رجل فقير يبحث عن لقمة عيشه من جيوب الآخرين.. جعل التسول سقفاً لكفاحه ومنتهى لطموحه. أحدهم كان يدير له ظهره حتى يئس الطلب منه، والآخر داوم في التصدق عليه حتى أصبح ذلك واجباً ولزاماً عليه.
عندما قصرَ الآخر في عطائه ذات مرة، أخذَ الفقير يلومه بشدة وكأنه سببُ فقره، أو كأنه ملزوم بإعانته وراعٍ له، نسيَ كل ما فعلَ من أجله وتناسى أن اللوم يقع عليه أولاً.
تقاس القصة على عديد من المواقف منها: مديرون يئسنا من جمودهم وضعف مواقفهم، وعندما يظهر من نستجدي فيه الأمل ونبدأ بالاعتياد على قوة موقفه، نجدنا لا نرضى بأن نرى منه ذرة تقصير لأن أضواء الأمل تسلطت عليه وحده وكأنه الرجل الوحيد على وجه هذا الكون، وأن كل من دونه قد رفع عنهم القلم، أو أننا كلجنة التحكيم التي تكتفي بالمشاهدة وإبداء الملاحظات على الغير، فإما فخر وإما انتقاد، مهمتنا فقط أن نقيم الآخرين لنقرر في النهاية مصيرهم في إحدى القائمتين (السوداء أو البيضاء).
ليت كلاً منا يحمل نفسه مسؤولية ما ينتقد، ويسعى للإصلاح ولو بالنوايا فقط، يشكر الصنيع لمن يستحق الشكر، أو يكتفي بالصمت بدل انتقاد تقصير الناس في أمر لم يحاول البذل فيه.

سمية جاسم الحسن