عجبي من نواب منحناهم أصواتنا ونتابع يومياً ما يقولونه وما يقدمونه للشارع البحريني، وأصبح الواحد منهم يشعر أنه مشرف اجتماعي أو طبيب نفسي يحل مشاكل الناس بوصفة سحرية، أو كما قال الكاتب الصحافي فيصل الشيخ «نواب الشو» فقط.
يفترض بإنجازات النواب أن تخدم كل المواطنين دون استثناء أو تفريق بين موظف بالقطاع العام وآخر بـ»الخاص» كما تفعل الحكومة، وهذا ما يفرضه دستور البلاد.. لا فرق بين مواطن وآخر.
الحكومة في المقابل قسمت الشعب إلى قطاعين عام وخاص، الأول يحظى بمزايا كثيرة باعتبارهم عيال الحكومة المكرمين، والثاني مغضوب عليه، فالحكومة لا تريد أن تعطي مزايا لمواطنيها العاملين في القطاع الخاص، مراعاة لأصحاب القطاع من تجار وصناعيين، وبذريعة أن رواتب الخاص عالية ويحصلون على «بونس»، هو في حقيقته لا يسمن ولا يغني من جوع.
هناك طريقة تتبع بالقطاع الخاص سنوياً، ويخرجون بآليات جديدة مجحفة فقط كي لا يحصل الموظف على الـ»بونس» بشكل يحسن دخله، والكثير من الموظفين أنهوا حياتهم بالخدمة في القطاع الخاص وبشركات كبرى دون أن تتجاوز رواتبهم بعد خدمة امتدت لـ20 أو 30 سنة حاجز الـ 1500 دينار، فأي قطاع خاص تدعون اهتمامه بموظفيه! وهناك من الموظفين يعين على 400 دينار بـ»الخاص»، بينما متوسط رواتب الحكومة تزيد عن 600 دينار فأين الادعاء أن القطاع الخاص يمنح أجوراً أعلى من الدولة؟!
هذا الفرق بين المواطنين لا يوجد إلا في البحرين، فجميع الدول الخليجية الموظف موظف سواء كان بـ»الخاص» أو «العام» إلا في البحرين أصبحت ديرة العجائب، هي ليست أرض العجائب في السياحة والترفيه ولا في مزاياها الممنوحة للمواطنين، بل في التفرقة بين الموظفين.
الموظف في القطاع الخاص يمارس أشد المهام وأصعبها مقابل راتب لا يغني ولا يسمن من جوع، ورغم ذلك سيف الاستغناء مسلط على رقبته، و»تفنيشه» في أية لحظة وارد تحت حجج واهية، وإن ذهبت للمحاكم فالتعويض مجرد فتات أما الراتب فلا زيادات ولا علاوات.
الحجة دائماً جاهزة.. خسائر الشركة متوالية عاماً بعد عام ولا مجال لزيادة، بينما الواقع يقول خلاف ذلك.. الأرباح بالملايين، وكذلك المكرمات الحكومية فهي حكر على موظفي «العام» أما بالنسبة للقطاع الخاص فهو يشبه بيض «الصعو» يسمع عنه ولا يرى.
حتى الإجازات العريضة لموظفي العام مؤكدة ومثبتة، أما في «الخاص» فالأمر راجع لصاحب العمل، وكما يقال «هو وشيمته»، وبعد قضاء زهرة الشباب في القطاع الخاص والإحالة على التقاعد فإن الإخوة في التأمينات يلقون إليك بالفتات دون زيادة، أما القطاع العام فيحصلون على 80% من الراتب على أقل تقدير مع زيادة سنوية.
أيها النواب يجب أن تطالبوا الحكومة بدعم القطاع الخاص وتعديل أوضاعه، على اعتبار زيادة الأسعار يعاني منها موظفو «الخاص» و»العام» على حد سواء، رغم أن القطاع الخاص يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنشيطه، فلماذا لا تساعده الحكومة كما تفعل مع «العام»؟ وبدل أن يغير النواب الوضع ويتخلص المواطن من التفرقة الوظيفة بين القطاعين، يجري النواب وراء مناصرة القطاع العام فقط، فهل موظفو العام ينقصهم الدلع ورعاية الحكومة كي يراعيهم النواب؟
فإذا أنتم «النواب» اقتنعتم أن موظف «الخاص» يعاني مثل شقيقه بـ»العام» وزيادة، فعليكم أن تعيروه اهتمامكم على الأقل، ولكن كيف يتبدل الوضع وأنتم لا تحركون ساكناً تكريماً لخاطر بعض التجار، بينما تمونون على الحكومة وتطالبونها بزيادة المعاشات.
فكيف لنائب أن يقول «لا يمكن إجبار القطاع الخاص على زيادة الرواتب»، لماذا إذا كان التجار أنفسهم يرفعون أسعار بضائعهم باستمرار؟ كيف لكم أيها النواب ألا تبحثوا عن بعض الشركات الكبيرة في الدولة وتحاسبون التجار الصغار؟ كيف تنسون الهوامير الكبيرة من شركات الخاص التي تسهم فيها الحكومة؟ لماذا لا تطلبون أن ينال موظفوها نصيبهم من الزيادة بالراتب ولو نصف ما يحصل عليه العاملون بالقطاع العام؟

أم محمد لوري