قالــــوا ما الذي يبكيك؟
قلت الحــــــــزن
قالوا لا تحزن فأنت في ضيافتنا
ثم عادوا بعد حيـــن

قالـــوا ما الذي يبكيك؟
قلت طفـــلتي التي رحلت
قالوا وهل لك طفلـــة؟
قلت نعــم.. قالوا ومن أدراك؟
قلت الزائــرون.. قالو وقد غضبوا

وكيف جاء الزائرون؟.. ونحن وصدنا البـــاب
قلت لا أدري .. فقد جـــاؤوا ودقوا الباب
قالوا بل تحلــــم .. ألم نمنع عليك الحلــــم؟
قلت تركت زوجتي حبـــــلى
لها شهران.. بعد آخر قبلـــة
وكنت أحبها.. وأحب أرضي
...
حفرت فوق حوائط الزنزانة
أشكالاً لها لــــون الوطــن
وصورة طفلتي التي لــم أرهــا
وصورة زوجتي.. وأبي وأمي
وصورة سنبلــــــــــة
...
جــــــاؤوا مرة أخـــرى
مسحوا الصور.. كي لا تكون عندي ذاكرة
كي لا أحبك يا وطـــــن
وقالــــــــوا ما الذي يبكيك؟
قلت نتفة من حب وطنــــي
لاتزال تخبــــو في فؤادي
...
اختزلوا وطني في غرفة ضيقـــة
أذرعها ليـــــل نهـــــار
غاب عني عبـــق ترب الوطـــن
كنت أظـــن أن لي وطنـــاً
حتى صــــار وطني زنزانــــة
يقتل فيها الحلـــم ألف مرة كل يـــوم
...
لــــم أنـــاغِ طفلتــــي
لــــم أعش أحلامها الورديـة
وهي تحبو.. وهي تعدو
لــــم أقبل وجهها.. لم أداعب شعرها
حتى لـــم أعانق نعشها
...
قتلوا فيّ الوطــــــن
كي لا أحبك يا وطن
قالـــــوا لا تحزن فأنت لـــم تمت بعدُ
قلت بل مت منذ مجيئكم ليلاً إلى بيتي
منذ مـــــات الحلم عندي
ما قيمة الإنسان بعد موت الحلم فيه؟
ما قيمة الإنسان بعد موت الحسّ فيه؟
ما قيمة الإنسان بعد موت الحبّ فيه؟
إنني متُّ.. ولكن حب أرضي لم يمت
إنني متُّ.. ولكن حب ذاتي لم يمت
فافعلوا ما شئتم.. قد مــــات حلمي
لــــم يعـــد عندي وطن

لــــم تعد نسمته تلفحني
لــــم تعد شمسه تحرقني
لــــم أعد أمشي على تربته
لــــم يعد عندي وطن
صرت مسخــــــاً في الوطـــن
صرت شيئـــــــاً ممتهـــن
...
فبحق صخرة الأقصى وزيتون الجليل
وزعتر حيفـــاء وأعنـــــاب الخليل
سوف أرجع للوطن
سوف أرجعـــه الوطن
رغم حزني والشجـــن
ســـــوف احتضـــن الوطــــــن

محمد خليفة العكروت
القائم بأعمال سفارة ليبيا في مملكة البحرين