أكد أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة البحرين أ.د.عبدالحكيم الشرقاوي أن البناء الديمقراطي لأية دولة لا يستقيم إلا بتجلي روح المواطنة في علاقات الأفراد بمؤسسات الدولة التي وجدت بقصد خدمتهم وتوفير ما يحتاجون إليه في حياتهم الفردية والجماعية، على أن يقابل الأفراد ذلك بالولاء الكامل للوطن من خلال قيم ومبادئ تعكس الإرادة العامة للمواطنين.
جاء ذلك في آخر محاضرة نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة بعنوان «دور المواطنة في تعزيز قضايا حقوق الإنسان» ضمن المحور الحقوقي، الذي يستهدف تنمية وتعزيز مهارات عدد من الكوادر البحرينية الواعدة تم اختيارها بعناية تامة للمشاركة في أعمال برنامج التمكين السياسي للمرأة.
وأضاف د.الشرقاوي أن «العلاقة بين المواطنة والمواطن والوطن، لا تنحصر في الاشتقاق اللغوي، وإنما تمتد إلى الارتباط الوثيق في المضامين، فلا مجال لتجسيد مفهوم المواطنة بما يعنيه من مشاركة -مباشرة أو غير مباشرة- في تدبير الشأن العام، ومسؤولية تجاه الوطن، دون وجود مواطن يدرك حقوقه وواجباته في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلا مواطنة دون مواطن، ولا مواطن دون ولاء للوطن، وتفاعل إيجابي مع قضايا هو انخراط حقيقي في شؤونه». وبين د.الشرقاوي أن «التربية المدنية» تعني مجموعة خبرات مدنية قوامها مفاهيم وقيم ومهارات واتجاهات تعزز الجانب المدني لدى الأفراد في مختلف جوانب الحياة المدنية ليكونوا فاعلين في بناء مؤسسات المجتمع، كما إنها تهتم بخلق مواطن منفتح على الحضارات، متفاعل مع الأحداث المحيطة محلياً وإقليمياً ودولياً، يحترم جميع الآراء ووجهات النظر، ويعزز المبادرة وتحمل المسؤولية والعلاقات بين المواطنين.
ولفت إلى أن «التربية من أجل المواطنة تتطلب تزويد المواطن بالمعارف الأساسية للقواعد المؤسسية أي الحقوق والواجبات، وينبغي أن تتضمن تعليماً ينمي القدرات الأساسية للمشاركة الفعالة اجتماعياً وسياسياً. ويهدف هذا النوع من التربية إلى رفع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي للأفراد، وإكسابهم قيماً ومهارات وأفكاراً وتصورات واتجاهات سياسية ومعرفية حديثة تبلور وعيهم، وتخلق لديهم قناعات قيمية وثقافية بأهمية الثقافة المدنية حتى ترسخ لديهم كسلوك».
وأوضح د.الشرقاوي أن للمواطنة ثلاثة أبعاد، أولها البعد القانوني الذي يشمل المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللون أو الجنس، وأن يكون لجوء المواطن إلى مؤسسات العدالة ميسوراً غير مكلف بالنسبة له، وأن تتوفر معايير العدالة المتفق عليها دولياً في عمل هذه المؤسسات. أما البعد الثاني فهو البعد السياسي ويشمل حق كل مواطن في المشاركة في تقرير شؤون المجتمع سواء من خلال الانتخابات العامة أو المحلية، ويتطلب ذلك أن يكون هناك سياق مجتمعي يشجع على المشاركة العامة، سواء من خلال مؤسسات التنشئة كالمدارس أو الجامعات أو منظمات المجتمع المدني كالنوادي والأحزاب، وإزالة القيود القانونية والعملية المفروضة على عمل هذه المنظمات. أما البعد الثالث فهو البعد الاجتماعي والذي يتمثل في حق كل مواطن في الحصول على فرص متساوية لتطوير جودة الحياة التي يعيشها، ويتطلب ذلك توافر الخدمات العامة للمواطنين، خصوصاً لذوي الدخل المحدود، وإيجاد شبكة أمان اجتماعي لحماية الفئات المستهدفة للمجتمع، وأن يظل لها صوت في التأثير على السياسات العامة. خالصاً المحاضر إلى أنا لمواطنة من خلال أبعادها الثلاثة السابقة هي «حالة وطنية ثقافية اجتماعية نسبية تعكس العلاقة بين الوطن والمواطن وتعتمد على مجموعة أسس لتحقيق أهداف معينة».