قال شيوخ وعلماء دين إن «مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تنال الدرجات، وترفع المقامات»، مشيرين إلى أن «صاحب الخلق الحسن جليس الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة»، وفقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»، فيما أوضحوا أن «الأدب مع الله يكون بالرضا بقضاء الله وحكمه شرعاً وقدراً»».
وأضافوا أن «الله تعالى خص نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال سبحانه: «وإنك لعلى خلق عظيم»، لافتين إلى أن «حسن الخلق يوجب المحبة والتآلف، فهو في الاصطلاح الشرعي طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس، وهذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن، ومدارة للغضب، واحتمال الأذى».
فضل حسن الخلق
وأوضحوا أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على «حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقوى والخلق الحسن، فقال عليه الصلاة والسلام: «أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى الله وحسن الخلق»».
وأوصى النبي أبا هريرة رضي الله عنه بوصية عظيمة فقال: «يا أبا هريرة! عليك بحسن الخلق». قال أبو هريرة رضي الله عنه: وما حسن الخلق يا رسول الله؟ قال: «تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك».
وعد النبي حسن الخلق من كمال الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً».
وقال أيضاً «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً».
وشدد العلماء على أن «المسلم مأمور بالكلمة اللينة لتكون في ميزان حسناته، قال عليه الصلاة والسلام: «والكلمة الطيبة صدقة»، بل وحتى التبسم الذي لا يكلف المسلم شيئاً، له بذلك أجر: قال الرسول «وتبسمك في وجه أخيك صدقة».
وذكر العلماء أن «التوجيهات النبوية في الحث على حسن الخلق واحتمال الأذى كثيرة معروفة، وسيرته صلى الله عليه وسلم نموذج يحتذى به في الخلق مع نفسه، ومع زوجاته، ومع جيرانه، ومع ضعفاء المسلمين، بل وحتى مع الكافر، قال تعالى: «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، ما أفضل ما أعطي المرء المسلم؟ قال: الخلق الحسن».
وأخبر النبي أن «صاحب الخلق الحسن يبلغ بخلقه درجة الصائم القائم»، فقال: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات الصائم القائم».
وبين صلى الله عليه وسلم أن «صاحب الخلق الحسن أحب الناس إلى الله وأقربهم منه من النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً، فقال: «ألا أخبركم بأحبكم إلى الله وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ قالوا: بلى، قال: أحسنكم خلقاً».
كذلك ذكر أن «أكثر ما يدخل الناس الجنة: حسن الخلق»، فقال صلى الله عليه وسلم: «أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق».
وقال صلى الله عليه وسلم في بيان منزلة صاحب الخلق الحسن: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».
وأمر الرسول بمكارم الأخلاق، وأوصى من كان من خواص أصحابه معاذ بن جبل بحسن الخلق فقال له: «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن».
وفي المقابل ذكر أن «سوء الخلق ينقص من الإيمان»، فقال صلى الله عليه وسلم: «وإن المرء ليكون مؤمناً وإن في خلقه شيئاً فينقص ذلك من إيمانه».
وفسر صلى الله عليه وسلم البر بقوله «البر حسن الخلق». يعني أن «حسن الخلق أعظم خصال البر».
صفات الخلوق
وأشار العلماء إلى أن «علامات حسن الخلق جمعت في صفات عدة، هي أن يكون الإنسان كثير الحياء، وقليل الأذى، وكثير الصلاح، وصدوق اللسان، وقليل الكلام، وكثير العمل، وقليل الزلل، وقليل الفضول، براً وصولاً، وقوراً، صبوراً، شكوراً، راضياً، حليماً، رفيقاً، عفيفاً، شفيقاً، لا لعاناً ولا سباباً، ولا نماماً ولا مغتاباً، ولا عجولاً ولا حقوداً ولا بخيلاً، ولا حسوداً، يحب في الله، ويرضى في الله، ويغضب في الله».
كما أوصى العلماء المسلمين «بالربط بين حسن التعبد وحسن الخلق وسمو الذوق»، موضحين أن «بعض أصحاب العبادات يعجزون أن يربطوا بين حسن التعبد وحسن الخلق وسمو الذوق، فكثيرون يحرصون على أداء العبادات في أوقاتها، ولكنهم يرتكبون أعمالاً يأباها الخلق الكريم» مشيرين إلى أن «من لم تهذبه عباداته فهو مفلس».
وبين العلماء أن «الفضل بالعقل والأدب وليس بالأصل والحسب، والأدب وسيلة إلى كل فضيلة وذريعة إلى كل شريعة».
وأوضحوا أن «الرسول الكريم بعث ليتمم مكارم الأخلاق والأحكام والتشريعات حينما كانت تتنزل متكاملة في بناء حسن الخلق والدين والذوق الرفيع في التعامل».
وشدد العلماء على أن «أدب النفس ورفعة الذوق وجمال التعامل من أجل ما وهب الله عبده، ومراعاة المشاعر وحسن المعاملة مقصد شرعي من مقاصد الدين العظيمة، والذوق مسلك حميد يحمل معاني الأدب ومعاني الرقة وحسن المعشر وكمال التهذيب وحسن التصرف وتجنب ما يحرج أو يجرح من فعل أو قول أو إشارة».
الأدب مع الله
وشدد العلماء على أن «حسن الخلق مرتبة إيمانية عظيمة»، وكان الرسول يتضرع إلى الله ويدعو «اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي».
وقالوا إن «حسن الخلق مع الله يكون الرضا بحكمه شرعاً وقدراً، وتلقي ذلك بالانشراح وعدم التضجر، وعدم الأسى والحزن»، مشيرين إلى أن «حسن الخلق مع الناس بكف الأذى، وبذل الندى، وطلاقه الوجه، وكف الأذى بألا يؤذي الناس لا بلسانه ولا بجوارحه، وبذل الندى يعني بذل العطاء من مال وعلم وجاه، وطلاقة الوجه بأن يلاقي الناس بوجه منطلق، ليس بعبوس، ولا مصعر خده».