فيلم «جحا» للمخرج الفرنسي جان باراتييه الذي عرض بعيداً عن حمى المنافسات ضمن تظاهرة «كان كلاسيك»، هو أول عمل سينمائي ينجز في تونس المستقلة عام 1957 ورممه المركز السينمائي الفرنسي.
وأراد الفيلم الذي وضع السيناريو الخاص به جورج شحادة، إعطاء صورة جميلة ومغايرة عن العالم العربي وثقافته.
ففي تلك المرحلة كانت السينما الفرنسية عن المغرب العربي حافلة بالصور النمطية عن «السكان الأصليين»، كذلك أتى تصوير الفيلم مباشرة بعد العدوان الثلاثي على قناة السويس عام 1956 وبينما الاستعمار الفرنسي للجزائر مستمر، وهو أنتج بأموال تونسية وبمساهمة فرنسية.
وقال باراتييه الذي يعتبر صوتاً فريداً ومختلفاً في السينما الفرنسية «كنت دائماً مفتوناً بالشخصيات الطبيعية، الناس البسطاء، وحتى المجانين، لشدة ما كانوا يعكسون حقيقة اللاوعي، عبر جحا أردت التعبير عما أحببته في العالم العربي».
وكان «جحا» قدم في مهرجان كان عام 1958 على أنه فيلم تونسي ونال جائزة أفضل إخراج.
ويروي الفيلم بلغة شاعرية حكايات «جحا» البسيط الفقير والجاهل، لكن تقع في حبه «فلة» الزوجة الشابة للعالم المسن «تاج العلوم».
والفيلم من بطولة عمر الشريف بدور «جحا» فيما تؤدي كلوديا كاردينال دور وصيفة «فلة» زوجة تاج العلوم بعدما التقا بها المخرج على باب المدرسة الثانوية وأقنعها أن تؤدي الدور فوافقت بعد امتناع، وكان يريدها لدور البطولة لكن المنتج أصر على منح البطولة لزينة بوزيان.
واعتبر فريد بوغدير الفيلم «درساً في الحرية» وشجع كثيراً من المخرجين التونسيين على إنجاز أفلامهم، وأضاف «أعطانا الفيلم هديتين.. هدية النظر إلى ثقافتنا بطريقة مغايرة بعيداً عن الأحكام المسبقة وهدية عمل سينما حرة».
وقال عنه جان لوك غودار عام 1959 في مقالة كتبها «إنه فيلم لا يمكن انتقاده، تعدى فيه باراتييه أقصى الصراحة».
وقتها كتب أيضاً بيار بيلار في «نوفيل أوبسرفاتور»، «جاك باراتييه مع فيلمه جحا أكثر من يشرف السينما الفرنسية، عرف بشكل ذكي جداً كيف يتكئ على نص رائع لشحادة.. الفيلم ينتقل من المضحك إلى التراجيدي من البداية إلى النهاية.. الشعر هنا ينبض ويشرفنا».