كتب ـ حسين التتان:
حين تحيا الأسطورة على الأرض فإنها تتحول إلى دهشة تفوق الخيال، والأساطير ما أجملها حين تجسد وتروى على خشبة مسرح البحرين الوطني.
حكاية «كارمن» عرض مسرحي أسطوري شهدته المنامة ليلتي الجمعة والسبت، عرضته فرقة «الفلامنكو» الإسبانية برفقة الفنانة عايدة جوميز، ضمن نشاطات عام السياحة في البحرين.
ولما للعرض من قيمة ثقافية وإنسانية راقية، حيث كانت لغة الموسيقى والأداء الحركي الفني تجسيداً لملحمة درامية وحكاية مسرحية تناوبت فصولها لتشرح بطريقة الرقص وقائع الأحداث وتصاعدها، وأذهلت كل الحاضرين الذين غصت به مدرجات المسرح الوطني من عشاق المسرح ومن كل الجنسيات عبر العالم.
وتحكي الأسطورة قصة حب وغيرة وتناقضات فلسفية عميقة عبر الرقص الإيحائي التعبيري، وعلى لسان الراقصة الإسبانية بدور الراوي، التي سردت إيقاع الحكاية بصورة مكثفة وعميقة.
استدرجت الفنانة عايدة جوميز وفرقتها الاحترافية إيحاءات مسرحية عديدة، بأداء شفيف ومتقن لفك تفاصيل الحبكة القصصية التي تجري أحداثها في مدينة إشبيلية، وتحديداً في القرن التاسع عشر.
وتدور الأحداث بادئ الأمر بداخل أحد مصانع التبغ في تصاعد درامي بين «كارمن» و»مانيوليتا» التي يشوه وجهها جراء هذا الشجار، ما يؤدي لاعتقال الأولى، هذه التفاصيل ليست سوى قدر مبدئي يغزل الأسطورة في تلاحق زمني غريب يضع كارمن عند مفترقات شائكة ومحيرة، بدءاً من اللحظة التي كلف فيها الدون خوسيه رئيس الفوج الأمني بنقل كارمن إلى السجن، حيث تنجح الأخيرة في استمالته وإحداث قلق الحب بداخله، موقعة إياه في فخها.
أمام ذلك، يتنازل الدون خوسيه عن رتبته ويعرض نفسه للاعتقال مقابل أن ينتصر لفكرته عن الحب وإطلاق سراح كارمن، غير أن الوقت الذي مر لم يترك الحب للنسيان، بل كان يحبك مساراته الأخرى ويهيئ للقدر مكاناً في اللقاء ما بين كارمن والدون خوسيه في إحدى الحانات، وهناك، حيث من المزمع للحبيبين أن يلتقيا، تلتفت البطلة إلى مصارع الثيران «إسكاميلو»، حيث يتغير مسار الأسطورة، ويشتعل الفلامينكو أمام الصراع اللاحق الذي ينتهي بمقتل البطلة.
انتهى العرض ورفض الجمهور مغادرة المسرح إلا عبر تحية كبيرة أدوها للعارضين، وهم بدورهم قدموا للجمهور تحية راقصة أغرت الجميع بالتصفيق حتى بعد أن أسدلت الستارة.