اتهم قاض أرجنتيني إيران أمس بإقامة خلايا استخبارات سرية في العديد من دول أمريكا الجنوبية من أجل التحضير لهجمات إرهابية وتنفيذها. ورفع القاضي البرتو نيسمان اتهاماً في تقرير من 502 صفحات أمام محكمة فيدرالية. وقال نيسمان للصحافيين «أنا أتهم إيران رسمياً باختراق العديد من دول أمريكا الجنوبية لإقامة شبكات استخبارات أو بتعبير آخر قواعد للتجسس من أجل تنفيذ وإعداد ودعم هجمات إرهابية كتلك التي استهدفت المركز اليهودي في بوينوس ايرس» في 1994. ونيسمان مكلف بالتحقيق في الهجوم على المركز اليهودي الذي راح ضحيته 85 شخصاً ويعتبر أسوأ هجوم من نوعه في الأرجنتين. وأعلن نيسمان أن محسن رباني الملحق الثقافي السابق في السفارة الإيرانية في الأرجنتين في فترة الهجوم هو المسؤول الأول في القضية.
كما اتهم نيسمان إيران «باستغلال هيئات دبلوماسية لاستخدام مزدوج بالإضافة إلى مؤسسات ثقافية وخيرية للتستر على نشاطات إرهابية».
وأضاف «النتيجة الفورية كانت إقامة خلايا استخبارات لتأمين الدعم اللوجستي والمالي والعملاني لأي هجمات ممكنة يخطط لها النظام الساعي إلى «تصدير الثورة»».
ووجهت محاكم أرجنتينية اتهامات إلى 8 مسؤولين سابقين وحاليين كبار بالتورط في الهجوم من بينهم وزير الدفاع أحمد وحيدي ومستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولاياتي والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي والأخيران مرشحان للانتخابات الرئاسية المقررة في 14 يونيو المقبل.
وبعد توجيه الاتهامات قامت كل من إيران والأرجنتين بسحب السفراء ونفت إيران أي تورط لأي من مسؤوليها.
وفي 18 يوليو 1994 تم تفجير شاحنة مفخخة أمام المركز اليهودي في بوينس ايرس فدمر المبنى المؤلف من 7 طوابق بكامله.
ويشتبه القضاء الأرجنتيني أيضاً في ضلوع طهران بانفجار سيارة مفخخة في 1992 أمام سفارة إسرائيل في العاصمة الأرجنتينية ما أوقع 29 قتيلاً و200 جريح.
وحث نيسمان الانتربول على «اتخاذ إجراءات إضافية لتوقيف المتهمين الثمانية في الهجوم على المركز اليهودي من خلال إصدار مذكرات توقيف دولية بحقهم».
وسترسل نسخة من الاتهام الذي رفعه نيسمان إلى السلطات القضائية في البرازيل وتشيلي وكولومبيا وغويانا وباراغواي وسورينام وترينيداد اند توباغو.
واعتبر نيسمان أن هناك «إشارات قوية بحصول اختراق وإقامة خلايا استخبارات» في تلك الدول. وصرح «إننا نحذر من إمكان» شن هجمات في تلك الدول، لكن «عليها هي أن تقرر كيفية التحرك».
ويأتي اتهام نيسمان بعد موافقة إيران على مذكرة تفاهم مع الأرجنتين الأسبوع الماضي من أجل تشكيل لجنة للتحقيق في الهجوم على المركز اليهودي.
وأقر الكونغرس الأرجنتيني الاتفاق إلا أن المعارضة السياسية انتقدت موقف الكونغرس.
وفي سياق آخر، أعلنت كندا أنها ستمنع من الآن فصاعداً كل الصادرات والواردات مع إيران باستثناء تلك التي لها طابع إنساني، مشيرة إلى أن هناك قلقاً خطيراً حيال البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية جون بيرد إن الحكومة جمدت أيضاً ودائع 30 مسؤولاً إيرانياً إضافياً و82 هيئة لا يمكنهم القيام بمعاملات اقتصادية مع كندا.
وأوضح في بيان أن العقوبات الكندية تطال حالياً 87 شخصاً بالإضافة إلى 508 هيئات.
وأضاف البيان «بعد سلسلة محادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع مجموعة 5+1 تبين أن إيران تواصل الامتناع عن البدء بحوار بناء في حين يتزايد خطر أنشطتها في مجال تخصيب اليورانيوم».
وأوضح أن كندا التي علقت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بإغلاق سفارتها في طهران العام الماضي «ستقوم بكل ما يلزم من أجل وقف الجهود غير المسؤولة التي تبذلها طهران للحصول على السلاح النووي».
وتابع البيان «بتشبثها في عدم احترام التزاماتها في المجال النووي، تزيد الديكتاتورية العسكرية والدينية لآية الله خامنئي من عزلتها».
في غضون ذلك، وافقت مجموعة «توتال» النفطية الفرنسية العملاقة على دفع غرامات بقيمة 398.2 مليون دولار للسلطات الأمريكية التي اتهمتها برشوة مسؤولين في إيران لضمان عقود نفط وغاز.
وبموازاة ذلك قرر المدعون في باريس الذي يتعاونون مع واشنطن في هذه التحقيقات، اتخاذ خطوات لاتهام الشركة ومديرها التنفيذي كريستوف دو مارجوري بانتهاك القوانين الفرنسية المتعلقة بالرشوة.
من جهة ثانية، يرى محللون ودبلوماسيون أن تطوراً مهماً طرأ حديثاً حول البرنامج النووي الإيراني يمكن لو استمر أن يؤدي إلى تهدئة المخاوف الدولية إزاء سعي إيران لامتلاك السلاح الذري، ولو أن العديد من المسائل الجديدة لاتزال مطروحة. ويشمل التطور كما ورد في التقارير الفصلية الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في إيران. وترتدي هذه المسألة أهمية دولية خاصة لأن التخصيب إذا تم بنسبة 90% وهو ما بات ضمن إمكانيات إيران فإنه يصبح مواتياً لصنع قنبلة ذرية.
وفي شأن آخر، تشحذ الساحة الإيرانية هممها استعداداً للانتخابات الرئاسية، التي تشهد تأهباً أمنياً تاماً من قبل السلطة، تحسباً لأي خرق أو بروز نتائج لم تكن في الحسبان. وفي هذا السياق، أعلن نائب وزير الداخلية الإيراني، علي عبدالله، أنه سيتم اتخاذ تدابير وقائية استعداداً للانتخابات، موضحاً أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية وضعت وزارة الداخلية خطة أمنية لإغلاق الحدود عشية الانتخابات وأثناء عملية الاقتراع مع اتخاذ تدابير وقائية، لمنع إعادة سيناريو الاحتجاجات التي عرفت بالثورة الخضراء في عام 2009.
وأعلنت قوى الأمن الداخلي أن نحو 300 ألف من عناصرها سيوفرون الحماية لنحو 67 ألف مركز اقتراع، خلال الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجالس البلدية في المدن والبلدات. وسيخصص في كل مركز نحو 3 إلى 4 عناصر من قوى الأمن الداخلي.
كما سيقوم 50 ألفاً من أفراد قوى الأمن الداخلي بالمهام الموكلة إليهم في الأقسام المساندة لإجراء الانتخابات. يذكر أنه وعلى مدى 3 أشهر ماضية والسلطات الإيرانية تتخذ إجراءات أمنية صارمة تمثلت في إلقاء القبض على عشرات الصحافيين، واستدعاء النشطاء السياسيين، ووضع جملة مبادئ توجيهية للصحافة بهدف منعهم من تغطية أنشطة أفراد محددين، وذلك بطلب من المجلس الأعلى للأمن القومي.
من جانب آخر، أبقت إيران على الحكم بالإعدام رجماً في قانون عقوباتها الجديد لمعاقبة الزنى لكن النص الجديد يترك للقاضي حرية اختيار طرق إعدام أخرى.
«فرانس برس - رويترز - العربية نت»