جميعنا يعرف قصة الحب التاريخية الشهيرة «عنتر وعبلة» ويحفظ خفاياها عن ظهر قلب، وطالما تغنينا بأبيات عنترة وهو يتغزل بمحبوبته، وسمعنا قصص الحكواتي عن بطولاته الأسطورية للظفر بها، وشاهدنا مسرحيات وأفلاماً تتناول الحكاية بأساليب التراجيديا حيناً والكوميديا أحياناً.
طالبات مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات قدمن مسرحية «عنتر وعبلة» بأسلوب شيق مبتكر، «زبيبة» الحبشية ذات البشرة الداكنة تنوح وتصرخ باسم ابنها عنترة «لا تأخذوه ابني، ابني اتركوووه».. لا يعيرها الحراس أي اهتمام.. يتعالى صوتها وتندب حظها التعيس وتتلاشى.
«عنترة» يكبر في بيت «عبلة» الفتاة الحسناء، ويكون عبداً في بيتهم، ولسوء الحظ يقع في غرامها، قوته وشجاعته وقصائد الحب التي يرتجلها من أجلها لا تشفع له، وأخوه «شيبوب» لا ينفك عن إحباطه.
تصل قصة شغف عنترة بعبلة إلى والدها، ويطلب مهراً خيالياً من عنترة ليعجزه عن الزواج من ابنته ولكنه يأتيه بما طلب، ألف ناقة من النوق العصافير.
يروي عنترة رواية حبه للملك النعمان ويوافق على إعطائه ألف ناقة من النوق العصافير، ليقدمها مهراً لوالد عبلة ويتزوج ابنته.. يصدم والدها ويقرر أن يعرض ابنته للزواج على أن يكون مهرها رأس عنترة.. وبعد صراع طويل يهزم عنترة ويموت تاركاً وراءه حباً عظيماً وشعراً بليغاً، وتتزوج عبلة غصباً من أحد الشبان.
دلال المشاري ألفت نص المسرحية وأخرجتها ولعبت دور البطل المغوار «عنترة»، وهي طالبة من مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات، تدرس بتخصص التلمذة المهنية القسم المتقدم.
تقمصت دلال شخصية «عنترة» ولعبتها بحرفية عالية وهي تقف للمرة الأولى على خشبة المسرح وأمام عدد كبير من الجماهير التي تفاعلت بحماس مع المشاهد.
وجمعت دلال في العرض فنوناً عديدة كالتمثيل وإلقاء الشعر والقتال والعزف الحي والغناء، وهي ترى في الإخراج مجالاً ستتخذه طريقاً لها في المستقبل.
وأدت مريم حسن دوري «زبيبة» و»شيبوب» بمهارة كبيرة أخذتنا معها إلى عالم القصة الحقيقية، فصوت بكائها ومن ثم شخصيتها القوية والمعتادة على التمثيل لم تجعلنا نختار إلا المضي بأفكارنا معها وعيش تفاصيل القصة بحماس.
مريم وقفت على المسرح مرات عدة، إذ مثلت من قبل مع فرقة تياتروز البحرين وفي عدد من المسلسلات ما صقل موهبتها وجعلها تتقمص الدورين بمهارة.
أما دور الراوي فأدته بصوت ساحر الطالبة فاطمة يوسف، وروت لنا تفاصيل قصة الحب التاريخية بأسلوب شيق، وغلب عليها بعض التوتر في بداية الأمر ولكنها ما لبثت أن غاصت في عوالم القصة دون وعي منها وسحبتنا معها إلى أشد التفاصيل عمقاً.
بدأت فاطمة مشوارها الفني البسيط في إحدى الفعاليات بالمدرسة ولاقت تشجيعاً ودعماً كبيرين أوصلاها إلى ما هي عليه الآن، فتاة جريئة تمشي بخطى واثقة على خشبة المسرح.. وقالت بخجل «سري الصغير أني لا أرى عيون الجمهور التي تتأملني، وإنما أبحث عن نقاط خالية من الناس لأركز عليها حتى تختفي الرهبة»، وصدمت بها والدتها كثيراً حسبما أكدت وباتت تلتقط لها صوراً عديدة أكثر من اهتمامها بالدور نفسه.
جاء العرض المسرحي ضمن مهرجان المسرح المدرسي للمحافظات الأول الذي نظمته إدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم واحتضنته مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات ويستمر حتى الخميس 16 مايو.