كتب ـ علي الشرقاوي:
قبل عدة أيام عادت فرقة محمد بن فارس الموسيقية من طنجة المغربية، محملة بباقات محبة حصلت عليها من الجمهور وهي تقدم له أكثر من حفلة غنائية.
سبق للفرقة أن شاركت في العديد من الحفلات في مختلف دول العالم مثل باريس، بلجيكا، أمريكا، الهند، الصين، تونس، سوريا، المغرب، ودول الخليج العربي كافة إضافة إلى مشاركاتها في المهرجانات والفعاليات المحلية.
تعتبر فرقة محمد بن فارس من المشاركين شبه الدائمين في مهرجان الموسيقى العربية بمعهد العالم العربي بباريس، حيث قدمت العديد من حفلاتها في هذا المعهد على مدى 13 عاماً، ولعل حفلها الأخير الذي أحيته بتاريخ 3 يناير 2013 كان أكثرها حضوراً، خاصة بعد السمعة الطيبة التي تركتها الفرقة هناك منذ انطلاقها في يوليو 2001 لدى متتبعي الفنون الموسيقية الفرنسيين والجاليات العربية المقيمة هناك.
وقدمت الفرقة في الحفل باقة من أروع دانات تراثنا الغنائي لامست أحاسيس الحضور، وكان يحيي الفرقة أثناء الأغنية وليس بعد انتهائها فقط، وكان الانتقاد الوحيد للفرقة هو قصر وقت برنامج الحفل، علماً أن برنامج حفل الفرقة دام أكثر من ساعة ونصف، وأعيد تقديم بعض الأغاني وإطالة مدة الحفلة تلبية لرغبة الجمهور، وجميع تسجيلات الحفلات هناك تباع لدى المكتبة الخاصة بالمعهد.
ويقول مدير الفرقة عارف بوجيري والمعني باختيار أعضاء الفرقة وتدريبهم وانتقاء الأعمال المقدمة وتوزيعها، إن فرقة محمد بن فارس الموسيقية تأسست في يوليو 2001، وتم تبنيها وضمها تحت مظلة وزارة الثقافة بجهود وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في يوليو 2006، بعد أن أثبتت الفرقة حضورها محلياً وخارجياً.
أدار الفرقة د.عصام الجودر منذ تأسيسها حتى تم تسليم زمام الأمور إلى عارف بوجيري في فبراير 2008، وتقدم الفرقة ألواناً مختلفة من التراث الغنائي البحريني مثل «الصوت، الختم، الخماري، النجدي، السامري، والبستة» وغيرها من فنون، إلا أن لفن الصوت مكانة خاصة لدى الفرقة.
وتتكون الفرقة من مطربين وكورال وعازفين على آلات الكمان والشيللو والعود والقانون والناي ومختلف الإيقاعات البحرينية، وتقوم الفرقة بتجميل الأغاني التراثية البحرينية التي لم تحظَ بتقديم لائق بسبب رداءة التسجيلات أو قلة الإمكانات الفنية في ذلك الوقت، من خلال إعادة صياغتها وتنظيمها وإضافة التوزيعات الموسيقية المنسجمة مع اللحن الأساس للأغاني مع حفظ الروح الشعبية في الأغاني من خلال الإيقاع والرقصات وطريقة الغناء.
ويضيف بوجيري أن الفرقة حرصت في العديد من حفلاتها على تقديم العديد من الفنانين الشعبين أمثال الفنان الراحل عبدالواحد عبدالله والراحل ماجد عون والراحل محمد عيسى بوشقر وسلطان حمد وإبراهيم الجودر وراشد زويد، وإبراز العديد من المغنيين الشباب في عدة مناسبات حرصاً منها لدعم المغنيين الناشئة.
وتحرص الفرقة على الرجوع إلى الباحثين والمؤرخين البحرينيين مثل مبارك العماري ومحمد جمال وعضو الفرقة الفنان القدير سالم عبدالله، قبل تقديم أي من أعمالها للتأكد من الكلمة واللحن وطريقة الأداء.
في فضاءات طنجة
يقول عبيدلي العبيدلي الذي حضر حفلات الفرقة في طنجة في مقال له بعنوان «محمد بن فارس على طاولة الحوار»، «وضعوا ليلة فرقة محمد بن فارس من بين فعاليات الملتقى والمعرض الثالث للاستثمار الخليجي المغربي، المنعقد في مدينة طنجة المغربية خلال الفترة بين 6 و8 مايو 2013، وبالقدر ذاته تألقت البحرين حين رددت جدران أروقة فندق موفنبك تقاسيم الصوت الخليجي، وإيقاعات «المرواس وهي تعانق أوتار العود والقانون.
كانت ليلة بحرينية لم يتمالك الجميع من الاستجابة العفوية لتلك الأنغام فتمايل البعض منهم طرباً، وهرع آخرون، من فرط الانفعال إلى المنصة كي يستعرضوا مهاراتهم في أداء الرقصات الخليجية بعد أن طعموها بنكهة مغربية، وأضافوا عليها مسحة معاصرة.
لوحة جميلة رسمتها البحرين بأنامل أعضاء الفرقة، وأعجب بها المشاركون في الملتقى، بمن فيهم من كان لا يفقه من مفردات اللغة العربية حتى أبسطها، فتخللت فقراتها تعليقات بحرينية أطلقتها هذه المرة حناجر المستمعين، من الجالسين على المقاعد متسائلة، في شيء من المرارة: لماذا لا تشارك الفرقة في حوار التوافق الوطني، فاللحمة الوطنية لم تفرض نفسها على أعضاء الفرقة فحسب، بل امتدت كي تصل إلى أولئك المستمعين.
عزفت البحرين بسنتها وشيعتها ألحان محمد بن فارس، وتمايل على أنغامها البحرينيون من الطائفتين دونما أي تمييز».
صورة البحرين
فرقة بن فارس في تصوري من أهم الفرق البحرينية المعنية بتراثنا الشعبي، ومن المفترض أن تقدم طبيعة هذه الأرض الطيبة إلى العالم بما تحمله من تراث إنساني خصب.
ولهذا أرى ضرورة تفريغ هذه الفرق لتقدم أعمالنا التراثية والفنية إلى العالم المتعطش إلى الاقتراب من طبيعة الشعوب التي تتلاقح فيها الحضارات والديانات والأجناس والألوان، وإيصال فن البحرين وأهل الخليج، العفوي الخاص والذي حتى هذه اللحظة، لم يستطع أن يدونه المدونون الموسيقيون، لأنه أكبر من التدوين، فهو يعتمد على روح الفنان، ونفسيته المتغيرة، وتعطي شيئاً مختلفاً في كل مرة يعزف فيها.
970x90
970x90