طلب رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي أمس عقد جلسة نيابية طارئة بحضور مسؤولين أمنيين وعسكريين بهدف مناقشة التدهور الأمني في البلاد، في وقت تواصلت أعمال العنف حيث قتل 8 أشخاص في هجمات متفرقة، فيما خطف مسلحون 10 من رجال الشرطة في الرمادي قرب بغداد.
وقال النجيفي في بيان إنه «يدعو أعضاء مجلسه إلى عقد جلسة طارئة الثلاثاء المقبل بحضور وزير الدفاع والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية ومدير جهاز المخابرات وقادة عمليات بغداد ودجلة».
وأضاف أن هدف الجلسة «مناقشة ملابسات التدهور الخطير وتقديم التفسيرات المقنعة والمهنية إلى الشعب العراقي».
وقتل أكثر من 150 شخصاً في هجمات متفرقة في العراق على مدى الأسبوع الماضي. ومنذ بداية مايو الجاري، قتل نحو 270 شخصاً في أنحاء مختلفة من البلاد.
ورأى النجيفي أن العراق يعيش «تداعيات خطيرة «نتيجة التدهور المريب الذي تقف خلفه قوة ظلامية تهدف إلى إشعال الفتنة بين مواطنيه وإضعاف إرادته وعزمه ووحدته وتمزيق نسيجه الاجتماعي».
وتواصلت أمس أعمال العنف، حيث قتل 8 أشخاص في هجمات متفرقة بينهم 4 من عائلة واحدة. وقال مصدر في وزارة الداخلية إن «مسلحين يرتدون زي الجيش اقتحموا منزل مدير ناحية الرشيد جنوب بغداد وقتلوا أحد أفراد حمايته».
وأضاف أن «المسلحين انتقلوا إلى منزل جاره وهو نقيب في قوة مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية، وأردوه قتيلاً مع زوجته وطفلين آخرين».
وفي هجوم آخر، اغتال مسلحون مجهولون إمام وخطيب جامع فجة النعمة أسعد ناصر في منطقة عويسيان في أبو الخصيب جنوب البصرة. في الوقت ذاته، قال نقيب في الشرطة إن «قوة عسكرية داهمت منطقة البو ريشة لاعتقال محمد خميس أبو ريشة المتهم بقتل الجنود الخمسة في الرمادي قبل نحو أسبوعين». ومحمد خميس هو ابن شقيق أحمد أبو ريشة رئيس مؤتمر صحوة العراق والذي يعتبر أحد أبرز قادة الاعتصام المناهض لرئيس الوزراء نوري المالكي في الرمادي غرب بغداد.
وأوضح المصدر الأمني أن «مسلحين ينتمون إلى عشيرته اشتبكوا مع القوة المداهمة دون معرفة الخسائر».
لكن خميس أبو ريشة المطلوب للعدالة والمتهم بالتورط في قتل الجنود، قال إن اثنين من المسلحين الذين ينتمون إلى عشيرته قتلا في الاشتباك. وعلى خلفية هذا الاشتباك، انتشر مئات المسلحين في منطقة البو ذياب وطلبوا من عناصر نقاط الشرطة القريبة الانسحاب. ويفصل جسر على نهر الفرات بين المسلحين والقيادة التي تتخذ من أحد قصور الرئيس المخلوع صدام حسين في المحافظة مقراً لها. في موازاة ذلك، أعلن ضابط في الشرطة العراقية خطف 10 عناصر أمن يعملون في حماية الطريق السريع في الرمادي. وقال إن «مسلحين نصبوا كميناً لقوة تابعة لحماية الطرق وخطفوا 10 من عناصرها واقتادوهم إلى جهة مجهولة».
في الوقت ذاته، تستعيد دور العبادة السنية والشيعية في العراق الصورة الدامية التي كانت عليها إبان سنوات الحرب الأهلية الطائفية في ظل تزايد استهدافها مؤخراً بأعمال القتل والتفجيرات العشوائية التي تنسب إلى تنظيم «القاعدة» و»التكفيريين».
ومع تصاعد التوتر الطائفي في بلاد يحكمها الشيعة منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003 بعد عقود من حكم السنة، تحول العنف اليومي خلال الأسابيع الماضية من استهداف للقوات الأمنية خصوصاً، إلى ما يُسمى «حرب المساجد».
وقال المحلل السياسي إحسان الشمري «هناك تصاعد في وتيرة الهجمات المتبادلة التي تستهدف المساجد السنية والشيعية، وذلك في محاولة لإعادة إنتاج العنف داخل النفس العراقية». وأضاف «الرعب يتسلل إلى النفوس، وشبح الحرب يسيطر على المشهد العراقي، الحرب السياسية والمذهبية والأمنية، إنها حرب على المساجد».
ويعيش العراق منذ 10 سنوات على وقع أعمال عنف يومية قتل فيها عشرات الآلاف.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، عادت المساجد السنية إلى دائرة الاستهداف بالأحزمة الناسفة والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية، فيما تواصلت الهجمات ضد الحسينيات الشيعية.
وفي واحد من أعنف هذه الهجمات، قتل 41 شخصاً وأصيب العشرات بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين أمس الأول استهدفتا مصلين قرب مسجد سني وسط بعقوبة شمال شرق بغداد.
وجاء ذلك غداة مقتل 12 شخصاً في هجوم انتحاري بحزام ناسف عند مدخل حسينية شيعية في كركوك شمال بغداد.
واستهدفت في أبريل الماضي سلسلة هجمات بعبوات ناسفة وقذائف صاروخية وقنابل يدوية نحو 10 مساجد سنية في بغداد وبعقوبة ومناطق أخرى، وعدداً من الحسينيات، قتل وأصيب فيها العشرات.
من جهته، جدد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر قوله إن العراق «يتجه نحو المجهول»، مشيراً إلى أن «الأطفال الصغار يحرقون داخل السيارات وهم أحياء، والمصلون يقطعون أشلاء خارج مساجدهم. لقد فاق الأمر حد عدم القبول به».
من جهته، أدان مجلس التعاون الخليجي، التفجيرات المتكررة في عدد من المدن العراقية، والتي أدّت إلى مقتل وجرح أعداد من المدنيين.
ووصف الأمين العام للمجلس عبداللطيف بن راشد الزياني، التفجيرات بأنها أعمال إجرامية مشينة تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والقيم الإنسانية كافة.
من جهة أخرى، أعلن الفريق الطبي للرئيس العراقي جلال طالباني الذي يعالج في ألمانيا من جلطة دماغية، إن صحة أول رئيس كردي للبلاد في تطور مستمر وإنه بات «يتبادل الأحاديث مع من حوله».
ووصل طالباني في ديسمبر الماضي إلى ألمانيا لمتابعة علاج من جلطة دماغية برفقة فريقه الطبي.
«فرانس برس - رويترز»