عواصم - (وكالات): تواصل القوات النظامية السورية خوض معارك عنيفة في مدينة القصير الاستراتيجية وفي محيطها وسط البلاد، مدعومة بـ «حزب الله» اللبناني الذي فقد 79 عنصراً من مقاتليه منذ بدء اقتحام المدينة الأحد الماضي، ما يرفع عدد قتلى الحزب في معارك سوريا إلى 141 شخصاً، فيما نفى ناشطون سوريون ما تردد من أنباء حول سيطرة الجيش السوري على معظم مدينة القصير، كما أكدوا استمرار سيطرة الجيش الحر على مطار الضبعة، وعرضوا تسجيلات منه بعد إعلان وسائل الإعلام الحكومية عن السيطرة عليه، بينما قال المجلس الوطني المعارض إن «بعض اللبنانيين يدخلون سوريا كغزاة ويعودون منها «في توابيت مكفنين بالعار». ومع استمرار النزاع لأكثر من عامين، تشهد باريس لقاء فرنسياً أمريكياً روسياً للبحث في التحضيرات لمؤتمر دولي لحل الأزمة، بينما فشل الأوروبيون في اجتماعهم في أوروبا في الاتفاق على رفع حظر الأسلحة على سوريا، وتسليح المعارضة.
تزامناً مع ذلك، حذرت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي من «كابوس» ترتسم معالمه في سوريا. وقالت في افتتاح الدورة الثالثة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف إن «كارثة إنسانية وسياسية واجتماعية تعصف حالياً بسوريا وما ينتظرنا هو كابوس حقيقي».
ميدانياً، أفادت قناة «الإخبارية» أن مراسلتها يارا عباس قتلت بعدما استهدفها «مسلحون» بالقرب من مطار الضبعة شمال مدينة القصير في محافظة حمص، والذي يحاول النظام استعادة السيطرة عليه. من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الصحافية، وهي من حمص، قتلت «إثر إصابتها برصاص قناصة» قرب المطار، متحدثاً عن إصابة عدد من أفراد طاقم القناة. وبمقتل عباس، يرتفع إلى 24 عدد الصحافيين الذين قضوا خلال تغطيتهم النزاع السوري منذ منتصف مارس 2011، إضافة إلى 58 ناشطاً إعلامياً، بحسب أرقام «مراسلون بلا حدود». ويشهد المطار الذي يشكل منفذاً رئيسياً لمقاتلي المعارضة المتحصنين شمال مدينة القصير، اشتباكات عنيفة بين المعارضين من جهة، والقوات النظامية المدعومة بعناصر من حزب الله من جهة أخرى، والذين فرضوا طوقاً في محيط المطار. واقتحمت القوات والحزب الأحد الماضي القصير من الجهات الجنوبية والغربية والشرقية للمدينة التي تشكل صلة وصل أساسية بين دمشق والساحل السوري، وأحد آخر معاقل المعارضين في محافظة حمص.
وقال المرصد السوري إن «عدد عناصر حزب الله اللبناني الذين قتلوا خلال الأشهر الماضية في ريفي دمشق وحمص ارتفع إلى 141، بينهم 79 مقاتلاً قتلوا خلال الفترة الممتدة بين فجر 19 مايو الجاري إلى فجر أمس الأول».
في الوقت ذاته، فتح «حزب الله» جبهة جديدة مع ثوار سوريا بالغوطة الشرقية من خلال نقل وحدات كبيرة من مقاتليه من لبنان إلى دمشق والغوطة الشرقية، حيث تدور اشتباكات عنيفة مع الجيش الحر.
وفي وقت لاحق، قتل 4 أشخاص وأصيب عشرات في انفجار سيارة مفخخة في أحد أحياء مدينة حمص وسط سوريا، وفقاً للمرصد السوري. من جهته، حض الائتلاف السوري المعارض الاتحاد الأوروبي على رفع الحظر عن الأسلحة. وفي باريس، يبحث وزراء خارجية فرنسا لوران فابيوس وروسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري، في المؤتمر الدولي الذي دعت إليه موسكو وواشنطن سعياً للتوصل إلى حل للأزمة السورية بمشاركة طرفي النزاع. ومن المتوقع أن يعقد المؤتمر الذي اصطلح على تسميته «جنيف 2» في يونيو المقبل.
في المقابل، لم يتوصل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المجتمع في إسطنبول منذ الخميس الماضي، في التوصل إلى اتفاق حول المشاركة في المؤتمر.
كما تعرض الائتلاف لانتكاسة في جهوده الرامية إلى توحيد صفوف المعارضين، إذ فشل أعضاؤه في التوافق على توسيع قاعدته، ووافقوا بالتصويت على انضمام 8 من أصل 22 مرشحاً. وأبرز المنضمين الجدد المعارض المخضرم ميشيل كيلو.
ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية شهادة اثنين من مراسليها كانا في ضواحي دمشق وقالا إن الجيش السوري استخدم أسلحة كيميائية. وقال المراسل فيليب ريمي إنه كان مع زميله «شاهدين لعدة أيام متتالية» على استعمال متفجرات كيميائية وانعكاساتها على مقاتلي المعارضة في حي جوبر شرق دمشق.
ولاحظ المصور لوران فان در ستوك في 13 أبريل الماضي كيف أن المقاتلين «بدأوا يسعلون ثم يضعون أقنعة واقية من الغاز بدون تسرع على ما يبدو لأنهم في الحقيقة قد تعرضوا لذلك من قبل وكيف جلس بعضهم القرفصاء وهم يختنقون ويتقيؤون». ويثير موضوع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا جدلاً دولياً واسعاً واتهامات متبادلة بين النظام والمعارضة. ودعت الأمم المتحدة مجدداً دمشق إلى إفساح المجال أمام خبرائها للتحقيق.
في الوقت ذاته، حاول وزراء الخارجية الأوروبيون التوصل إلى توافق حول تسليح مقاتلي المعارضة في سوريا وهو ملف تنقسم بشأنه دول الاتحاد الـ27 منذ أشهر. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «لا اتفاق».
وعلى الأوروبيين التوصل إلى اتفاق قبل منتصف ليل الجمعة المقبل موعد انتهاء العقوبات الأوروبية المفروضة منذ عامين على النظام السوري ومنها الحظر على الأسلحة إلى سوريا. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن بريطانيا البلد الرئيس الذي يطالب بتسليح المعارضة السورية في إجراء يرمي إلى «توجيه رسالة واضحة إلى الرئيس السوري بشار الأسد». وبناء عليه، سيتواصل النقاش في العواصم قبل اتخاذ قرار نهائي على المستوى الأوروبي على الأرجح الجمعة المقبل. من جهة ثانية، تستضيف إيران، الحليف الإقليمي للنظام السوري، غداً «مؤتمراً دولياً» بهدف التوصل إلى «تسوية سياسية» للنزاع في سوريا. من جهته، حذر مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من أن سوريا قد تفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الجولان إذا لم يتم وقف تدفق السلاح والمسلحين إليها، مؤكداً أن «إجراءات تتخذ لحماية العتبات الشيعية المقدسة في دمشق».
من جهة أخرى، أعلن حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة أن إيران تقدم تسهيلات ائتمانية تصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار لبلاده الغارقة في نزاع دام منذ أكثر من عامين، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «تشرين» الحكومية.
في سياق آخر، دوت صفارات الإنذار في الأراضي المحتلة في اليوم الثاني من تدريبات تهدف إلى اختبار قدرة الدفاع المدني على التصدي لهجمات بمئات الصواريخ يومياً.