قال شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، إنه من غير المقبول أن تكون لغة الصحافة والأدب في القرن الماضي أغنى وأثرى مما هي عليه اليوم، لافتاً إلى أن الكلمة سلاح ذو حدين وأخطر الأسلحة في بناء المجتمعات وهدمها على السواء.
وحذر الطيب في كلمته بافتتاح منتدى الإعلام العربي في دبي أمس، من خطر الكلمة خاصة في ضوء تفجر الثورة المعرفية والرقمية والاتصالات، وقال «لا أستطيع الزعم أن الثورة الإعلامية الرقمية كلها خير وبركة على مجالاتنا الحيوية وتاريخنا العربي والإسلامي المعاصر».
وكانت رئيسة اللجنة التنظيمية العليا للمنتدى منى المري افتتحت فعاليات اليوم الأول، برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي.
ورحبت المري براعي الحفل والضيوف المشاركين في أعمال المنتدى الذي يستمر يومين ويختتم بحفل توزيع جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للصحافة العربية، ووصفته بالحدث المتجدد الذي يجمع نخبة من رموز الفكر ورواد الإعلام في تقليد سنوي يختزل في أروقته حال الإعلام العربي، ويرصد نقاط قوته ويحلل مواضع ضعفه ويحاول استشراف ما يحمله المستقبل في جعبته لمهنة الإعلاميين والصحافيين من فرص وتحديات بقراءة موضوعية متوازنة.
ولفتت إلى أن «المنتدى منذ انطلاقته قبل نحو 12 عاماً حافظ على نهج واضح في مسيرته يحدوه الأمل بالوصول إلى أفضل الصيغ الممكنة للتعاطي مع واقع إعلامنا بأسلوب فعال يضمن له سبل التطور ويضيء أمامنا طريق الانطلاق بإعلامنا نحو المستقبل، لوضعه في مكانة تتناسب مع مخزوننا الفكري العربي وترقى إلى عراقة تراثنا الحضاري».
وأوضحت أن برنامج الدورة يتسم بالعمق والشمولية حيث كانت المفاضلة بين اختيار موضوعات النقاش مهمة صعبة، إلا أنها فرضت نفسها جميعها على مائدة الحوار والتحليل نظراً لحجم تأثيرها.
وأضافت «يحاول المنتدى على مدى يومين من النقاش التوقف عند مختلف الظواهر لبحث خلفياتها وآثارها على المهنة وقدرتها على تحقيق هدفها ورسالتها».
وتمنت في ختام كلمتها أن تلبي الدورة الـ12 للمنتدى توقعات المشاركين والمراقبين، وتجيب جلساتها بالقدر المتاح على تساؤلات الجميع.
من جانبه رأى شيخ الأزهر في شعار المنتدى «الإعلام العربي في المراحل الانتقالية»، أن العنوان واسع ومتشعب متعدد النواحي وينطبق على المرحلة الانتقالية الحالية وخاصة إذا اقترب الحديث فيها من حدود السياسة.
وأضاف «إذا كان واقعنا العربي يضج بالكثير من الأوجاع والعلل والآفات فهل يستقيم لقائل - مهما أوتي من قدرة وإبداع - أن يقول ما يسعد الأسماع ويبهج القلوب؟ وهل يجيء كلامه إلا ضرباً من شكوى الغريب في قومه وبين أهله أو نوعاً من التغريد خارج السرب كما يقولون؟».
وخاطب المجتمعين «نعم يا فرسان الكلمة وحملة الأقلام، إن الكلمة سلاح ذو حدين وإنها لأخطر الأسلحة في بناء المجتمعات وفي هدمها على السواء».
وحذر شيخ الأزهر من خطر الكلمة خاصة في ضوء تفجر الثورة المعرفية والرقمية والاتصالات «لعلكم أيها الإعلاميون، أعرف بهذه الدوائر الإلكترونية الجديدة وأعلم بها من غيركم فقد عرفتم الصحافة الرقمية واستخدمتم أساليب الاتصال الحديثة سواء في الحصول على الخبر أو نشره وترويجه.. ولا أستطيع الزعم أن الثورة الإعلامية الرقمية كلها خير وبركة على مجالاتنا الحيوية في التاريخ العربي والإسلامي المعاصر، وأولها مجال القيم الحضارية ذاتها ومجال لغتنا العربية حين تهتز لغة الوطن الأم وتتدهور ويزدريها أهلها ويتوارون خجلاً وحياء». وأردف «بيد أني لست مرتاباً في أن الثورة الإعلامية التي نعيشها الآن قادرة بفضل جهودكم على أن تعيد الحياة إلى لغتنا العربية، وأن تردها إلى شبابها الجميل الرقراق، فلم يعد معقولاً ولا مقبولاً أن تكون لغة الصحافة والكتابة والتأليف والأدب في القرن الماضي أغنى وأثرى وأعمق من لغة اليوم في كل المجالات».
وأضاف شيخ الأزهر «أنصحكم معشر الصحافيين، بمراعاة حرمة اللغة العربية في عقر دارها، وعلى الصحافة العربية المقروءة والإعلام المرئي والمسموع أن يحافظ على تراث الأسلاف ويحفظ حرمة لغة الضاد».
وتطرق الطيب إلى ظاهرة فوضى الفتاوى الشاذة والجدال في الدين بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير والذي نشاهده ونسمعه في إعلامنا المعاصر سيما البرامج التلفزيونية التي تلبس ثوب الدين.
ودعا الإعلاميين من عرب ومسلمين وشرفاء الإعلام والمثقفين في العالم كله، إلى أن يعملوا على تصحيح صورة الإسلام والشخصية العربية اللتين تتعرضان للتشويه النمطي وكأنه مبرمج على ألسنة إعلاميين وساسة، بل في أقوال بعض رجال الدين في الغرب ومحاضراتهم وذلك رغم التوافق الدولي على عدم الإساءة إلى المقدسات والرموز الدينية ودور العبادة.
ودعا فضيلته في ختام كلمته إلى ممارسة حرية الكلمة والتعبير في كل رأي وفكر وإبداع، إلى جانب «التقيد بمراعاة تقاليد ثقافتنا وثوابت مجتمعاتنا في أمانة الكلمة وعفة اللسان وحسن النوايا وعدم المساس بالآخرين.. وليكن دستورنا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، فالخصوصية الشخصية الفردية أو الأسرية أمر مقدس وواجب الاحترام ديناً وعرفاً وهو ما تتبناه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان».
بدوره شكر أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ىل مكتوم، والقائمين على المنتدى دعوته للمشاركة في الحدث الذي وصفه بإحدى الفعاليات العربية القيمة لدوره المهم في تعزيز مكانة ودور الإعلام العربي في هذه المرحلة المتخمة بالتحديات والمتغيرات من تاريخ الأمة العربية.
واعتبر العربي أن منتدى الإعلام العربي الذي ينظمه نادي دبي للصحافة التابع للمكتب الإعلامي لحكومة دبي للعام الثاني عشر، تحول إلى ملتقى يوفر المقترحات والمشاركة الفاعلة في التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية، وأداة مؤثرة في مسارات التغيير المختلفة بفعل ما طرحه من قضايا مرتبطة بالأوضاع الراهنة، ومن أسئلة ذات صلة بالحرية والمهنية والارتقاء بالإعلام العربي من سلطة رابعة إلى سلطة خارج التصنيف التقليدي، لأنها موجودة في السياسة والمجتمع والثقافة والدين والاقتصاد والتكنولوجيا وغيرها.
وهنأ نادي دبي للصحافة على ما يحققه سنة بعد أخرى من إنجازات نوعية مميزة تشكل إضافة نوعية لما تقوم به هيئات ومنظمات عربية محلية وإقليمية للنهوض بمهنة الصحافة والنضال لتكريس حريتها ومهنيتها ورافداً متدفقاً في مجتمع الإعلام العربي.
وتطرق أمين عام جامعة الدول العربية إلى التغيير الذي شهدته بعض الدول العربية في إطار «الربيع العربي» والذي يمثل تأسيساً لوعي جديد في المجتمعات العربية تشارك فيه النخب باختلاف أطيافها ضمن التنوع في الآراء والتصورات بعيداً عن ثقافة الإقصاء والتهميش والاستبداد، وفي كل هذا يعد الإعلام محوراً أساسياً ومنبراً مهماً للتعبير الحر وممارسة الديمقراطية.
وأكد أن القضية الفلسطينية هي المثل الساطع في تثمين دور الإعلام العربي بكل أنواعه، حيث تحتل هذه القضية العادلة حيزاً كبيراً في مساحة هذا الإعلام، وتأخذ حقها من المتابعة والمناصرة والكشف والدفاع عن حق المواطن الفلسطيني في الحياة الكريمة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.