كتبت ـ ياسمين صلاح:
افتتحت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أمس، معرض التشكيلية العراقية فريال الأعظمي في عمارة بوزبون، ضمن فعاليات مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث.
المعرض ارتجل مجازاً ومنهجاً لأدوات التشكيلية فريال، التي تروم بين أشيائها في التو واللحظة عما يشبهها في خزانة ذاكرتها، وما يعتريها من فلسفة عفوية تتعاطى معها بفرادة كما تبوح بها بالقول «لو تعمقنا بالخطوط التي تسير بخطوات أنيقة، لوجدنا أننا نعيش الضجيج، والصراخ، وفوضى الحواس، كما هي حال ضربات الريشة باللون على جسد اللوحة الصامتة، وكأنها حالة ثورة وتمرد لا تكون، بالصوت الغاضب بل باللون الحر».
والتشكيلية فريال لا تحبذ الانخراط في مدرسة فنية معينة مفصحة «لا أتخذ لنفسي مذهباً مألوفاً هي هواجس إنسان أنثرها على طريقة اللون العشوائي، لكن خلف تلك العشوائية هناك انسجام وتناغم، يحدث بمزيج الألوان فأترك عشوائية اللون الهرموني خلفي، وأجعل حروفي كقائد الأوركسترا يعزف غاية اللوحة وملامحها الأخيرة، من ذاكرة العراق الكبيرة ومن مخطوطاتها، وتحفها علق بذاكرتي الصغيرة تلك النقوش وحاولت ببساطتي وعفويتي أن أعيد نظم تلك المخطوطات».
وتضيف «حين يمتزج الحنين بالذكريات يأتي بإيقاع صاخب هي انفعالات وردود أفعال الحنين، والطفولة، التي ماتزال تنام على شواطئ دجلة، ومايزال يهزها سعف النخيل».
ففي تلك اللوحات شيء ما يدهش اللون، وتقر التشكيلية فريال «اعتمدت على استفزاز الذاكرة من خلال تلك المخطوطات والحروف المتناثرة، لكي تكون جملة يختصرها حرف وعلى المتأمل أن يعيد تكوين تلك الحروف ليصل إلى جملة الحنين، وفي معرضي الأخير اخترت بطلاً يقدم ملحمة الوطن والحب وكان هو محمود درويش».
وترى التشكيلية فريال أن من يقرأ «محمود درويش تسافر به الذاكرة مباشرة إلى صدر الأم، وقهوة الأم، وخبز الأم، وحيث تكون الأم يكون الوطن والحنين الدائم، لهذا الوطن الذي لا ينتهي بفعل الزمن ولا يسقط بالتقادم».
وتعتبر التشكيلية العراقية أن «درويش ليس مجرد قصيدة وحروف نثر، درويش حالة حب عميقة، حدثت في مكان ما، وفي زمان ما نحن نفتقدها في هذا الزمن، الذي بات الحب يأتي بسرعة الضوء، وينتهي بوقت أسرع لأن مشاعر هذا الزمن أجدها ليست عميقة».
فريال الأعظمي من مواليد بغداد، ورصيدها الفني له من العمر 25 عاماً، كرست ذاكرتها الملهمة لتاريخ العراق خاصة والمعالم العربية عامة، لتتشابك مع ثقافة وطنها الأم العراق، وتأسس من تداعيات عشقها مادة اللون والحرف المغرم بالتراث، فتنطق بلا صوت، كما لها من المشاركات الجمة في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، والشرق الأوسط، ودول الخليج العربي، إلى جانب عرضها في المتحف البريطاني (لندن)، كاليري الكوفة (لندن)، كاليري البارح للفنون التشكيلية، وبيت ابن مطر، ذاكرة المكان، كرين آرت كاليري دبي.
ومن المعروف أن أعمالها اقتنيت وعرضت في المتحف البريطاني بلندن، والمتحف الوطني للفنون التشكيلية بالعاصمة الأردنية عمان، والغرفة التجارية العربية البريطانية في لندن، بيت القرآن بالمنامة والإمارات العربية المتحدة، لجنة مكافحة التمييز العنصري الأمريكية العربية بالعاصمة واشنطن وبعض البنوك العالمية والمؤسسات الدولية.
حضر الافتتاح وزيرة شؤون الإعلام سميرة رجب، والسفير الفرنسي لدى البحرين، وحشد من الفنانين التشكيليين والمهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي.