عندما تكون الأم في دار رعاية الوالدين فتلك هي القسوة، وعندما يأتيه أول مولود ولا يرى مولوده عند فتح عينيه إشراقة وجه جدته فذلك هو الألم، وعندما يرمي الابن آخر حفنة تراب على روح والدته فذلك هو.. أعظم ندم.
عجباً لمن يكرم أمه بدار بعيدة عنه! فوسط أمهات أتى بهن أبناؤهن بموافقة منهم أو عدمها، تاركين جنة الدنيا في تلك الدار، ونسوا أن يتركوا معها شبهاً رسمته الدنيا على ملامحهم منها، ونسوا أن يأخذوا قلباً تركته والدتهم معهم .
عندما نرى في الوقت الحالي هذه الظواهر، ونلتفت يميناً فنرى أماً كسا وجهها الطاهر دمعاً رفضت ألا يمسحه سوى ابنها، ونلتفت يساراً فنرى شيخاً لم يأتِ من بيته إلى دار رعاية الوالدين سوى بألبوم صور ملأه بصور ابنه وابنته، وقتها لا نملك سوى إدراك قيمة الوالدين.
لن يشعر الفتى العاق أو الفتاة العاقة بشعور أولئك الوالدين إلا عندما يضعهما الدهر مكانهما، فمن لديه والدان فليحمد الله ومن لديه أحدهما فليحمد الله ومن توفي والداه فليحمد الله كثيراً لأنهما خرجا من الدنيا وهما.. راضيان عنه، وليسا غاضبين عليه.
أمينة هشام إبراهيم