كتبت ـ عائدة البلوشي:
مجتمعنا العربي يعلي من شأن الذكور على حساب الإناث، ويمنح الحق للأخ لتقييد حركة أخته دون النظر لسنه، فلا طلعة للفتاة إلى السوق أو السينما أو زيارة صديقة دون جواز مرور مشروط بخاتم شقيقها الأكبر أو الأصغر لا فرق!.
«ممنوع الخروج» جملة جاهزة على لسان الشباب عندما تريد أخواتهم مغادرة المنزل لأي سبب كان، هنا تحدث مشادة كلامية بين الطرفين، وتحتدم معركة غالباً ما تحسم لصالح الأخ صاحب الامتيازات والكلمة العليا بالمنزل وخاصة بغياب الوالدين.
حدود سلطة الشقيق على شقيقته فضفاضة لا تحدها الحدود، وتزداد هذه السلطة وتترسخ مع نأي الأبوين بأنفسهم، وترك الموضوع لتقدير أخ متسلط «يدعي معرفة مصلحة أخته ويخاف عليها ويقدر أوان خروجها من المنزل من عدمه!».
صاحب الامتياز
فاطمة محمد 15 سنة يكبرها جميع أشقائها الذكور، وتجد في وصايتهم عليها وتقييد حريتها ظلماً وإجحافاً «يرفضون خروجي إلا بصحبتهم، لكن عندما يكون والدي موجوداً ينزوون جانباً».
في إحدى المرات دعيت فاطمة إلى حفل زواج صديقتها فمنعها شقيقها الأكبر من الذهاب «عندما أخبر والدي بقراره وافق على ذهابي، غير أن شقيقي حاول مناقشته في الموضوع وتبرير تصرفه، فأنهى والدي الحوار بحسم مؤكداً أنه هو المسؤول عني وليس مسموحاً لأحد فرض سلطته علي بوجوده».
وتستدرك فاطمة «ما يحدث أمر عادي.. في كل أسرة تكون للأخ امتيازات خاصة، والتحكم في هذه الامتيازات بالزيادة أو النقصان يرجع للأب ومقدار تفهمه لشخصيات بناته».
كسر إرادات
مروة إسماعيل آخر العنقود بالأسرة، ولديها أخوان الأول يكبرها بـ10 سنوات ولا يتدخل فيها نهائياً بل يقف في صفها ويتفهم موقفها، والثاني يكبرها بـ3 سنوات «دائماً يحاول التحكم بي، ويعتبر نفسه الآمر الناهي في المنزل، ويتصف بالعصبية والعناد، وعندما أدخل معه في جدل ونقاش يفرض رأيه وقراره في النهاية، يومياً أتهاوش معه».
قبل أيام قررت مروة الذهاب إلى بيت صديقتها بإذن من والديها على ألا تتأخر في العودة للمنزل «طلبت من أخي الأصغر أن يوصلني إلى بيت صديقتي، هنا بدأ الجدال والنقاش وأسئلة لا تنتهي لماذا تريدين الذهاب؟ لماذا لا تأتي هي؟ أقترح أن تزورك هي.. ما اسمها؟ وكأني في تحقيق، وفي النهاية رفض إيصالي انقهرت وبكيت ولم أذهب».
قيود وردية
وتقول فرح عبدالرحمن «نحن 3 بنات و3 أولاد، أكبرنا أخي أحمد وأنا الثالثة في الترتيب، تربينا على أساس أن الوالد هو صاحب القرار والوالدة في غيابه بالعمل أو لدواعي السفر، ولا سيطرة أو تحكم لأحد على أحد.. جميعنا تحت قانون أسرة يقودها الأب، ولا يسمح أو لم يعتد إخوتي على سياسة التحكم أو السيطرة في أخواتهم البنات».
وتعلق أمل محمد 22 سنة «توفي والدي وأنا في المرحلة الإعدادية، وكانت أمي بمثابة الأم والأب معاً، وكان أخي يلبي جميع رغباتنا، فهو دائما يسأل عنا ويمنعنا ويرشدنا وينصحنا، وهذا لا يعتبر تدخلاً أو سيطرة، بل العكس كم هو جميل أن نجد من ينصحنا ويرشدنا، لأنه بأسلوبه لا يفرض علينا قيوداً، ولا يأمرنا بل يسألنا ويأخذ رأينا في جميع الأمور».
لا علاقة للعمر
وتروي سميرة صالح 27 سنة قصتها «تدخل أو سيطرة الأخ الأكبر أو الأصغر في أخواتهم يضايق الفتيات، خاصة إذا كان الأخ أصغر من الأخت، فلماذا يتدخل ويتحكم بها رغم أنه الأصغر؟ فقط لأنه ذكر هذا الأمر مرفوض عند الفتاة».
عاشت سميرة طفولة مماثلة «كان أخي يصغرني بسنتين، رغم ذلك كان يتدخل ويشك أنفه وأصابعه في الصغيرة والكبيرة، ألوان ملابسي وشكل حقيبة اليد وطريق وضع الحجاب».
ما كان يضايق سميرة أكثر سكوت والدتها ورضاها عن تصرفات أخيها الصغير «كانت دائما تردد يبي مصلحتج.. أي مصلحة وأنا الأكبر سناً والأكثر نضجاً؟!».
سميرة بعد أن تزوجت قررت ألا تسمح لأبنائها الذكور بالتحكم في شقيقاتهم «سأعلمهم أن القرار النهائي في هذه المواضيع من اختصاص الأب ثم الأم».