كتب - حسين التتان:قال أمين الآثار بمتحف البحرين مصطفى إبراهيم، إن ندوة «التطور المدني في شبه الجزيرة العربية خلال العصور.. تنوع ووحدة حضارية»، اختارت موقع مليحة نموذجاً للتطور المدني والحضاري في شبه الجزيرة العربية.وأضاف إبراهيم على هامش المعرض الدوري المشترك الرابع لآثار دول مجلس التعاون الذي نظمته وزارة الثقافة، أن معرض المنامة هو الجولة الرابعة بعد المعرض الأول في الفجيرة عام 2006، والثاني في الرياض 2009، والثالث في الدوحة 2011، وفي هذا العام يجدد المعرض نفسه في المنامة.ولفت إلى أن المعرض الرابع تتطرق إلى أربعة عصور مهمة، العصر الحجري وعصر الحضارات الأولى وعصر ما قبل الإسلام وما بعده، حيث إن كل دولة شاركت بموقعين اثنين.وتحدث الباحث والمؤرخ الإماراتي عيسى عباس يوسف عن أهمية موقع مليحة في شبه الجزيرة العربية، مؤكداً أنه يقع في المنطقة الوسطى بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويبعد عن الخليج العربي 50 كيلومتراً وعن خليج عدن 45 كيلومتراً، ويمتاز بأنه من أوائل المدن الإماراتية التي استخدمت العملة في القرن الثالث قبل الميلاد، ثم صكت العملة في القرن الأول الميلادي بعد اكتشاف قوالب لصب العملة ما يعتبر تطوراً مدنياً مهماً في الموقع.وأشار يوسف إلى أن موقع مليحة نشأ قرب مياه عذبة، ما ساعد على الاستقرار فيها، إذ كانت المدينة الأولى بدوية من خلال اكتشاف منازل من السعف، ثم تطورت في القرن الأول قبل الميلاد بعد اكتشاف المباني، وفي نفس القرن ظهرت حصون ومبان في منطقة مليحة وبدأت العلاقات التجارية مع مدن شبه الجزيرة العربية مثل موقع قلعة البحرين في فترة تايلوس.ولفت إلى أن مليحة أنشأت علاقات مع قرية الفاو في المملكة العربية السعودية، ووصلت علاقتها إلى البحر المتوسط كموقع مهم من خلال مكتشفات في الموقع منها مقابض جرار الأنفورو الرودسية المستوردة من جزيرة رودس وعليها أسماء الصناع في القرن الثالث قبل الميلاد، كذلك تم استيراد الزجاجيات الرومانية والجرار الفخارية من مصر وشمال الجزيرة العربية.وأضاف «عثر في موقع مليحة على مجموعة مهمة من الأختام من أهمها ختوم آرامية عليها اسم (باكو)، كما عثر على مجموعة كبيرة من نقوش المسند والمعروفة بالنقوش الحسائية وهو نمط من الكتابة المرتبطة بالمسند الشمالي، حيث تم فك مجموعة منها فوجد عليها مجموعة من الأسماء مثل عبيدة بن أوس وامرؤ الشمس وحريص وأوفى شمس، فهذه كلها أسماء وجدت في الموقع كما تم العثور على كتابات آرامية ما يعني ازدواجية الكتابة في موقع مليحة».وأكد يوسف في تصريح لـ»الوطن» أنهم وجدوا أسماء مكتوبة مثل «وهب اللات» وأسماء لمعبودات كهيل ومناة، وهذه من أهم الأمور المتعلقة بموقع مليحة كتطور عمراني، حيث ازدهرت التجارة فيها بعد ازدهار التجارة الرومانية في المتوسط والهند.وقال «عثرنا على الكثير من الفخاريات والعملات الهندية منها النحاسية والذهبية والفضية تعود للقرن الميلادي الأول، ومازالت الدراسات جارية لمعرفة أسباب اختفاء موقع مليحة، ويتوقع أن أسباب اختفائها يعود لوجود مبان عدة تم تدميرها وأحرقت في القرن الرابع الميلادي».