كتب - حسين التتان:
طغت في الآونة الأخيرة التصاميم الغربية الحديثة على المنزل البحريني، لجهة الأسقف القرميدية المائلة، والشرفات الواسعة والأبواب والشبابيك الخشبية العريضة، والحمامات والمطابخ الأمريكية والإيطالية.
هذه الأنماط العمرانية أزاحت البيت البحريني التقليدي من الواجهة، ذي الفضاءات الواسعة والشرفات العالية المطلة على الفناء الرئيس، والغرف المستطيلة والحمامات والمطابخ والمرافق التقليدية.
البعض أبى إلا أن يزاوج بين الأنماط الأوروبية والبحرينية، إذ تكون التصاميم الهندسية للبناء حديثة، مع لمسات تقليدية طالما ميزت العمران البحريني، الذي يعتمد على مواد لا تتحصل بسهولة في عصر الإسمنت، مثل النورة والجندل والبرستج والخوص والسعف وجذوع النخل.
بين التقليدي والمعاصر
بنى حسين القصاب منزله الجديد في سند على النمط الأوروبي الحديث، لكنه تدارك الأمر وأضاف ملحقاً للمنزل على الطريقة البحرينية التقليدية، ورغم التصاميم الفاخرة لمنزله، يقول حسين إن جميع من زاروه أكدوا له أن الملحق أكثر جاذبية وجمالاً من المنزل ذاته.
وتحسر جعفر سعيد بعد أن تكامل منزله، أنه لم يدخل بعض اللمسات التقليدية عليه، بعد أن شاهد منازل راقية بنيت على الشكل التقليدي، ووجدها في غاية الروعة والجمال، ما جعله يتأسف بسبب إهماله هذا الجانب المهم في تقنية البناء.
ويرى موسى عزام أن البناء التقليدي رغم جماليته وحفظه لهوية العمران البحريني، إلا أنه لم يعد عملياً، ولا يناسب أجواء البحرين، ولا يصلح أن يكون سكناً دائماً للأسرة، اللهم إلا إذا اقتصر الجانب التقليدي على لمسات خفيفة في التصاميم الخارجية والديكورات، لا أن يكون كل المنزل مبنياً على الطريقة الكلاسيكية، فهندسة المنازل الغربية أنسب وأكثر واقعية.
وندمت ريم محمد وزوجها لأنهما لم يضيفا لمسات هندسية تقليدية على منزلهما الجديد، وحاولا تدارك الأمر بأن صبغا المنزل بألوان تقليدية، وأثثاه وأضافا إليه ديكورات بحرينية تقليدية، فصار المنزل خليطاً بين الأوروبي والبحريني.
جزء من الهوية
سهام السالم وزوجها سقفا منزلهما الجديد وصمما بعض أركانه على الطريقة البحرينية القديمة، أما بقية المنزل فأوروبي حديث، لكن من يرى المنزل تجذبه السقوف والأركان التقليدية دوناً عن باقي أجزاء المنزل.
الحاج خليل إبراهيم يعتقد أن النمط التقليدي للبناء، لا يعرفه أو يدرك قيمته سوى من عاصره من جيل الخمسينات والستينات، وهؤلاء يرون العظمة في بناء يخلد عبق الماضي الجميل.
ويعترف الحاج خليل أن أبناءه ورغم عدم معاصرتهم للبناء التقليدي، إلا أنهم ينجذبون نحوه، لأن فيه من الروح والحياة والفن الراقي الذي يربط الإنسان ببيئته وواقعه.
ويشير الشاب محمد كاظم الذي يشيد منزله الجديد في منطقة سار، إلى أنه حاول قبل البدء في بناء المنزل أن يكون كله على الطريقة التقليدية، لكنه اصطدم بعائق الكلفة، فالبناء الكلاسيكي يكلف أضعاف نظيره المعاصر، لأن مواد البناء القديمة نادرة وباهظة الثمن، وشركات الهندسة ومقاولو البناء يطلبون مبالغ كبيرة لتصميم منزل على الطريقة البحرينية الخالصة.
ويرى سلمان أحمد أن بناء المنازل على الطريقة القديمة أو جزء منه، هي موضة انتشرت بين أبناء هذا الجيل، وربما هذا يؤكد جمالية البناء القديم باعتباره جزءاً من عناصر الهوية البحرينية.