عواصم - (وكالات): تراجعت الحكومة التركية أمس وفتحت الطرق المؤدية إلى ساحة تقسيم في إسطنبول في اليوم الثاني من صدامات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين ينددون بسياستها، بينما أعلنت الشرطة اعتقال 939 محتجاً في 90 تظاهرة في أنحاء البلاد، خلال اشتباكات مع قوات الأمن احتجاجاً على هدم متنزه في إسطنبول.
وبعدما واجه إحدى أكبر حركات الاحتجاج منذ تولي حزبه الحكم عام 2002، أمر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قوات الأمن بالانسحاب من ساحة تقسيم وحديقة جيزي التي كان إعلان العزم على هدمها الشرارة التي أشعلت الصدامات.
وعلى الفور، تدفق آلاف يحملون الأعلام التركية إلى المكان على وقع الأسهم النارية. وقبل بضع ساعات من هذا التراجع، أكد أردوغان أن الشرطة ستبقى في ساحة تقسيم لأن الساحة «لا يمكن أن تكون مكاناً يفعل فيه المتطرفون ما يشاءون». وباللهجة الحازمة نفسها، حض المتظاهرين على أن يوقفوا «فوراً» المواجهات مع الشرطة مؤكداً أن حكومته ستمضي قدماً في المشاريع التي أثارت الاحتجاجات العنيفة والتي تشمل إزالة حديقة قرب ساحة تقسيم لإعادة بناء ثكنة أثرية من الفترة العثمانية وجعلها مركز تسوق.
وكانت محكمة إدارية في إسطنبول لجأ إليها المحتجون علقت أمس الأول جزءاً من المشروع.
وبعد هدوء استمر بضع ساعات، تجددت أمس الصدامات وسط إسطنبول واستمرت في شكل متقطع حتى انسحاب الشرطة.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه حول ساحة تقسيم لتفريق مجموعات صغيرة من المتظاهرين ردت برشق عناصرها بالحجارة.
وكانت مواجهات أخرى سجلت في حي بيسيكتاس في المدينة حين حاول مئات الأشخاص التوجه إلى ساحة تقسيم بعبور أحد الجسور فوق البوسفور وقامت الشرطة بتفريقهم.
وقال سرمين اردمجي الموظف في أحد المصارف «هذا الحكم المتسلط يجب أن يتوقف، لا يمكن إسكات الشعب، نريد العيش في تركيا حرة».
ورغم أن معدل دخل الفرد ازداد ثلاث مرات في تركيا منذ 2002، فإن أردوغان متهم بالتسلط وبالسعي إلى «أسلمة» المجتمع التركي، وخصوصاً بعد تبني قانون أخيراً يحد من استهلال الكحول وبيعها.
ومنذ مساء أمس الأول، انتقلت الحركة الاحتجاجية في إسطنبول إلى مدن تركية أخرى مثل أزمير، وإنطاليا، وصولاً إلى العاصمة أنقرة التي شهدت حوادث بين الشرطة ومتظاهرين أرادوا السير نحو البرلمان.
وأكدت المعارضة السياسية وقوفها إلى جانب المتظاهرين. وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشداروغلو أمس «نريد الحرية والديمقراطية في بلادنا».
وارتفعت أصوات أمس حتى داخل السلطة منددة بالرد غير المتكافئ للشرطة.
وقبيل انسحاب الشرطة من ساحة تقسيم، وجه الرئيس التركي عبدالله غول نداء للتحلي بـ «التعقل» و»الهدوء»، معتبراً أن الاحتجاج بلغ درجة «مقلقة».
وقال «في الديمقراطيات، يتم التعبير عن المواقف بتعقل وهدوء، وفي المقابل على المسؤولين أن يبذلوا مزيداً من الجهود للإصغاء بانتباه إلى مختلف الآراء».
وقبل الرئيس التركي، اعتذر نائب رئيس الوزراء بولنت ارينج عما جرى في إسطنبول، وقال «بدل أن تطلق الغاز على أناس يقولون «لا نريد مركزاً تجارياً هنا»، كان على السلطات أن تقنعهم وتقول لهم إنها تشاركهم قلقهم».
ومع صدور هذه المواقف، أقر رئيس الوزراء بأن الشرطة تحركت أحياناً في شكل «مفرط» وقال «صحيح إن أخطاء وأعمالاً مفرطة ارتكبت في كيفية رد الشرطة»، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية أمرت بإجراء تحقيق.
وإضافة إلى المجتمع المدني التركي، نددت الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من المنظمات غير الحكومية بقمع المتظاهرين في إسطنبول، فيما اتهم وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أردوغان بقيادة بلاده «بأسلوب إرهابي».
ولم تعلن السلطات التركية أي حصيلة رسمية للصدامات، فيما تحدثت منظمة العفو الدولية عن «أكثر من 100» جريح. وأعلن محافظ إسطنبول حسين عوني موتلو إنه تم نقل 12 شخصاً إلى المستشفيات فضلاً عن اعتقال العشرات.