يكاد لا يمضي يوم إلا ويزداد إيماننا بنصر الله للمجاهدين في سوريا الثورة، تلك التي خرج فيها كل مواطن شريف ليقول «واحد واحد واحد الشعب السوري واحد» و«مالنه غيرك يا الله».
فمهما تجبر الطغاة وعلا الجبابرة فإن إرادة الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، فها هي ضربات الجيش السوري الحر والأحرار في سوريا تواجه دول ما يسمى «الممانعة»، الدول التي كانت وعلى مدى زمن طويل الحارس الأمين لحدود دولة الكيان الصهيوني، فلا مجال الآن للتراجع فشمس الحرية بانت في الأفق.
تتداول هذه الأيام تهديدات من النظام السوري وحزب «اللات» ومن عاونهم من الشبيحة والمجرمين لضرب الجولان، والكل يعلم أنها ما كانت لتحتل إلا بصفقة من حافظ الأسد ليحتفظ بكرسي الحكم في سوريا، وإلا لما بقيت محتلة لأربعة عقود من الزمن، ولا كانت الطائرات الحربية والاستطلاعية تسرح وتمرح فوق قصور الرئاسة السورية ورأس قائد «الممانعة»، لكن الواقع يقول إن جيشه وشبيحته بدل أن يوجهوا لمحاربة الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين فإنها توجه لقمع الشعب السوري، مع أنهم دائماً ما يرددون العبارة التي يحاولون أن يدغدغوا بها مشاعر الأحرار في العالم بأنهم قادرون على محو دولة «إسرائيل» عن الوجود.
من يريد الجهاد ويحرص على دماء المسلمين عليه أن يستجيب لإرادة الشعب، وألا يتمسك بطائفيته واستحواذه على مقدرات وحريات الشعب، فالثورة السورية من الثورات التي لم تناد لطائفة وإنما خرجت لشعب ينشد الحقوق والحرية، بينما يقتل النظام السوري الرجال ويغتصب النساء ويذبح الأطفال بدم بارد، والإحصاءات تظهر الأرقام المهولة للضحايا الذين وقعوا جراء ظلم النظام المستبد، وجرائمه التي يندى لها الجبين وتتفطر لها القلوب ولا تستطيع أن تراها بعينك لبشاعتها.
لكن ما يزيد فينا وفيهم الثقة هي النماذج التي نراها لصمود الرجال والنساء والأطفال، حيث ترى المقاتل من الجيش الحر كيف تحركه العزيمة والإرادة وقد فقد يديه الاثنتين، ومازال على مرمى النار وفي الثغور حتى آخر رمق من حياته وعينه حارسة لا تنام، أم تلك الحرة الشريفة التي دنس الذئاب عرضها أو أخواتها كيف حملت السلاح لتواجه هؤلاء الجبناء، أم أولئك الأطفال الذين نحروا بالسكاكين وآخرون لا يجدون ما يأكلونه أو فقدوا آباءهم جنباً إلى جنب مع صمود الشعب، ومن أعظم صور الصدق التي رأيتها انتقال الفنان السابق فضل شاكر من حياة الفن والترف إلى الجهاد في سبيل الله بسوريا، انتصاراً لدينه وابتغاء الآخرة وجنات عرضها السماوات والأرض.
هناك فرق شاسع بين القول والفعل وهنا يمكنك اكتشاف معدن الرجال، فهل يستوي من يقول ويهدد من وراء الزجاج المضاد للرصاص وهو بين مؤيديه، بل أحياناً حتى من خلف شاشة كبيرة لا يعرف من أين يتم البث عبرها، وقد يتبادر إلى ذهنك للوهلة الأولى أنه فارس الفرسان ومحرر الأوطان، بينما هو ربما في غرفة محكمة تحرسها كتيبة كاملة من أفراد جيشه غير النظامي، لا يستطيع حتى أن يخرج لممارسة حياته الطبيعية، وانظر إلى من خرج مقاتلاً مدافعاً عن ديار المسلمين تاركاً أهله وجماعته.
ها هو الشيخ أحمد الأسير حمل سلاحه وانضم إلى الجيش الحر وفي الميادين، قدم فعله قبل قوله وحق أن يكون ضمن الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فأبشروا يا شعب سوريا فإنه لا يهزم جيش فيه هذه الأمثلة المباركة، واعلموا أنه بوحدتكم ونصرتكم للحق قوة، وما النصر إلا صبر ساعة وما النصر إلا قريب.

عبدالله الشاووش