كتب - حذيفة إبراهيم:
تطرح وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني قريباً مناقصة للاستشاريين لدراسة سبل «إطالة عمر» مدفن النفايات في حفيرة، رغم تصريح سابق لوكيل وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني نبيل أبوالفتح، بأن «المكب المخصص لمدفن النفايات في المنطقة الجنوبية من البلاد بلغ نهاية طاقته الاستيعابية خلال هذه الفترة، ولا يستطيع استيعاب كميات أكبر من النفايات التي تردم بعد عامين أو ثلاثة على الأكثر».
وفي وقت يفوق فيه إنتاج البحرين من النفايات الـ1.5 مليون طن سنوياً، ويبلغ فيه إنتاج الفرد البحريني للنفايات الـ3 كيلوات، ورغم أن مساحة البحرين لا تسمح بوجود مدافن للقمامة؛ لاتزال «البلديات» كما يؤكد بلديون مصرة على استخدام تقنية الحرق، رغم أنها لن تحل إلا جزءاً يسير من المشكلة، فضلاً عن أنها تتسبب بمشاكل أخرى.
البلديات أكدت أن الانتقال لإعادة تدوير النفايات أفضل من دفنها، لكنها أشارت إلى أن القرار ليس «فردياً» ويجب أن يكون وفق دراسات دقيقة تعرض على مجلس الوزراء، وفيما أكد الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة د.عادل الزياني أن البحرين بحاجة لدراسة جدوى على الكميات المنتجة من النفايات والعوائد الاقتصادية المتوقعة من إعادة تدويرها، فضلاً عن الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على التراخيص في إعادة تدوير النفايات، أكد رئيس بلدي الجنوبية محسن البكري أن «تقنية التخمير» هي الأمثل حتى الآن للتخلص من النفايات في البحرين.
مناقصة بشأن «حفيرة»
وكشف وكيل وزارة البلديات د.نبيل أبوالفتح عن أن الوزارة ستطرح قريباً مناقصة للاستشاريين لدراسة سبل «إطالة عمر» مدفن النفايات في حفيرة، مشيراً إلى وجود عدة دراسات حول التخلص من النفايات في المملكة.
وأوضح أبوالفتح لـ «الوطن» أنه كانت هناك شركة تفاوضت مع الجهات المعنية لتقديم دراسة بيئية حول مشروع للتخلص من النفايات، إلا أن «ظروف معينة» منعت تلك الشركة من إنهاء الدراسة.
وحول احتمالية انتقال مشكلة «وادي البحير» لمنطقة حفيرة في عسكر قال أبوالفتح إن منطقة حفيرة بعيدة عن المناطق السكنية وهي في تخطيط وزارة البلديات لن تكون في يوم ما منطقة سكنية حيث ستبقى منطقة للتنمية الزراعية، وهو ما ينفي احتمالية اللجوء لإزالة النفايات منها مستقبلاً لإقامة منطقة سكنية كما هو الحال في وادي البحير.
وبين أن الانتقال لإعادة تدوير النفايات أفضل من دفنها إلا أن القرار ليس «فردياً» ويجب أن يكون وفق دراسات دقيقة تعرض على مجلس الوزراء، والذي سيقرر حينها ما هو الأصلح للمملكة، بالإضافة للحاجة إلى توعية المواطنين وإيجاد الوسائل الخاصة به، حيث يعتبر إعادة تدوير النفايات من الخطوات المتقدمة في التعامل معها.
المدفن استوعب طاقته
أبوالفتح، أوضح في تصريح سابق أن «المكب المخصص لمدفن النفايات في المنطقة الجنوبية من البلاد بلغ نهاية طاقته الاستيعابية خلال هذه الفترة، ولا يستطيع استيعاب كميات أكبر من النفايات التي تردم بعد عامين أو ثلاثة على الأكثر».
وأضاف خلال جلسة بلدي الجنوبية فبراير 2012 أن إنشاء مصنع لتدوير المخلفات هو الحل الأمثل المطروح حالياً، لافتاً إلى أن البحرين بحاجة إلى مصنع لتدوير المخلفات، لأنها خلال 3 أعوام ستصل إلى نهاية الطاقة الاستيعابية للمدافن الموجودة حالياً، فهي تنتج 1.5 من المخلفات سنوياً».
مسؤولية «البلديات»
بدوره قال الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة د.عادل الزياني إن معالجة النفايات المنزلية هي مسؤولية وزارة البلديات، أما النفايات الصناعية فهي من مسؤولية «البيئة»، مشيراً إلى أن «البيئة» تساهم في المشورة ووضع الخطط مع البلديات للتخلص من النفايات، مبيناً أن البلديات أوكلت مهمة جمع النفايات ودفنها إلى شركات متخصصة.
وأضاف د.الزياني «ما يتم حالياً من عمليات دفن للنفايات أمر غير صحيح عالمياً، وحتى وإن كان صحيحاً فهو غير مناسب للمملكة بحكم المساحة الصغيرة والحاجة الملحة للأراضي، فضلاً عن كون المناطق لدينا متقاربة وليست متباعدة».
وبين أن النفايات تقسم لـ3 أنواع وفقاً لدرجة خطورتها، فضلاً عن تقسيم آخر وفقاً لنوعها سواء سائلة أو صلبة أو شبه صلبة، مشيراً إلى أن لكل نوع طريقة فيما يخص التعامل معها والتخلص منها.
وذكر أن البحرين لديها تجربة ناجحة في إعادة تدوير النفايات حيث يتم تجميع وبيع الأوراق والكرتون وغيرها من المخلفات إلى الخارج وتصديره، وتشكل مصدر ربح جيد، موضحاً أن التجربة في تركيا ودول الخليج المجاورة في إعادة تدوير النفايات أثبتت جدارتها وأنها مصدر للأرباح، حيث يتم استخدمها في توليد الطاقة أو إنتاج بعض المواد المستخرجة من النفايات الإلكترونية سواء الذهب والمعادن وغيرها.
وأردف «حتى المخلفات البلاستيكية والتي كان هناك خوف منها أصبح اليوم بالإمكان إعادة تدويرها حيث يتم استخدامها في الفايبر والمنسوجات ومواد أخرى، ليس هناك إلا جزء بسيط من النفايات لا يمكن تدويره ينتج مواد كيميائية ضارة».
وأكد د.الزياني أن البحرين بحاجة لدراسة جدوى على الكميات المنتجة من النفايات والعوائد الاقتصادية المتوقعة من إعادة تدويرها، فضلاً عن الإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على التراخيص في إعادة تدوير النفايات.
وبين الزياني أن البحرين شهدت «مشروع مناقصة» لم تتم نتيجة لاختيارها أسوأ الطرق في التخلص من النفايات عن طريق الحرق، وهو الأمر الذي سينتج غازات ملوثة للهواء ومسرطنة، مشيراً إلى أن الشركة التي أجرت الدراسة لم تقدم أي ضمانات حول عدم إنتاج تلك الغازات وهو الأمر الذي ألغى المناقصة.
ارتفاع إنتاج النفايات
وحول إنتاج النفايات أكد د.الزياني أن البحرين من الدول المرتفعة في معدلات إنتاج النفايات للفرد الواحد، مشيراً إلى أن ذلك عائد للثقافة الاستهلاكية السائدة في البحرين وباقي دول مجلس التعاون بشكل عام.
وبين أن جزءاً ليس بسيطاً من النفايات في البحرين يأتي من المنتوجات المنتهية الصلاحية أو استيراد بعض المواد الفاسدة والتي يتم التخلص منها، موضحاً أن ذلك يتعلق بسوء إدارة الموارد لدى المستهلكين والتجار والمستوردين.
واستطرد أن «وجود نسب عالية من المواد الفاسدة ليس مبرراً لارتفاع إنتاج النفايات للفرد الواحد في البحرين، حيث الأمر يختلف في أوروبا إذ تأتي سيارة البلدية مرة واحدة في الأسبوع للمواطنين لاستخراج النفايات، أما الأمر في البحرين فإن السيارة تأتي مرتين في اليوم ولا تستطيع أن تفي بالغرض».
وكشف عن أن البحرين تفتقر للأراضي الجديدة لدفن النفايات، فضلاً عن أن استخدام تلك الطريقة سيشكل «الحقول الداكنة» والتي ستسبب لاحقاً مشاكل عميقة للمملكة لا يمكن حلها بسهولة.
وبشأن عزم وزارة البلديات طرح مناقصة لزيادة العمر الافتراضي لمدفن «حفيرة» أكد الزياني أن «من حق وزارة البلديات الاتجاه لذلك الطرح، لكن حتى لو دخلنا في مناقصة لإعادة تدوير النفايات فلا يمكن أن ينتهي الأمر بسرعة كبيرة، حيث تحتاج لدراسات، فضلاً عن أن المشروع يكلف ملايين ويحتاج لمعدات ربما تستغرق عامين لتجهيزها، وخلال تلك الفترة يجب أن يكون هناك وسيلة للتخلص من النفايات، تعمل بالتوازي مع أي مشروع جديد لحين اكتماله».
وأضاف د.الزياني «تحدثت يوم الخميس الماضي إلى وزير البلديات شخصياً، وهو حريص على ذلك الموضوع، إلا أن الأمور متداخلة قليلاً وهناك أولويات لدى الوزارات، فضلاً عن أن ميزانية الدولة متوقفة ولم نستطع القيام بمشاريعنا بسبب الميزانية».
وأشار الزياني أن تعرض صحيفة «الوطن» لموضوع النفايات أعطاه المزيد من الحركة بالاتجاه الصحيح، مؤكداً أن الإعلام جزء مساعد في تسريع وتيرة تحرك تصحيح الأمور.
انتقال «البحير» إلى «حفيرة»
بدوره قال عضو بلدي الوسطى أحمد الأنصاري إن وزارة الإسكان تنقل النفايات المتراكمة من وادي البحير إلى منطقة حفيرة بالقرب من عسكر، مشدداً على ضرورة إيجاد حل جذري للنفايات كون استمرار هذه الحالة سيؤدي إلى «مشكلة جديدة في حفيرة».
وأوضح أنه لا وجود لخطة واضحة في التخلص من النفايات في البحرين والجهات المعنية مستمرة بالردم، مشدداً على ضرورة إيجاد الحلول الجذرية للتخلص من النفايات بدلاً من الطرق التقليدية التي ستسبب المزيد من المشاكل.
روائح كريهة بعسكر
من جانبه أكد رئيس بلدي الجنوبية محسن البكري أن مشكلة «وادي البحير» تنتقل لعسكر، مع وجود المدفن الكبير للنفايات في منطقة «حفيرة» بالقرب منهم.
وقال إن استمرار استخدام الوزارة للآلية ذاتها في التخلص من النفايات عن طريق الدفان أدى إلى مشاكل عديدة في ذلك الخصوص، حيث تسببت عدة مرات بحرائق نتيجة لاشتعال غاز الميثان ولكنه تمت السيطرة عليها، فضلاً عن الروائح المنتشرة في منطقة عسكر.
وبين البكري أن الإشكالية قديمة في الموقع، حيث لا يوجد تحرك جدي من الوزارة لحل المشكلة بشكل نهائي، إضافةً إلى تسرب غاز الميثان إلى المياه الجوفية، وهو خطر آخر في الموقع.
وأضاف أن وزارة البلديات مصرة على التعاقد مع إحدى الشركات التي تستخدم طريقة «حرق النفايات» لإنتاج الطاقة، وهي لن تحل إلا جزءاً يسيراً من المشكلة، فضلاً عن أنها ستتسبب بمشاكل أخرى، للبحرين من خلال الغازات الدفيئة أو الدايوكسينات المسرطنة.
وأشار البكري إلى التقنية التي تسعى لها وزارة البلديات عن طريق حرق 80% من النفايات المنزلية دون فرزها، ثم إعادة دفن الناتج عن عملية الحرق بالإضافة لما لم يتم حرقه، مؤكداً أن الوزارة لم تقم بأي خطوات جديدة فيما يخص التخلص من النفايات بعد أن تم إيقاف مشروع الشركة الماضية.
وأضاف «سألنا الشركة حول النفايات الموجودة في المدفن وإمكان إخراجها لإعادة حرقها، حيث جاء رد الشركة أن «نقل الأهرامات من بلد لآخر أسهل من استخراج النفايات وحرقها»، وهو ما يؤكد عدم الفائدة من تلك التقنية».
ونوه البكري بأن «تقنية التخمير» هي الأمثل حتى الآن للتخلص من النفايات في البحرين، مشيراً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تصدر جزءاً من النفايات للخارج وهو ما يؤكد القيمة المربحة لها.
مشروع لم يكتمل
كانت «شركة الأبراج الكويتية القابضة» قد أعلنت سابقاً في العام 2011 أنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع شركة فرنسية بشأن مشروع لمعالجة النفايات في البحرين بقيمة 156 مليون دولار، وذلك من أصل الصفقة التي تبلغ قيمتها الإجمالية 600 مليون دولار، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بذلك الخصوص رغم أهمية الموضوع.
وتشير إحصائيات وزارة البلديات إلى أنه ما يقرب من 50% من النفايات الصلبة يمكن تدويرها، و40% من المخلفات السائلة يمكن إعادة استخدامها بتعزيز رغبات الشركات من خلال تمكين للاستثمار في هذا القطاع.
وبحسب إحصائيات العام 2011 فإن البحرين تنتج ما يقرب من 3000 طن من النفايات يومياً، أي بمعدل يفوق الـ1.5 مليون طن نفايات سنوياً، وهو ما يجعلها تحدياً أمام المسؤولين لتخفيضها إلى الحدود الدنيا، بينما بلغت نسبة زيادة إنتاج النفايات 15% سنوياً.
ووفقاً لتلك الإحصائية فإن متوسط إنتاج الفرد من المخلفات يفوق الـ3 ونص كيلوجرامات، وهو ما يفوق بحسب الخبراء متوسط إنتاج الفرد في أمريكا بما يزيد عن الـ25%.
ويشير خبراء البيئة إلى أن الإشكالية السلبية هو وقوع ذلك المدفن بالقرب من المباني، حيث تشكل المواد المتحللة بيولوجياً الذي يعتبر أحد الغازات الدفيئة ويقدر علماء المناخ مسؤوليته بنسبة 4-9 في المائة عن ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويمكن إعادة تدوير المخلفات وفقاً للبيئيين من خلال بدائل معروفة سواء بإنتاج الأسمدة أو حرق بعض المخلفات غير الضارة بعد فصلها لإنتاج طاقة وغيرها من الطرق غير المكلفة والمربحة مادياً.
وبحسب خبراء البيئة يمكن التخلص من النفايات عن طريق تقسيم جميع المواد الخطرة والسامة، والمواد المشعة والكيماوية غير القابلة للتحلل، والمواد القابلة لإعادة تصنيعها تجارياً، كالأقمشة والمواد الورقية والصوفية والبلاستيكية والنايلون والمعادن وغيرها، والتي يتم بيعها على مصانع فرعية تقوم بإعادة إنتاج هذه المواد.
وتأتي الطريقة الأكثر ملاءمة من خلال «تقنية التخمير اللاهوائي» والتي تتميز بعدم أضرارها الصحية، حيث ينتج غاز الميثان الذي يتم تجميعه في خزانات ضخمة لحفظه، بينما يعاد استخدامه في تشغيل مولدات طاقة كهربائية، وما يتبقى يتم تحويله باستخدام مواد كيميائية إلى أسمدة طبيعية.