قال الداعية الاسلامي الشيخ الدكتور عمر عبدالكافي إن «الله سبحانه وتعالى يبتلي الإنسان لتكفير ذنوبه، ولرفع درجاته، ولصقل إيمانه»، موضحاً أن «من كرم الله سبحانه أنه لا يضيع أجراً لصابر على بلاء أو منتظراً لفرج بعد شدة»، فيما لفت إلى أن «انتظار الفرج نوع من العبادة كما ذكر العلماء».
وأضاف أن «من كرم الله علينا أنه سبحانه ما خلقنا عبثاً، وأوجدنا في هذه الحياة الدنيا مكرمين، يقول الله تعالى في كتابه الحكيم «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً» .
وذكر د.عبدالكافــي أن الكرب ذكر في القرآن مفرداً دون وصف له مرة واحدة في قوله تعالى: «قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون»، وجاء ذكر الكرب مقترناً بوصف العظيم أي»الكرب العظيم» في موضعين بالقرآن الكريم في قوله تعالى: «ونجيناه وأهله من الكرب العظيم». وقد جاءت الآية الأولى عقب قوله تعالى: «قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفيةً لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين»، ثم الآية التي بعد آية فك الكرب قوله تعالى «قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون».
ورأى د.عبدالكافي أنها «إشارة واضحة إلى أن كاشف الهم والكرب هو الله القادر سبحانه وتعالى».
وفي هذا الصدد يروي د.عبدالكافي عن الإمام الحسن البصري رحمه الله قوله: «قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون»، قال «هذه للمشركين»». وقوله «ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم»، إشارة نصرة الله لنبيه ورسوله نوح عليه السلام حين كذبه قومه فدعا ربه في قوله «فدعا ربه أني مغلوبٌ فانتصر»، فكانت النجاة من الكرب الذي وصفه الحق سبحانه وتعالى: «بالكرب العظيم» وأهلك قومه الذين كفروا به وبالله عز وجل.
وأضاف د.عبدالكافي «روي عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قوله: «7 آيات من قرأها لم يحرم ما بعدها وعند الله المزيد» هي: الأولي: «وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، ما قرأها مكروب إلا فرج الله عنه. والثانية: «ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنةً قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين». والثالثة: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا اللـه ونعم الوكيل». والرابعة: «فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن اللـه بصيرٌ بالعباد». والخامسة: «وإن يمسسك اللـه بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قديرٌ». والسادسة: «فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً». والسابعة: «محمدٌ رسول اللـه والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلًا من اللـه ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد اللـه الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً».
وروي أيضاً عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال: «من قرأ هذه السبع الآيات في يومه كفاه الله كل بلية ودفع عنه كل شكية وبلغه كل أمنية» وهي: الأولى: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللـه لنا هو مولانا وعلى اللـه فليتوكل المؤمنون». والثانية: «وإن يمسسك اللـه بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قديرٌ». والثالثة: «وما من دابة في الأرض إلا على اللـه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين». والرابعة: «إني توكلت على اللـه ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم». والخامسة: «وكأين من دابة لا تحمل رزقها اللـه يرزقها وإياكم وهو السميع العليم». والسادسة: «ما يفتح اللـه للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم». والسابعة: «ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن اللـه قل أفرأيتم ما تدعون من دون اللـه إن أرادني اللـه بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي اللـه عليه يتوكل المتوكلون».
النجاة من الكرب
وفي هذا الصدد يروي د.عبدالكافي قصة سيدنا يونس عليه السلام مع قومه بقوله «هذا نبي الله يونس بعثه الله إلى أهل نينوى من أرض الموصل فدعاهم إلى عبادة الله وحده فكذبوه وتمردوا عليه ولم يؤمنوا به، فلما طال عليه ما أمرهم، غضب عليهم، وخرج من بين أظهرهم، ووعدهم بعذاب الله يلحق بهم بعد ثلاث.
وذهب سيدنا يونس مغاضباً بسبب قومه وركب سفينة في البحر، وذلك دون أن يأتيه الأمر من الله فاضطربت السفينة وماجت وأوشكت على الغرق بمن عليها، وكان من عادة أهل هذا الزمان في تلك الحالة أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة ألقي في البحر، لأنه قد يكون عاصياً، ولكي تخف حمولة السفينة، وينجو الباقون. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً، فلم يرضوا بأن يلقى في البحر، وأعادوا الثالثة فوقعت عليه أيضاً، فعلم سيدنا يونس أنه هو المقصود وأن الله أراد به أمراً فألقى بنفسه في البحر، فلما ألقى يونس بنفسه في البحر أمر الله حوتاً عظيماً من البحر فالتقمه، وأمره الله تعالى ألا يأكل له لحماً ولا يهشم له عظاماً فأخذه وطاف به البحار وقيل إنه ابتلع ذلك الحوت حوتاً أكبر منه، ولما استقر يونس في بطن الحوت ووجد نفسه سليماً، وسمع تسبيح الحيتان لله في البحر، ورأى ما فيه من الكرب والغم والضيق، لهج لسانه بالتسبيح لله رب العالمين، وأقر بذنبه وطلب العفو والمغفرة من الله فقال: «لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
وفي الحديث، عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: «دعوة يونس بن متى»»، فقال: قلت يا رسول الله: «هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟»، قال: «هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها»».