أكد الخبير السياسي بمعهد البحرين للتنمية السياسية نزار الطحاوي أن ديمقراطية مؤسسات المجتمع المدني تقاس من خلال معايير عدة من بينها معدلات التغيير في عضوية مجالس الإدارة، وآلية إصدار القرارات، وحجم العمل التطوعي، ومشاركة المرأة في النشاط والإدارة.
وأضاف في ورشة «المجتمع المدني والتحول الديمقراطي» -نظمها معهد التنمية السياسية أمس الأول، ضمن برنامج الثقافة السياسية- أن المجتمع المدني عبارة عن مجموعة من المؤسسات المدنية التي لا تمارس السلطة، ولا تستهدف الربح الاقتصادي، وتسهم في صناعة القرارات من خارج المؤسسات السياسية، كونها المساحة التي تدور فيها التفاعلات الاجتماعية العامة التي لا تتعلق مباشرة بالربح أو باختصاصات السلطة السياسية. وهي مؤسسات معنية بتجميع المصالح، وحسم وحل الصراعات، وتحسين الأوضاع، وإفراز القيادات الجديدة، وإشاعة ثقافة مدنية ديمقراطية».
ولفت الطحاوي أن هناك عدداً من العناصر الأساسية التي يجب توافرها في منظمات وآليات عمل المجتمع المدني، منها عنصر الفعل الإرادي الحر أو التطوعي، وهو عنصر يتجلى في حرية الانضمام، وممارسة النشاط، ومغادرة المنظمة، وطوعية العمل. كما إن من بين العناصر الأخرى التي يتسم بها المجتمع المدني هو وجود الاختلاف والتنوع، وهو عبارة حق الآخرين في أن يتبنوا أفكاراً وآراءً مختلفة، وأن يكونوا منظمات مدنية تحقق مصالحهم مع الالتزام في إدارة الخلاف داخل المجتمع المدني وبين مؤسساته وبينها وبين الدولة بالوسائل السلمية، وذلك في ضوء قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس وسيادة الثقافة المدنية.
وأوضح أن من بين الشروط الواجب توفرها في المجتمع المدني وجود نظام مؤسسي غير مطلق السلطة، ويخضع في أداء مهامه لقواعد عقلانية، سواءً وضع هذه القواعد برلمان تنتخبه أغلبية المواطنين، أو تولدت عبر تطور تاريخي طويل، وأشرفت على تطبيقها طبقة من الإداريين ذوي المعرفة والخبرة.
وعن طبيعة الأدوار التي يلعبها المجتمع المدني في التحول الديمقراطي، قال الطحاوي: يلعب المجتمع المدني دوراً فعالاً ومؤثراً، فهو الأداة والوسيلة التي تجعل الديمقراطية حقيقة من خلال حملات التوعية السياسية والمجتمعية والتثقيفية، والعمل على توسيع قاعدة المشاركة في المجال العام، وتفعيل حملات الدعوة وكسب الرأي والتأييد ومناصرة المطالب المجتمعية، كما يلعب المجتمع المدني دور الوسيط في حل ومنع النزاعات.
وبين أن منظمات المجتمع المدني تمثل أداة يمكن من خلالها إرساء قيم ومفاهيم الديمقراطية والمواطنة والأفكار المدنية والحرية والعدالة والمشاركة المجتمعية بين أبناء الوطن، كما إنها تعمل على بناء تحالفات على كافة المستويات ومن مختلف المواقع حتى تستطيع أن تنجز عملاً حقيقياً وفعالاً على أرض الواقع لخدمة المواطنين، مشيراً إلى أن المجتمع المدني مدرسة لتدريب المواطنين على القيم الديمقراطية كالمحبة والخيرية والتعاضد المتبادل، ونشر ثقافة المبادرات وتعظيم أهمية الفرد في إطار التعاون الجماعي، والتوفيق بين المصالح المتضاربة، والتأكيد على بناء إرادة المواطنة، والتغذية المستمرة لمؤسسات المجتمع بالقيادات المدرَّبة.
وأوضح الطحاوي أن هناك اتجاهين حديثين لتعريف مفهوم المجتمع المدني في الوطن العربي، أولها اتجاه المجتمع المدني بصيغته الغربية والذي يرى أصحاب هذا الاتجاه التطابق بين المفهومين بصيغتهما الغربية والعربية، وبالتالي في مدلوليهما، وتنظيمات المجتمع المدني في هذا الاتجاه تشمل كلاً من الجمعيات والروابط والنقابات والأحزاب والأندية والتعاونيات، أي كل ما هو غير حكومي وكل ما هو غير عائلي أو وراثي، وقد عرفوا المجتمع المدني بأنه مجمل التنظيمات الاجتماعية التطوعية غير الإرثية وغير الحكومية، التي ترعى الفرد وتعظم من قدرته على المشاركة في الحياة العامة، وتقع مؤسسات المجتمع المدني في مكان وسيط من مؤسسات الدولة والمؤسسات الإرثية، واعتبروا عدم الإرثية شرطاً ضرورياً لتعريف منظمات المجتمع المدني، وبالتالي استبعد أصحاب هذا الاتجاه المؤسسات الاجتماعية الأولية كالأسرة والقبيلة والعشيرة والطائفة الإثنية، فضلاً عن المؤسسات الحكومية.