قال علماء باحثون إن استكشاف البيئة المحيطة ومراكمة التجارب المختلفة يحفزان الدماغ ويجعلانه يولد المزيد من الخلايا العصبية، وذلك في دراسة نشرت الخميس تلقي الضوء على طريقة تأثير الأنظمة العصبية على شخصية الإنسان. وأعد هذه الدراسة علماء وباحثون من معهد بلانك في برلين ومن مركز العلاج التجددي في دريسدن في المانيا. وعمل الباحثون على تحديد العلاقة بين التجارب التي يعيشها الانسان وتطور دماغه، محاولين بذلك معرفة السبب الذي يجعل من توأمين متشابهين نشآ في الظروف نفسها، مختلفين في الشخصية.
ولهذه الغاية، قام العلماء بمراقبة أربعين فأراً متشابها جينيا، وحبسوا الفئران لمدة ثلاثة أشهر في مكان مغلق يتيح لها القيام باأمال متنوعة وبامكانية استشكاف أمور متعددة.
وتعليقا على هذه التجربة قال الاستاذ الجامعي غريد كمبرمان احد المشرفين على هذه الدراسة «هذه الحيوانات ليست متشابهة جينيا وحسب، بل كانت تعيش ايضا في بيئة واحدة، لكن هذه البيئة الواحدة غنية ومتنوعة بحيث أن كل فأر كان يمكنه أن يشكل تجاربه الخاصة».
وأضاف «بعد وقت محدد، أصبح لكل فأر سلوكه الخاص شيئاً فشيئاً».
وأرجع العالم هذه الاختلافات في السلوك إلى «ظهور خلايا عصبية جديدة في المنطقة الوسطى من الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة».
وأوضح قائلاً «دماغ الفئران التي كانت تغامر أكثر من غيرها، كان يولد خلايا عصبية أكثر».
وبالإضافة إلى هذه المجموعة من الفئران، وضع الباحثون مجموعة أخرى في بيئة مملة ليس فيها شيء مميز. وتبين لهم أن أدمغة الفئران في هذه المجموعة تولد معدلاً متوسطاً من الخلايا الدماغية أقل من تلك الموجودة في المجموعة الأولى.
وزود العلماء كل فأر بشريحة الكترونية دقيقة جداً ترسل إشارات كهرومغنطيسية تتيح للعلماء مراقبة أي تحرك وتقييم السلوك.
وركز الباحثون على أن وجود الفئران في بيئة واحدة وتشابهها الوراثي لم يؤديا إلى تشابه في السلوك بين هذه القوارض، بل كان لكل منها سلوك خاص جداً في الاستجابة لما يجري حولها.
وقد نتج عن فترة التجربة هذه تشكل «شخصيات مختلفة» لدى هذه الفئران.
وقال كمبرمان «إن انتاج الخلايا الجديدة يجري أيضاً في دماغ الإنسان البالغ».
وبحسب هذا العالم، هذه التجربة التي جرت على فئران «يمكن أن تلقي الضوء على الأسس العصبية لتكوين الشخصية، وهذا الأمر يسري على الإنسان أيضاً».
وقال اولمان ليندنبرغر استاذ علم النفس في معهد بلانك «إن نتائج هذا البحث تظهر أن توليد الخلايا العصبية يساهم في السلوك ويؤثر على الطريقة التي يشيخ بها دماغ الإنسان».
وأضاف «هذا يدفعنا إلى الاعتقاد أيضاً أن البيئة الغنية والمحفزة تنمي شخصية الإنسان».
وكانت دراسات سابقة أشارت إلى أن التمارين الرياضية والتواصل الاجتماعي من شأنها أن تحفز توليد الخلايا العصبية.
في المقابل، يؤدي التوتر النفسي واستهلاك الكحول والإفراط في تناول الدهون والسكر إلى نتائج معاكسة.