في عالمها الجميل حيث الفضاء متاح حتى أقصاه للإبداع والاختبار، سافرت المنامة عاصمة السياحة العربية 2013م بهيئة الفن إلى مدينة فينيسيا الإيطالية عبر معرض الفن العالمي الخامس والخمسين «بينالي فينيسيا للفنون» الذي ينعقد في غاليري آرسنال للفن بمشاركات عالمية واسعة تحرك الإبداعات الفنية والثقافية للإفصاح عن قضاياها ورؤاها وأحلامها، حيث دشنت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة مساء (الأربعاء) المشاركة البحرينية عبر الجناح الخاص الذي تم تنسيقه مع ميليسا إندرس بهاتيا، ومن تصميم: لودوفيكو كينتيس، ماثيو غيدوني ومايكل ماركيتي.
وعبرت وزيرة الثقافة عن سعادتها بالمشاركة الفنية الأولى لمملكة البحرين في هذا اللقاء الفني، مبينةً: «المنامة اليوم تنسج نفسها وهويتها بجمالية خاصة وفريدة لأول مرة في بينالي فينيسيا للفنون. إنها ببساطة تشرح ملامحها الأنيقة وتوضح حالات إنسانية كثيفة عبر مشاركات الفنانين البحرينيين»، وأشارت إلى التشكيل والفنون باعتبارها لغة الألفة والانسجام مع الآخر، قائلةً: «نملك الفن كأجمل توضيح يمكن ممارسته. هذه العوالم المتتابعة في سياق بينالي فينيسيا هي إنسانيات أوطان عدة تمكنت المنامة أن تكون إحداها لتراقب الحدث وتصنعه أيضاً».
وبقياس ما قد يحدثه الإنسان من عوالم، فقد استدرج تريو الفن «وحيدة مال الله»، «كميل زكريا» و»مريم جناحي» اشتغالات عميقة وإبداعية بدت وكأنها حكايات مرأى أو نسج صوري يراوح زوايا وقراءات عديدة للمختبر الأوسع. وبالرغم من اختلاف طبيعة المشاركات والحالات المقدمة إلا أن الأمزجة العائمة شكلت نصوصها التشكيلية بإتقان ملحوظ وبمواضيع متنوعة، تفصح عن تركيبات ذاتية وانطباعات شخصية خاصة بكل فنان.
مادة الاكتشاف هي التمرين الأجمل الذي يضع الكثير من التساؤلات قبالة كل حالة، ويسرد من كل مونولوج الامتداد الداخلي المخبوء في كل فنان. فالفنانة مريم حاجي، تفلت في عملها المشارك تمرد الأنثى على شاكلة قضية صغيرة تنبت في جماح لوحتها واشتغالها. وتعتمد على الرمزية والطبيعة لاستفزاز التنميط المجتمعي وللكشف عن حرية مطلقة، وعن بحثها المستمر عن لا نهايات ولا تقييد في العالم الذي يخصها.
أما أنسنة الفنانة وحيدة مال الله، فتكشف عن مباغتات ذكية، توضب فيها خوفها، قلقها، فرحها وصمتها، حيث لا شيء لديها قابل للنبوءة أو النذر. هذه العزلة الفظيعة التي تنجب فيها وحيدة وقتها، تبدو كمختبر خاص بالفنانة تحك فيه الحقيقة وتنحت فنياتها العديدة، بجرأة جميلة ومشاكسة متمردة.
فيما قدم الفنان كميل زكريا معاينة فنية تنزع عن يوميات العالم ما تغلفه الجرائد، وتحبك من الورق الحقيقة المجردة، حيث يبدو العمل كمفككات جغرافية وشخصية يحاول كميل أن يعيد لصقها وترتيبها بعناية من خلال فن «الكولاج» في استعارة صورية من أرشيفه الخاص الذي يضم 20 ألف التقاطة فوتوغرافية كونها من تجواله في البحرين طيلة 15 عاماً.