يحاول رسامو الكاريكاتير الإيرانيون السير بين «خطوط حمر» غير واضحة تحدد إطار حملة الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 يونيو الجاري في مرحلة يفترض أن تتيح لهم مع ذلك بعض الحرية.
ويقول جمال رحمتي المدير الفني في صحيفة «اعتماد» المعتدلة إنه في الماضي «كانت الفترة السابقة للانتخابات تتميز بحرية نسبية، إلى درجة مفاجئة في بعض الأحيان حيث كان بوسعنا التطرق إلى كافة المواضيع».
ولكن هذه السنة «تبدو الأجواء ثقيلة وكأننا نسير في حقل الغام»، كما يقول هادي حيدري أحد كبار الرسامين الصحافيين الذي يعمل مع صحيفة «شرق» الإصلاحية حول تغطية الانتخابات. ويمكن أن يؤدي التناول الساخر للنظام في إيران، والرئيس أو كبار المسؤولين، إلى إغلاق الصحيفة أو السجن. وازدادت حدة القمع منذ 2009 والتظاهرات المعارضة لإعادة انتخاب محمود احمدي نجاد.
وتفيد لجنة حماية الصحافيين الدولية أن 45 صحافياً كانوا مسجونين في إيران مطلع ديسمبر 2012. ويقول رحمتي «يمكن أن نواجه مشكلات بالنسبة لاي موضوع، لأن الحدود غير واضحة». ويضيف أن على الصحافيين أن «لا يرسموا صورة قاتمة عن الوضع في البلاد». ويتساءل «ولكن ماذا يعني صورة قاتمة؟»
وتخضع إيران لعقوبات دولية قاسية أنهكت اقتصادها بسبب الاشتباه بسعيها لحيازة القنبلة الذرية. كما تتهم إيران بالتدخل في النزاع السوري لدعم نظام بشار الأسد.
وأكد النظام الإيراني أنه لن يسمح بأي أنشطة احتجاجية خلال الانتخابات.
ويقول هادي حيدري «علينا أن نعمل رسمياً في إطار الحريات التي يحددها الدستور مع عدم المساس بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أو الجيش، ولكنا نعمل أيضاً بموجب قانون غير مكتوب أو «خط أحمر غير واضح المعالم». وعندما نكون أمام موضوع حساس، يقول لنا هذا القانون «لا تقتربوا» منه».
ويشير جمال رحمتي بشكل خاص الى منع الحديث عن ارتفاع اسعار الدواجن، مؤكدا انه «لم أتصور بتاتاً أن الفراخ ستصبح خطاً أحمر».
كما لا يمكن حتى رسم الرئيس أحمدي نجاد غير المرشح لولاية ثالثة، كما يقول حيدري الذي تمكن من رسمه في 2009.
ووجه آية الله خامنئي في نهاية أبريل الماضي بعض النصائح الى وسائل الإعلام بصدد الانتخابات فقال إن عليها «تشجيع الناس على أن يختاروا بصورة صحيحة، وأن ينتقدوا بطريقة منطقية، وألا ينشروا أية معلومات كيفما اتفق». كما حذر نائب وزير الثقافة المكلف بالإعلام محمد جعفر محمد زاده من أن الوزارة «ستعزز مراقبة وسائل الإعلام خلال الشهرين المقبلين».
ولكن حرية الصحافة باتت مطروحة ضمن خطاب بعض المرشحين خاصة الإصلاحي محمد رضا عارف الذي قال إن «منع الصحف ومنع نشر كتاب أو عرض فيلم، هي أمور تحتاج إلى إصلاحها». ودعا المرشح المعتدل حسن روحاني إلى السماح بحرية التعبير وحرية الصحافة بهدف محاربة الفساد. ولكن سعيد جليلي المحافظ المقرب من المرشد الأعلى، اعتبر أن إغلاق صحيفتين لا يعني أن هناك انتقاصاً من حرية الصحافة.
وباتت الصحف تستعين بمستشارين قانونيين لتحمي نفسها من الرقابة والملاحقات القضائية. وقال هادي حيدري إنه قرر عدم نشر رسوم. وأضاف بأسف «الرقابة الذاتية مرض ولكن علينا أن نتعايش معها».
وأمام الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي في إيران، بات الرسامون يلجؤون إلى الرمزية في رسومهم التي صارت مع ذلك أعمق لأنهم يغوصون في بواطن الأمور وإن كان ذلك يفسح المجال أمام عدة تفسيرات، كما يقول الرسام. وفي سبتمبر 2012، اعتبرت إحدى رسومه إهانة للمقاتلين في الحرب الإيرانية العراقية وتسببت بإغلاق صحيفته.
«فرانس برس»