كبائن مهجورة وأخرى متهالكة، زجاجات خمر هناك وهناك، كلاب ضالة ودجاج وبط تجول في المنطقة»، هو المشهد النهاري المتبقي من فيلم ليلي يشهده ساحل البسيتين كل ليلة، فما أن يخيم الظلام على هذا المكان حتى تتحول هذه الكبائن إلى «نايت كلاب» لا ينقصه صخب الموسيقى ولا حتى شرب الخمور وربما «الفجور» بحسب روايات أهالي.
الإجابة عن سبب وجود هذه الكبائن حاضرة لدى معظم الصيادين «هي مصدر رزقنا»، إذ قال أحدهم لـ»الوطن» «عندما اتخذ قرار إزالتها تجمعنا في مجلس المحرق البلدي مع زملاء من البحارة والهواة ومنعنا قرار الإزالة حتى لا يقطع رزقنا».
«الوطن» زارت ساحل البسيتين برفقة عضو مجلس المحرق البلدي وممثل المنطقة محمد المطوع والعضو البلدي خالد بوعنق، إلا أن كاميرة الصحيفة لم تسجل في هذه المنطقة سوى حركة بسيطة تدل على الصيد أو الترزق من البحر، بينما المشهد العام الذي التقطته العدسة وسجل في ذاكرتنا، مناظر تشهد على ليلة صاخبة أخرى عاشها الساحل أمس، وبعض متقاعدين يتجاذبون أطراف الحديث عن أيام خلت حيناً ويناجون البحر بنظرات شاردة حيناً آخر.
..مع بحر الذكريات
الكابينة الأولى مهجورة، تليها كابينة تجمع فيها متقاعدون يستعدون لصلاة الظهر، شاركناهم الصلاة ثم جلسنا أمام الكابينة حيث لا يوجد أي مظهر من مظاهر عمل البحارة أو الهواة، بدأنا نتجاذب أطراف الحديث، إذ قال محمد عبدالله السادة «مجموعتنا 12 متقاعداً بالتأكيد لا نأتي هنا للصيد فهذه الكابينة مجلسنا المصغر»، قبل أن يضيف: «أين الضرر بوجودنا هنا فنحن لا نحب ازدحامات الشوارع ومقاهي الشيشة، ونجد راحتنا هنا قرب البحر حان الوقت كي نرتاح بعد سنين من التعب (..) البحر يشرح الصدر ونجد هنا راحتنا».
وتابع: «قبل سنتين حاولت الحصول على ترخيص للكابينة من بلدية المحرق وطلبوا مني كتابة خطاب» يضحك بسخرية، قبل أن يضيف «لكن المفتش كان مريضاً فتعطلت الأمور لا أعلم إن كان قد تعافى لكن ما أنا متأكد منه أني بدأت بناء كابينتي بنفسي بعد أن علمت أن القانون لا يمنع ولا يسمح ببنائها أي لا يوجد تنظيم لها، وما أن انتهيت منها وضعت البلدية عليها مخالفة، فسجلتها في مركز الشرطة».
ولم يفت السادة أن يطالب بتنظيم إنشاء الكبائن هنا جراء «بناء أشخاص من خارج المنطقة كبائن لهم هنا (...) لا يجب أن تصبح الكبائن عشوائية ويشيدها كل من هب ودب»، داعياً إلى «عدم تقييد المتقاعدين وعلى الأقل أن ينظر لهم إنسانياً وعدم مضايقتهم بعد سنوات الخدمة».
وعن وجود مخالفات أخلافية في بعض الكبائن، أشار إلى أنه سمع ولم ير عن وجود بعض الأماكن لشرب الخمور وجلسات طرب ومخالفات عدة.
أحمد عيسى لم يكن بمنأى عن سابقه حين أكد أن أهالي المحرق يعشقون البحر منذ طفولتهم ويجدون راحتهم فيه لذلك لجأوا إلى هذه الكبائن، مؤكداً أنه مع تنظيم العملية وليس إزالتها وحتى لو لزم الأمر دفع رسوم شهرية.
وأضاف: «نجتمع كمتقاعدين في الكابينة أيام الإثنين والخميس ونتناول الفطور بعد الصيام، ونقيم الصلاة بمواعيدها ولا نرضى بما نسمع عنه من ممارسات لا أخلاقية تحدث في كبائن أخرى ولا يجب تعميمها على الجميع».
وحول مضايقة الكبائن لعموم عائـــــلات البســــيتين والمحرق، قال فوزي فالح إن وجود الكبينة لا يكبل حريات الآخرين، لافتاً إلى أنه لا يحب الذهاب إلى المجمعات التجارية والمكتظــــة بالنـــاس، ويمكن تنظيـم الكبائن لتكون بجــانب والعائلات بجانب آخر.
عار في الكبينة
هممنا بدخول الكبينة التالية إلا أن وجود شاب عار يستر بعض جسده ببطانية جعلنا نتراجع عن دخولها رغم دعوات الشاب الملحة للدخول، انتقلنا بعدها إلى كبائن أخرى إلى أن أحداً لم يكن فيها رغم دلائل في بعضها على حياة ليلية تشهدها ربما كل يوم.
كابينة عائلية
في هذه الكابينة كان يجلس أحد الأشخاص ويدعى عيسى محمد بوعركي مع زوجته، وقال لنا «أنا موجود في الكبينة مع عائلتـــــي لنتنفس الهواء النقي ونغير جو المنزل، وفي الوقت نفسه أدخل أحياناً للبحر طلباً للرزق، ووجودنا هنا يجــــب ألا يضايق أحداً فنحن عين ساهرة على وطننا ونحمـــي سواحله، ولماذا يريدوننا نخرج من الكبائن بيد أن جيراني نواباً وبلديين يملكون الكبينة المجاورة لي».
أما زوجته فقد ذكرت أن المخربين ييعثون في الشوارع فساداً ويحرقون الإطارات ويعطلون حياة الناس لذلك ترى أن البحر ملجأ للراحة بعيداً عن القلق، فيما قال جاره محمد أحمد إن الكابينة تتبع صديقه ومتواجدون فيها منذ 5 سنوات.
واعترض على إزالة الكبائن وذكر أنه تقدم للحصول على رخصة للعمل في البحر وأن الكبائن ملجأ للبحارة ولا يوجد لديهم بديل، مشيراً إلى أن عمره 50 سنة فمن سيرضى بتوظيفه في هذا العمر؟.
وزاد: «نحن نطالب ببناء مسجد قريب منا ونرفض ما يحصل من مخالفات أخلاقية وهي تصرفات فردية والبعض يقوم بشرب الخمور في السيارة ويرميها قرب الكبائن.
مقهى للصيادين
من جانبه دعا العضو محمد المطوع إلى بناء مجلس ومقهى للصيادين حتى يتمكن المواطن من الحصول على الساحل وكذلك الصيادين يتجمعون في مكان واحد بشكل منظم مع توفير مصلى ومرافق عامة.
وقال إنه يتلقى اتصالات عدة من أهالي البسيتين يتحدثون عن حرمانهم من الساحل العام ورغبة أبنائهم بالسباحة، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية توفير البدائل للبحارة المحترفين والهواة كي لا يهضم حق أي شخص. أما العضو خالد بوعنق، ذكر أن هذه السواحل متنفس للجميع وأن من يقف ضد هذه الكبائن عليه توفير البديل.
وانتقد عشوائية توزيع الكبائن واستمرار بنائها دون أي رادع.