يقام مساء اليوم في الساعة السابعة مساءً معرض «إسطنبول الحديثة- البحرين» بمتحف البحرين الوطني كآخر المعارض الفنية ضمن فصل «السياحة الثقافية» في المنامة عاصمة السياحة العربية 2013م، إذ يلتف باحتيال فني على أزمنة تركيا وحضاراتها ويجلب في حقيبته التاريخية فنونها المعاصرة والتقاطاتها الفوتوغرافية. ويحتضن المعرض أعمالاً مختلفة يصل عددها إلى 244 عملاً فنياً لـ 94 فنانًا عاصروا فترات زمنية مختلفة من تركيا وتمعنوا جيدًا في حقبها ومراحلها. يستدرج المعرض الأعمال المعاصرة وينتقي منها المواضيع الأكثر حداثة والتي تروي: الخيال، الهوية، الجسد وما يحيط به من ثرثرات اجتماعية وسياسية. الوعود التي تشي بمستقبل أجمل، التوتر السياسي في الوقت الراهن، الثقافة البصرية وطبيعتها التعددية، ومقدسات الحياة.
تعد إسطنبول «القارة الجديدة» في عالم الفن المعاصر، حيث استطاعت أن تبرز أهميتها من خلال المعارض المتنوعة والثرية بالأعمال الفنية الباهرة في المدن الأكثر حضوراً على خارطة الفن منذ العام 2009م. إذ بدأت إسطنبول بالتدقيق ودراسة أهم ديناميات التحول والتغيير التي طرأت على الفن منذ عام 1970م. وبدت في هذا المنحى تركيا وكأنها قد انطلقت بثورة فنية من نوع آخر لينتشر صيتها عالمياً خاصة بين الدول الأوروبية التي أشادت بتلك الثورة من خلال ملاحظاتها المختلفة وتأكيدها بأن ما يحصل في إسطنبول هو حركة حيوية وديناميكية جداً تبرر وجود بداية واعدة، حيث أن حياة إسطنبول الصاخبة ليلاً ونهاراً بشوارعها ومتاحفها وتجمعات فنانيها علانية أحدثت فوضى فنية جميلة استطاعت أن تتوغل في روح المدينة وتحدث جدلاً لا ينفك العابر هناك أن يأبه له، حيث اشتبكت في طريقتها الفنية والفكرية الثقافة بالسياحة.
إسطنبول ما بعد الدولة العثمانية، أصبحت مركزاً يتوجه إليه العديد من الفنانين من مختلف الجنسيات لبدء مشاريعهم والاستقرار بأعمالهم وتكوين شبكات من العلاقات الفنية أو التجارية، مما شد انتباه أخصائيي الثقافة وحتى علماء النفس ليطلقوا عليها «وليمة فتح الشهية» لما تبعثه من راحةٍ ونشاط فني غير متوقف في الوقت ذاته.
تلك الثورة الفنية في إسطنبول لم تولد من عبث، بل كان لها مسبباتها المختلفة التي مرت بمخاضات مؤلمة وفترات عصيبة لتصل إلى الازدهار والحيوية التي هي عليها الآن، فقد أدى سقوط جدار برلين الذي يعد رمزاً ثقافياً وسياسياً بين الشرق والغرب إلى حدوث صدامات وتناقضات مجتمعية في النفس الإنسانية، وآلت إلى فترات من التوتر والضياع ما بين ظاهرة «هنا والآن» وما كانت عليه في الفترات السابقة. هذا المزيج من صدام الحضارات على أرض واحدة استطاع تجاوز الاضطرابات إلى بيئة حاضنة للتعدد الفكري والتوجهات المتنوعة التي أثرت الجانب الفني في إسطنبول. حيث تمكنت هذه المدينة من فرض استقرار فني أمام المدن العريقة لترتقي بأعمال فنانيها وتكون ملاذاً للفنانين من جميع دول العالم.