كتبت ـ عايدة البلوشي:
علي طفل في السادسة يقضي ساعات الصباح وهو يرطن بالإنجليزية في المدرسة، وفي المنزل هو مجبر على التواصل مع الخادمة بالإنجليزية أيضاً، وهو بالكاد يعرف جملاً من لغته الأم العربية.
ولم يجد جاسم محمد بداً من الانفصال عن زوجته بسبب ذات الموضوع، بعد أن وجد صعوبة بالغة في تعليم طفلته البالغة من العمر 7 سنوات العربية «بالمدرسة تتحدث الإنجليزية وفي البيت مع الخادمة تتكلم اللغة ذاتها، أمها مشغولة عنها طوال الوقت.. غالباً ما نتشاجر حول هذا الموضوع وأخيراً انفصلنا».
وحرص حسن أحمد على تعليم أبنائه اللغة العربية بلهجة المحرقيين خاصة، ولكنه لا يخفي أثر المحيط ووسائل التواصل الاجتماعي في إدخال مفردات أجنبية إلى حديثهم.
ناقوس الخطر
علي طفل في الربيع السادس من عمره، يتحدث كلمة بالعربية ويتبعها اثنتين بالإنجليزية، وحديثه مع الخادمة حتماً بالإنجليزية، ولأنه طالب بإحدى المدارس الخاصة يتحدث الأجنبية طوال وجوده على مقاعد الدرس.
علي يستخدم الإنجليزية وسيلة للتواصل مع المعلمين وزملاء المدرسة 7 ساعات يومياً، ثم يعود إلى المنزل وتكون الخادمة بانتظاره مع لغتها الإنجليزية الهجينة، والدته تطل عليه في غرفته تلقي نظرة سريعة وتغادر، وقد تتبادل معه كلمة أو كلمتين بـ»العربية»، فهي كذلك تنشد الراحة بعد كد يوم طويل.
علي ليس حالة شاذة بين أقرانه، كثيرون يواجهون ذات المشكلة مع اللغة العربية، هم عرب بحرينيون بشهادة ميلاد مصدقة حسب الأصول، ولكن على أرض الواقع يتحدثون الإنجليزية، فهل دق ناقوس الخطر إزاء اللغة العربية؟!
آمنة عبدالله جدة لديها 6 أحفاد، هم يتحدثون الإنجليزية في البيت «هذا يضايقني كثيراً.. وذويهم يشجعونهم تحت مبدأ الإنجليزية لغة العصر والتطور وهي حاجة لا ترف».
لا تختلف آمنة أن الإنجليزية حاجة أساسية في ظل التطور والعولمة «لكن هذا لا يعني أن نهمل لغتنا الأم لغة القرآن، نحن اليوم بحاجة إلى اللغة العربية أكثر من أي وقت مضى».
المؤثر الخارجي
لدى جاسم محمد طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، تربت في أحضان الشغالة، بينما والدتها مشغولة عنها طوال النهار بالعمل، وفترة ما بعد العمل هي أيضاً مشغولة في الواجبات الاجتماعية من زيارات واستقبال ضيوف ولا وقت لديها للعناية بالطفلة.
كثيراً ما يختلف جاسم مع زوجته حول الموضوع «أصبح يؤرقني كثيراً حتى انفصلنا، موضوع الطفلة وتعلقها بالخادمة أحد أسباب الطلاق، اليوم الطفلة تعيش مع والدتها والخادمة وتتحدث الإنجليزية كلغة أساسية».
وحرص حسن أحمد على تعليم أبنائه اللغة العربية باللهجة المحرقية «هم اليوم يتفوقون على أقرانهم في المدرسة باستخدام اللهجة البحرينية الأصيلة، حرصاً على تعزيز اللغة العربية إلا أن المؤثرات الخارجية كثيرة ولا يمكن صدها، فهم كثيراً ما يستخدمون المفردات الإنجليزية في حديثهم، عبر اختلاطهم بالمحيط المجتمعي ووسائل التواصل».
ويضيف «لست ضد تعلم الطفل لغات أخرى، ولكن ليس على حساب ضياع اللغة العربية واندثارها».