عواصم - (وكالات): حذرت المعارضة السورية من عمليات تطهير عرقي بعد العثور على عشرات الجثث في حي رأس النبع جنوب مدينة بانياس المختلطة طائفياً، والواقعة في محافظة طرطوس ذات الغالبية العلوية، الأقلية الدينية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد، فيما اتهم الجيش السوري الحر قوات من «حزب الله» بقصف منطقة القصير بريف حمص بمواد كبريتية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجثث وبينها 14 طفلاً، عثر عليها خلال اقتحام القوات النظامية ترافقها عناصر من جيش الدفاع الوطني من الطائفة العلوية». وأعلنت واشنطن أنها «روعت» إزاء الأنباء التي تحدثت عن ارتكاب القوات السورية مجزرة في قرية البيضا ببانياس، محذرة من أن «المسؤولين عن الخروقات لحقوق الإنسان يجب أن يحاسبوا». وأتي ذلك تزامناً مع حركة نزوح واسعة من الأحياء السنية في بانياس خوفاً من مجازر قوات الرئيس بشار الأسد، غداة تأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه لا يعتزم مبدئياً إرسال جنود أمريكيين إلى سوريا.
من جانب آخر، كشفت وسائل إعلام أمريكية أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت أهدافاً داخل الأراضي السورية يعتقد أنها شحنة أسلحة، وذلك للمرة الثانية منذ مطلع العام الجاري. وفي حين التزمت إسرائيل الصمت، نفى مصدر عسكري سوري حصولها، بينما أفادت مصادر دبلوماسية في بيروت أنها استهدفت صواريخ روسية في مطار دمشق الدولي.
من جهته، قال العضو في لجنة القوات المسلحة في الكونغرس ليندسي غراهام أن «إسرائيل قصفت سوريا الليلة قبل الماضية»، وذلك بحسب تصريحات خلال العشاء السنوي لجمع الأموال لصالح الحزب الجمهوري في ولاية ساوث كارولاينا أمس الأول، نقلها موقع بوليتيكو الإخباري.
وأشارت قناة «سي ان ان» الإخبارية إلى أن وكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية تدقق في معلومات تحدثت عن قيام إسرائيل بضربة جوية على سوريا، تزامناً مع تحليق كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
وأعلن الجيش اللبناني أن الطيران الحربي الإسرائيلي خرق الأجواء اللبنانية على 3 دفعات خلال الخميس والجمعة الماضيين.
من جهتها، قالت شبكة «ام اس ان بي سي» الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين أن «مسؤولين إسرائيليين اعترفوا بشن غادرة جوية أصابت الداخل السوري»، في معلومات التزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت حيالها. لكن مسؤولاً في وزارة الدفاع الإسرائيلية قال إن «إسرائيل تتابع الوضع في سوريا ولبنان، وخصوصاً في ما يتعلق بموضوع نقل أسلحة كيميائية وأسلحة خاصة» من النظام السوري إلى حليفه حزب الله الشيعي.
وبينما نفى مصدر عسكري سوري حصول الغارة، أفاد مصدر دبلوماسي في لبنان أن القصف الجوي دمر صواريخ أرض جو روسية سلمت حديثاً إلى سوريا، وكانت مخزنة في مطار دمشق الدولي.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» أمس الأول أن مقاتلين معارضين أطلقوا قذيفتي هاون على حرم المطار، ما أدى إلى حريق في خزان لوقود الطائرات وأضرار في طائرة تجارية.
وأبلغ مسؤول أمريكي رفيع المستوى قناة «ان بي سي نيوز» أن الضربات الجوية استهدفت على الأرجح أنظمة إطلاق لأسلحة كيميائية. ونقلت قناة «ان بي سي» أن الهدف الرئيسي للغارة «كان شحنة أسلحة إسرائيلية متجهة إلى حزب الله اللبناني».
وهي المرة الثانية هذا العام يقصف الطيران الحربي الإسرائيلي أهدافاً داخل الأراضي السورية.
من جهته، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن الرئيس السوري بشار الأسد يحتفظ بالسيطرة على الأسلحة الكيماوية في سوريا ولا يسعى إليها حلفاؤه في جماعة «حزب الله» اللبنانية.
من جهة أخرى، قال أوباما في كوستاريكا «لا أرى سيناريو يكون فيه إرسال جنود أمريكيين إلى الأراضي السورية أمراً جيداً بالنسبة للولايات المتحدة ولا حتى بالنسبة لسوريا».
ميدانياً، اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أن «عمليات القتل العشوائي في قرى الساحل السوري تأخذ بالتدريج طابع عمليات تطهير عرقي، داعياً مجلس الأمن الدولي «إلى الانعقاد فوراً، لإصدار قرار ملزم يدين بشدة مجازر النظام، ويعتبرها جرائم إبادة جماعية». وأتى تحذير الائتلاف المعارض على خلفية العثور على 62 جثة في حي رأس النبع السني جنوب مدينة بانياس. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجثث وبينها 14 طفلاً، عثر عليها في حي رأس النبع، وإن الضحايا «استشهدوا خلال اقتحام القوات النظامية ترافقها عناصر من جيش الدفاع الوطني من الطائفة العلوية». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن مئات العائلات بدأت بالفرار من الأحياء السنية في بانياس، خوفاً من «مجزرة جديدة» غداة قصف هذه الأحياء من القوات النظامية، وبعد يومين من مقتل 51 شخصاً في قرية البيضا السنية المجاورة.
وتواصلت أعمال العنف أمس في مناطق سورية عدة حاصدة عشرات القتلى والجرحى.
وفي منطقة القصير بريف حمص، أفاد المرصد عن تقدم القوات النظامية مدعومة من مقاتلي حزب الله اللبناني تجاه مدينة القصير التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، فيما اتهم الجيش الحر قوات حزب الله بقصف المنطقة لاجتياحها بمواد كبريتية.
وفي دمشق، أفادت وكالة «سانا» بأن الرئيس الأسد شارك في إزاحة الستار عن نصب تذكاري «لشهداء الجامعات السورية» في جامعة دمشق، في ظهور علني هو الثاني له منذ الأربعاء الماضي. وفي منطقة اللاذقية، في قلب المناطق العلوية، يؤكد المقاتلون المعارضون استعدادهم لخوض حرب استنزاف، بسبب افتقارهم إلى الأسلحة القادرة على مواجهة القوة الضاربة للنظام.