أصدرت محكمة جنايات القاهرة امس أحكاماً بالسجن على موظفين أجانب ومصريين يعملون في منظمات أجنبية، بعد أيام من إحالة الرئيس المصري محمد مرسي مشروع قانون لمنظمات المجتمع المدني لمجلس الشورى، ما أثار غضباً دولياً واسعاً، رد عليه قاضي المحكمة بأن «القضية أمن قومي».
وصدرت الأحكام بعد محاكمات استهدفت موظفين أجانب ومصريين في منظمات مجتمع مدني أمريكيه عملت معظمها دون الحصول على تراخيص تحت حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لكن السلطات الجديدة اعتبرت الأمر مخالفاً للقوانين.
وقضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن 5 سنوات على 27 متهماً أجنبياً يحاكمون غيابياً، وسنتين على 5 متهمين من بينهم الأمريكي روبرت بيكر. كما قضت بالسجن سنة مع وقف التنفيذ بحق 11 متهماً آخرين. ويحاكم المتهمون الستة عشر حضورياً لكنهم غير محتجزين. وفرضت المحكمة غرامة مادية قدرها ألف جنيه «142 دولار أمريكياً» على كل متهم. كما أمرت المحكمة بإغلاق فروع المنظمات الأجنبية التي كان يعمل بها المتهمون، وهي 4 منظمات أمريكية: «فريدوم هاوس» و»المعهد الوطني الديمقراطي، ناشيونال ديموكراتيك انستيتيوت» والمعهد الدولي الجمهوري، انترناشيونال ريبيابليكان انستيتيوت» و»المركز الدولي الأمريكي للصحافيين»، بالإضافة لمؤسسة «كونراد اديناور» الألمانية. وأدين الموظفون بتهمة تلقي تمويل أجنبي غير مشروع والعمل بدون تصريح وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية في مصر بما يخل بسيادة الدولة المصرية.
وشهدت قاعة المحكمة انتشاراً أمنياً، حيث اصطف جنود الشرطة المصرية داخل القاعة.
واكتسبت القضية منذ بدايتها مطلع عام 2012 طابعا سياسيا، واتهم عدد من الحقوقيين الحكومة المصرية آنذاك بتسييس القضية بسبب فضح تلك المنظمات لبعض انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت إبان حكم المجلس العسكري عقب إسقاط حسني مبارك في فبراير 2011. لكن رئيس محكمة الجنايات القاضي مكرم عواد قال «أنا قاضي محكمة جنائية وليست سياسية ولا أتعامل مع المتهمين وفق أي اعتبارات سياسية، فقط حسب نص القانون»، وأضاف «رغم ذاك ندرك انها قضية امن قومي». ويوجد 27 من المتهمين المدانين خارج البلاد، بعد ان سمحت لهم السلطات المصرية في فبراير 2012 بمغادرة البلاد بكفالة مالية. وقال مصدر مسؤول في النيابة العامة المصرية انه «من المفترض أن يتم إبلاغ الأنتربول المصري بالأحكام الصادرة في حق المتهمين الأجانب لاتخاذ اللازم لمخاطبة حكوماتهم لتسليمهم». وأضاف «الأمر كله يتوقف علي وجود اتفاقيات تسليم متهمين مع بلادهم وفي حال عدم وجودها فإننا نطلب محاكمتهم في بلادهم».
وأضاف «سيتم وضع أسماء المتهمين الأجانب على قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر».
ويأتي الحكم في الوقت الذي أحال فيه الرئيس المصري الأسبوع الماضي مشروع قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني إلى مجلس الشورى الذي يتولى حالياً سلطة التشريع في البلاد، على الرغم من احتجاجات عديدة للمنظمات غير الحكومية المصرية التي رأت أنه «يفرض مزيداً من القيود» على العمل الأهلي في مصر. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي «نشعر بالغضب والقلق العميق إزاء الأحكام القاسية ضد موظفي مؤسسة كونراد أديناور في القاهرة والأمر بإغلاق مكتبها. هذا التصرف من قبل القضاء المصري ينذر بالخطر. إنه يضعف المجتمع المدني باعتباره ركيزة هامة من ركائز الديمقراطية في مصر الجديدة«. وتعهد فسترفيلي بتقديم الدعم لمؤسسة كونراد أديناور لإلغاء الأحكام، مضيفاً أن المؤسسات السياسية الألمانية قامت بـ «عمل ممتاز» في مصر بتسريع الديمقراطية، وسيادة القانون، والتعددية والحوار بين الثقافات.
من جهة أخرى، اعتذرت مساعدة الرئيس المصري محمد مرسي، باكينام الشرقاوي، عن عدم إبلاغ السياسيين الذين شاركوا أمس الأول في حوار مع الرئيس حول مياه النيل بأنه مذاع على الهواء ما أتاح للجميع الاستماع إلى دعوات أطلقها بعضهم إلى القيام بأعمال تخريبية في أثيوبيا ما أثار موجة من الاستنكار والغضب في البلاد.