كتبت ـ عايدة البلوشي:
لم تكد فتاة قصتنا ترزق بطفلتها الأولى حتى تزوج بعلها بثانية، «طقها جيزة» عـ»الساكت» و»لا من شاف ولا من درى»، ولكن الحقيقة مصيرها أن تنكشف، وسر بهذا الحجم لا بد أن يظهر ولو بعد حين وتتناقله الألسن.
«م . ع» كانت في طريقها إلى بيت أهل زوجها وطفلتها بحضنها، رأت أجواء الحزن تخيم على المنزل وساكنيه، لم تحر سؤالاً، وبهتت الكلمات على شفتيها.. لا بد أن جللاً قد حل!
أهل الدار لم تبدر منهم أية نأمة، تركوا بطلة القصة في حيرتها، وأخيراً استجمعت قواها وسألت عمتها «ما الأمر؟»، وكأن الأم كانت تبحث عن مبرر للبكاء، طفقت تنشج والألم يكاد يمزق قلبها «ما باليد حيلة.. وأنت ابنتنا رغم كل شيء».
تجمدت «م . ع» في مكانها، لم تواتها الدموع فوراً، مات زوجها.. مستحيل، ولكن الإجابة كانت من الوضوح ما يصعب معه التفكير بسواها، وعندما شاهدت العمة الزوجة بهذا الحال خمنت الموضوع وقالت بهدوء «لقد تزوج سراً».
حكت العمة قصة الزوج المخادع (ابنها) «من طقطق للسلام عليكم»، كان على علاقة بفتاة يحبها وتحبه، اختارها زوجة وحث الخطى إلى بيت أبيها طالباً يدها، وفعل ذلك مراراً وتكراراً ولكن والدها طلب مهراً مرتفعاً 4 آلاف دينار، عدا الشبكة وحفلة العرس وفستان الزفاف وشهر العسل وباقي التجهيزات.
حاول الشاب مع والد الفتاة لتخفيف المطالب وباءت محاولاته بالفشل، حتى اقتنع أخيراً وطلب يد فتاة ثانية وكان زواجه الأول، ولكن حبه الأول ما زال يرفرف بين جنبيه، وما إن حانت الفرصة حتى «طقها زواجة».
الزوجة الأولى أحست أنها وطفلتها ضحية حرب لا ناقة فيها لهما ولا جمل، والد يطلب مهراً عالياً لتزويج ابنته، يفشل الشاب في تأمين المبلغ فيتزوج بأخرى، وعندما يجد بجيوبه مالاً كافياً يعود فيتزوج محبوبته الأولى أي نحس!
تزوجت «م . ع» عام 2005 زواجاً تقليدياً، مهر يكاد لا يذكر، حفلة بسيطة وشبكة وخلصت الحكاية، لم يلتفت والدها ولا هي حينها للماديات، المهم عندهم رجال يستر البنت وتعيش بكنفه راضية مرضية.
بعد سنة من الزواج حملت، وكانت علاقتها بزوجها قائمة على الاحترام والتقدير وتنقصها الحيوية، عندما أخبرته بموضوع حملها لم يبال، ولم يفرح، اليوم فقط هي تعرف حقيقة موقفه، كان حينها يفكر بالزواج وكانت محبوبته شغله الشاغل.
هي اليوم تتذكر الأيام الأخيرة من الحمل عندما كانت في بيت والدتها، وفي يوم الولادة ذهبت إلى المستشفى بينما زوجها في العمل اتصلت به وأخبرته أنها في طريقها للمستشفى، لم يحضر حتى الرابعة عصراً، وكانت الطفلة فتحت عينيها على الدينا منذ التاسعة صباحاً، اليوم فقط عرفت كل أسباب برود علاقتها مع زوجها ولكن الأوان قد فات.
وتعلق الاستشارية النفسية بمركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري د.شريفة سوار على موضوع غلاء المهور «أعتقد أن غلاء المهور سلاح ذي حدين، يضر المرأة في حال مبالغة الأب بالمهر للاستيلاء على بعضه، أما إذا صرفته المرأة في تجهيزات العرس فهنا رفع المهر حالة إيجابية».
وتضيف «أحياناً يطلب الأب مهراً مرتفعاً لابنته لأنه يرى في الخاطب شخصاً غير مناسب، فيضع مهراً تعجيزياً كنوع من التطفيش».
وتردف «بالنسبة لبطلة قصتنا، أعتقد أن الزوج هو الملام، لأنه تزوج بفتاة لا يبادلها الحب وأصبحت زوجته ضحية دون ذنب اقترفته».