بمشهد يشبه كثيراً أيام «البيت العود»، زاوية صغيرة للحلاق، وركن للحواج، وكرسي خشبي طويل موضوع أمام مجموعة من الفناجين وسلال التمر، ومجموعة من الأولاد يلعبون ألعاباً شعبية، بدأت مسرحية «ولد السفير» التي قدمها طلبة مدرسة عراد الابتدائية الإعدادية للبنين.
دارت أحداث القصة حول «السفير» وابنه «خالد» ومجموعة أولاد بزيهم المتواضع «الثوب»، يتحدثون حول الدراسة وعقوبة من يحرز درجات متدنية وبضع أحاديث أخرى تدور في كل «فريج».
يأتي «خالد» ولد السفير بعد أن يتغرب مع والده في أوروبا في مهمة وطنية وعمل استمر لسنوات، لكنه يعود بشكل غجري وملامح غربية بحتة، شعر مجعد طويل يصل إلى كتفيه، وسلاسل تحمل هياكل عظمية يلفها حول رقبته، بنطال قصير، وقميص مرقع.
يتعجب رفقاء طفولته من تصرفاته الجديدة، ولكنهم شيئاً فشيئاً ينقادون خلفه ويقلدونه تقليداً أعمى في كل شيء، ويتطبعون بطباعه بعد أن يقنعهم أن أسلوب حياتهم قديم جداً ولا يواكب الموضة العالمية الحديثة، وفي المقابل يحاول «السفير» منعهم وتذكيرهم بالعادات والتقاليد الأصيلة ولكن دون جدوى. بعد مرور بعض الوقت، يستطيع «عبدالله» وهو أحد الأصدقاء أن يقنعهم أن يعودوا لرشدهم، ويتركوا طباع الغرب، فهي لن تفيدهم بشيء، ويلقي على مسامعهم بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، تؤكد أن ما فعلوه خطأ، وإن عادات المسلمين العرب تختلف عن الغربيين، ويذكرهم بالوطن وعاداته وتقاليده.
يقتنعون أخيراً، ويعودون إلى ما كانوا عليه في السابق، بعد أن يدركوا أن التطور وحب الوطن لا يكون بتقليد الغرب وإنما بالحفاظ على تراثه وتقاليده، ويقتنع معهم «خالد» أيضاً.
محمد عارف الطالب في الصف الأول إعدادي هو من مثل بهيبته ووقاره دور «السفير» وقال حول دوره «أحاول إبعاد الأولاد عن تقليد ابني الذي تطبع بطباع الغرب، وفي الوقت ذاته أحذر ابني ونخوض حوارات كثيرة حتى يعود كما كان عليه».
يمثل محمد مذ كان في الصف الأول ابتدائي، لذا فهو لا يشعر بأي توتر عندما يواجه الجمهور، وأكد أن والديه يشجعانه على التمثيل على الدوام وعندما يكبر سوف يجعل المسرح هوايته الدائمة.
ولعب دور «خالد» الطالب سلمان جاسم، وقال حول ذلك «أحببت دوري لأن فيه الكثير من الشجاعة والجرأة، وأنا أفعل الكثير على خشبة المسرح في هذا الدور، أمثل وأغني وأرقص ما جعلني واثقاً من نفسي ومن قدراتي»، وأضاف «أهلي هم من حمسوني للمشاركة في المسرحية».
عبدالله حسن هو الذي صمد في وجه التقليد الأعمى وحافظ على عادات وتقاليد وطنه وأقنع أصحابه أخيراً في الحفاظ عليها حتى لا يحزن منهم «الوطن»، وهو يمثل للمرة الأولى في حياته ومع ذلك لم يبد عليه أي نوع من التوتر أو الرهبة بل كان متحمساً جداً وجعل الجمهور يتفاعل معه في عدة لقطات.
ومثل دور أولاد «الفريج» عدد من الطلبة منهم عبدالله علي عجلان الذي قال «أثر فينا ولد السفير ولكننا عدنا إلى الصواب عندما رأينا الوطن حزيناً مكسوراً بسببنا، فقررنا أن نحافظ عليه وعلى عاداته وتقاليده للأبد، وعرفنا أن التقدم والتطور ومواكبة العلم لا يأتي بالتقليد الأعمى للغرب».
وأضاف «أهلي لهم دور كبير في تشجيع جميع مواهبي وهواياتي منها التمثيل والرسم»، وبدوره قال صديقه عيسى يوسف «أشعر بالفرح عند وقوفي على المسرح وهذه هي المرة الثانية التي أمثل فيها».
جاءت هذه المسرحية الهادفة والتي تضمنت عدداً من العبارات والأغاني الوطنية الرائعة، ضمن مهرجان المسرح المدرسي للمحافظات الأول الذي نظمته إدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم واحتضنته مدرسة الاستقلال الثانوية للبنات ويستمر حتى الخميس 16 مايو.