كتبت ـ عايدة البلوشي:
في سعيها الجاد للتأسيس لثقافة حقيقية شاملة، تطال مختلف مجالات الفنون الإبداعية من شعر ومسرح وقصة ورواية وفكر ونقد، وبعد أن ودعت عام الثقافة العربية لتستقبل عام السياحة، تضرب البحرين موعداً آخر مع حدث ثقافي مختلف محلي الصنعة والتشكيل.
إذ يتحول مسرح الجزيرة في محافظة المحرق غداً إلى مركز ثقافي شامل، تقدم على خشبته مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية دون أن تقتصر على تقديم العروض المسرحية، وإن كانت ستبقى ركنها الأساس.
المركز يهدف ـ حسب القائمين عليه ـ إلى خلق نوع من التواصل بين الفئات المجتمعية، والتأسيس لقاعدة شبابية واعية مهتمة بالجانب الثقافي، والارتقاء بمستوى الثقافة والفنون في عموم البحرين، والإسهام في تطوير حركة الثقافة والفكر وتفعيلها، ونسج علاقات حوار وتواصل بين الكوادر والنخب المثقفة في البلاد.
مخاض الولادة
ولدى سؤال «الوطن» مدير العلاقات العامة والإعلام في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية زكريا خنجي.. لماذا تحول مسرح الجزيرة إلى مركز ثقافي شامل؟ أجاب خنجي أن التحول جاء بعد مرور 40 عاماً على تأسيس مسرح الجزيرة وتحديداً عام 1974 بمدينة المحرق، وبعد إنجازاته المسرحية المحققة داخل البحرين وخارجها، وبعد أن شكل ملتقى الجزيرة الثقافي توأماً أصيلاً للنشاط المسرحي طوال هذه المدة، وعندما بدأت فعالياته تحت مسمى «ملتقى الأحد الثقافي» مطلع عام 1984، واقترنت نشاطاته الأسبوعية بطرح القضايا المسرحية المختلفة تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، إضافة إلى عقد مناقشات حول المشاركات في المهرجانات الخليجية والعربية والدولية.
وأضاف «في مطلع التسعينات تطور النشاط الثقافي للملتقى حيث تم عقد ندوات ومحاضرات اقتصادية واجتماعية وسياسية وبشكل مستمر ومتواصل ومتطور، ما أدى إلى لفت أنظار المهتمين بالشأن الثقافي في البلاد، إلا أن الظروف والإمكانات المادية أعاقت استمرارية نشاط المسرح الثقافي المسرحي ابتداءً من عام 2008».
باب الثقافة الواسع
ويلفت خنجي إلى أن الرحلة التاريخية الطويلة لهذه المؤسسة الثقافية «مسرح الجزيرة»، بعد بزوغ فجر مركز الجزيرة الثقافي في مطلع 2013، يعتبر امتداداً طبيعياً ونتاجاً ثقافياً ولد من رحم هذه المؤسسة الثقافية العريقة، في محاولة جادة لإعادة التوازن الثقافي داخلها، بفضل الرغبة الأكيدة التي أجمع وتوافق عليها أعضاء المؤسسة وأصدقائها ومنتسبيها في ولوج عوالم الثقافة بمنظورها الشامل الواسع ومفاهيمها الحديثة، حيث أصبحت الثقافة وحدة لا تتجزأ ولا تقبل التقسيم.
ويقول إن ولادة مركز الجزيرة الثقافي بعد حوالي 40 عاماً من العطاء المتواصل، يعني أنه نشاط أصيل ومتجذر في جسد هذه المؤسسة الثقافية الشاملة وليس نشاطاً طارئاً، ومع ذلك يبقى النشاط المسرحي في جسم هذا المركز الثقافي العمود الفقير الذي تتكئ عليه مختلف أنشطته وله الأولوية بين المناشط والفعاليات المختلفة.
ويردف «نحن اليوم نعيد تأسيس المركز بعد عطائه الثقافي المميز الذي احتل مكاناً بارزاً على الخارطة الثقافية البحرينية، واستقطب العديد من الكوادر الثقافية والأكاديمية التي لعبت دوراً بارزاً في مشواره الثقافي وستلعب نفس الدور مستقبلاً».

*كيف تقيم الثقافة في المجتمع البحريني؟
في الحقيقة نحن أمة اقرأ ولكننا لا نقرأ، والثقافة تعتمد على القراءة وهنا لا أعني قراءة التخصص «أي في مجال تخصص الشخص»، إنما القراءة العامة فمن يقرأ اليوم الكتب الفكرية قلة نادرة، فالناس اتجهت إلى وسائل التواصل الاجتماعي رغم أن الكتاب اليوم أصبح متوفراً أكثر من السابق.
في المقابل هناك من يقرأ وأنا لست متشائماً في هذا المجال، بدليل أنه رغم الأحداث التي مرت بها البلاد، إلا أن هناك نخبة جيدة في المجتمع استطاعت بأفكارها أن تثبت وجود الثقافة في المجتمع البحريني.

*ماذا عن طموحاتكم المستقبلية للمركز؟
نطمح أن يحمل المركز عبء الثقافة خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن الوطن العربي يمر بمرحلة حساسة جداً، ونتمنى أن نسهم عبر مركزنا الثقافي الشامل مثل أية مؤسسة ثقافية في البحرين، للخروج من هذه المرحلة بأقل الخسائر ثقافياً على الأقل، ونوحد شرائح المجتمع، ونسهم بنشر الفكر الثقافي الصحيح.
قواعد التأسيس
ويقول أمين السر والمشرف على أنشطة المركز د.عبدالعزيز صويلح، إن المركز يضع نصب عينيه جملة أهداف، أولها خلق نوع من التواصل الثقافي في عموم المملكة والتأسيس لقاعدة من الشباب الواعي المهتم بالشأن الثقافي، والارتقاء بمستوى الثقافة والفنون في البلاد، والإسهام في تطوير وتفعيل الحركة الثقافية والفكرية، ونسج علاقات حوار وتواصل مع عموم المثقفين والمهتمين بالشأن الإبداعي، وربط العمل الثقافي بالواقع اليومي المعاش، وتبني المواهب الإبداعية الشبابية الجديدة في مختلف الفنون وإتاحة الفرص أمامها لإبراز مواهبها وتفوقها ونبوغها في ظل الإشراف والتوجيه لتصبح حصيلتها داخل إطار ملتزم بالقيم والأصالة والانتماء للوطن.
ويلخص صويلح هذه الأهداف برعاية النتاج المميز لعناصر المركز ودعمه وفتح الآفاق أمام نشره وتوزيعه والترويج له، والتفاعل مع كافة أنواع النشاط الثقافي المحلي بالحضور الجماعي والمشاركة الفاعلة، ورفع مستوى الوعي والتفكير لدى عناصر المركز وتطوير قدراتهم على التحليل والفرز والاستنتاج والحوار والمناقشة، والاهتمام بالعمل المسرحي كونه ركيزة تأسس المركز من خلالها، عن طريق تهيئة السبل للأعضاء المهتمين بشؤون المسرح لممارسة مختلف أوجه النشاط المسرحي والارتقاء بمستوى هذا الفن تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً، والوصول إلى المهتمين في المجال الثقافي ممن لم ينضموا إلى الجهات الأهلية والرسمية الثقافية ومحاولة إشراكهم في الأنشطة الثقافية.
ويضيف أن من أهداف المركز أيضاً الاهتمام بالعناصر الثقافية المميزة في البحرين واستقطابها للانضمام


للمركز وتدارس إبداعها، والاهتمام بالشؤون الثقافية المحلية والخليجية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، وعقد اتفاقيات ثقافية مع المؤسسات الخارجية ذات العلاقة وخصوصاً العربية لإبراز دور البحرين في حركة الثقافية العربية من خلال إسهام المثقف البحريني ونتاجه الثقافي.
بحرين المستقبل
ويعلق رئيس مجلس إدارة المركز د.محمد الكويتي بالقول «انطلقت فكرة تشكيل مركز الجزيرة الثقافي من مسرح الجزيرة باعتباره يمثل ركيزة تأسس المركز من خلالها، ويسعى المركز للنهوض بالعمل الثقافي في البحرين عن طريق نشر الوعي بين المواطنين، والاهتمام بجميع مجالات الثقافة وتطوير القنوات التعبيرية الفنية والأدبية والإبداعية، وصولاً إلى جعل العمل الثقافي أداة لبناء الإنسان البحريني الواعي المتحضر والمنفتح، والمتحرر من عقد الخوف والانطواء على الذات من أجل بناء بحرين المستقبل».
وعن وسائل تحقيق أهداف المركز يضيف الكويتي «هناك عدة وسائل لتحقيق أهداف المركز منها تنظيم لقاءات لمناقشة الأمور الثقافية ومتابعة ما تفرزه الحركة الثقافية المحلية والعربية بالنقد والتقييم، وكشف الظواهر السلبية قدر الإمكان، وتنظيم موسم ثقافي جماهيري رفيع المستوى، والمسابقات والمهرجانات الخاصة بهدف اكتشاف مواهب واعدة جديدة، والتخطيط لإنتاج أعمال ثقافية نوعية مميزة، ودعوة كافة العناصر الثقافية الموجودة على الساحة المحلية لتقديم تجاربها، وتكريس مبدأ التقييم لأنشطة المركز فصلياً لتطويره والنهوض بأعماله». ويردف «تحويل المسرح إلى مركز جاء ليكون النطاق أوسع وأكثر شمولية، حيث أننا لم نركز على النشاط المسرحي في المركز فقط، إنما سيكون النشاط شاملاً القصة والندوات والأمسيات الشعرية، دون إغفال الجانب المسرحي والذي سيكون ركناً من أركان المركز الرئيسة».
شمولية الأهداف
وعن الاستعدادات لتدشين المركز الشامل يقول رئيس مجلس الإدارة السابق محمد الجزاف «سعدنا بإشهار هذا المركز رسمياً بموجب القرار الوزاري رقم (5) والصادر سنة 2013، وبذلك فإن مركز الجزيرة الثقافي يرحب بانضمام جميع الطاقات والخبرات من المهتمين بشؤون الثقافة والفن والأدب لمواصلة هذه المسيرة وتقديم كافة الجهود لدعم هذا الصرح الثقافي العتيد التي تحتضنه مدينة المحرق، مدينة الثقافة والفن والعطاء المتجدد عبر التاريخ الحديث للبحرين».
ويضيف أن التدشين غداً سيكون بإشراف وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت بنت محمد آل خليفة، فيما وجهت الدعوات للشخصيات المهتمة بشؤون الفكر والثقافة وأعضاء الجمعيات الثقافية والأهلية ووسائل الإعلام، ويشمل برنامج التدشين تكريم عشرين شخصية من رواد المسرح والعاملين في المجال الثقافي.أعلنوا من أبوظبي رفضهم خطاب الإقصاء والفتنة
الأدباء العرب يدينون تدخل إيران بالشأن البحريني


دان الأدباء والكتاب العرب تدخلات إيران بشؤون البحرين الداخلية وتهديدها واستهداف عروبتها، معبرين عن رفضهم كل أشكال الفتاوى المثيرة للفتنة والاقتتال وشق صف الأمة.
وأعربوا في بيان ختامي تلا اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام في أبوظبي، عن قلقهم من صعود تيارات وجماعات تتبنى الخطاب التكفيري والإقصائي في بلدان الربيع العربي، حاثين الدول العربية على تبني قيم العدل والحق والمساواة والسياسة المتوازنة.
ودعا البيان إلى التعامل مع الواقع العربي الجديد بيقظة وانتباه، بعد صعود تيارات وجماعات تتبنى خطاباً تكفيرياً وإقصائياً يهدد الأمن القومي الثقافي والوحدة الوطنية، ويتيح للاتجاهات الطائفية والعنصرية أداء أدوار مشبوهة، ما يفرض التصدي له بروح جمعية تقدم المصالح القومية والوطنية العليا.
وحث بيان الأدباء الدول العربية على تبني قيم العدل والحق والمساواة والسياسة المتوازنة، لافتاً النظر إلى أن تيارات الإسلام السياسي والتطرف تجد طريقها إلى السيطرة سهلاً في حالة فراغ الأوطان من دساتير وتشريعات تكفل كرامة الإنسان العربي.
وأقر الاتحاد تخصيص يوم سنوي للاحتفاء بالثقافة الفلسطينية، يتضمن تنظيم أنشطة ومحاضرات وندوات ومعارض كتب في جميع المنظمات القطرية التابعة للاتحاد العام، للوقوف بوجه ما يتعرض له التراث الثقافي الفلسطيني من طمس لآثاره، وسرقة جزء من العناصر الثقافية المكونة لهويته الوطنية.
ودعا الاتحاد إلى تكريس فكرة الدولة المدنية، والنظر إليها كمشروع قومي ووطني قابل للتطبيق بتهيئة جميع أسبابه ووسائله، مع نبذ نزعات التطيف والتمذهب والانحياز للعصبيات والمصالح الضيقة، وتحقيق البيئة الوطنية للمكونات الاجتماعية دون استثناء.
وأهاب البيان بالدول العربية لمواجهة مخاطر تهويد القدس الشريف وعموم الأراضي الفلسطينية، مطالباً الدول العربية شعوباً وقيادات بمقاومة الاحتلال، فيما تبنى الاتحاد العام عقد مؤتمر سنوي موضوعه «مقاومة التطبيع» تتناوب الاتحادات العربية على تمويله واستضافته.
وأكد الاتحاد العام وقوفه مع السودان ضد التدخلات الأجنبية الهادفة لتمزيقه ومحو هويته العربية، مع التأكيد على حق الشعب السوري في الحياة الديمقراطية الكريمة.
وأعلن الأدباء تضامنهم مع مصر والسودان ضد المشروعات المائية الماسة بحقوقهما التاريخية والمشروعة في مياه النيل وفقاً للاتفاقات الدولية ذات الصلة، مؤكدين تضامنهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة وحقها المشروع في جزرها الثلاث «طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى»، وإدانة استمرار إيران في احتلالها، وعدم استجابتها للمطالبات المتكررة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة، أو التحكيم الدولي، والممارسات والتصريحات الإيرانية الأخيرة الرامية لتغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي لهذه الجزر.
ودان البيان الغارات المتكررة من الطائرات الأمريكية دون طيار على اليمن، وبارك لكافة الفرقاء السياسيين مؤتمر الحوار المنعقد في سبيل الخروج باليمن من مخاطر التشطير والاحتراب.
وعبر الاتحاد عن وقوفه مع الصومال في نضاله لاستعادة دوره كعضو حي وفاعل ومؤثر في الأسرة العربية، سيما سعيها لمحاربة قوى التطرف والظلامية.
وحث جميع الدول الشقيقة على الاهتمام بلغة الضاد، مطالباً الدول العربية التي لم تسمح حتى الآن بإقامة كيانات ثقافية تعبر عن الأدباء والكتاب إلى المبادرة بتشكيلها.